«عدلخاه».. ورقة ضغط إيرانية على فرنسا

الأحد 29/ديسمبر/2019 - 12:34 م
طباعة «عدلخاه».. ورقة ضغط نورا بنداري
 
تستخدم إيران ملف «مزدوجي الجنسية» للضغط على الدول الأوروبية؛ من أجل تحقيق مصالحها وأهدافها السياسية والاقتصادية، وورقة تستخدمها طهران لتحسين موقفها التفاوضي مع تلك الدول، وهذا ما تقوم به حاليًّا مع فرنسا، إذ إن نظام الملالي في طهران يعمل على استغلال قضية الباحثة الفرنسية - الإيرانية «فريبا عدلخاه» المعتقلة في السجون الإيرانية منذ يونيو 2019، لتحقيق هذه الهدف.

 تعنت إيراني ومحاولات فرنسية

بعد اعتقال الباحثة الفرنسية في طهران، أعلن الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» أن عمليه اعتقالها غير مقبول، مطالبًا السلطات بالإفراج عنها، وأجريت عدة محاولات من قبل القنصلية الفرنسية للتواصل مع «عدلخاه»، الأمر الذي رفضته السلطات الإيرانية، بزعم أنها لا تعترف بمزدوجي الجنسية، وأن «عدلخاه» هي مواطنة إيرانية، ولا يحق للقنصلية الفرنسية التواصل معها، الأمر الذي دفع بباريس في 27 ديسمبر 2019؛ لاستدعاء السفير الإيراني لديها «بهرام قاسمي»؛ احتجاجًا على اعتقال أكاديميين فرنسيين، وهما الباحثة الإيرانية - الفرنسية «فريبا عدلخاه»، والباحث الفرنسي «رولان مارشال».

وأعلنت الخارجية الفرنسية في بيان لها عقب استدعاء السفير الإيراني، أنها طالبت «قاسمي» بالإفراج الفوري عن مواطنيها، وأن تظهر السلطات الإيرانية شفافية تامة، بشأن وضعهما، وأن يسمح بالتواصل مع المذكورين؛ خاصة بعد أن أعلنت «فريبا عدلخاه» دخولها إضرابًا عن الطعام.

ومنذ اعتقال الباحثة الفرنسية ترفض طهران توضيح أسباب توقيفها، ولذلك تواصل باريس محاولات الحصول على إيضاحات حول الأسباب، وبعثت «فريبا عدلخاه»  برسالة من داخل محبسها في 24 ديسمبر 2019؛ بينت فيها أنها تتعرض لعمليات التعذيب النفسي، ويتم انتهاك الكثير من حقوقها الأساسية، وأن اعتقالها جاء بسبب أعمالها البحثية.

و«فريبا عدلخاه» باحثة في معهد الدراسات السياسية بباريس، ومديرة الأبحاث في مركز الأبحاث الدولية في جامعة «سيانس بو» بباريس، وهي متخصصة في المذهب الشيعي، وتم اعتقالها في يونيو 2019، من قبل قوات الاستخبارات التابعة للحرس الثوري الإيراني، بعد وقت قصير من وصولها إلى إيران.

ما سبق، يعني وجود بعض التفسيرات التي توضح مساعي إيران من خلال ورقة الباحثة الفرنسية ذات الجنسية المزدوجة لإبرام صفقة مع فرنسا، تمكن إيران من الحصول على مكاسب، قد تكون صفقة تبادل أسرى أو معارضين في باريس؛ خاصة أن فرنسا يوجد بها عدد من أعضاء منظمة «مجاهدي خلق» الإيرانية المعارضة للنظام، أو صفقة مالية تحصل عليها إيران من السلطات الفرنسية كما فعلت سابقًا مع دول أخرى للإفراج عن معتقليهم من مزدوجي الجنسية، فضلًا عن أن النظام الإيراني يريد أن تتوسط فرنسا من أجل تخفيف العقوبات الأمريكية على طهران.

مناورة إيرانية

يوضح «أحمد قبال» الباحث المختص في الشأن الإيراني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنه بات من الواضح أن توقيت اعتقال الباحثة الفرنسية «فريبا عدلخاه» يونيو 2019؛ كان بمثابة مناورة من الحرس الثوري للضغط على فرنسا؛ لبذل مزيد من الجهود على طريق تخفيف العقوبات الأمريكية التي أثقلت كاهل الاقتصاد الإيراني، وبدأت تداعياتها تنعكس على المواطن العادي، وتدفعه باتجاه انتفاضة لا تؤمن بسياسات النظام.

ولفت «قبال» في تصريح لـه، إلى أن النظام الإيراني تعمد منذ اعتقال الباحثة الفرنسية المماطلة في رفض طلب فرنسا الوصول إليها، بحجة أن القوانين الإيرانية لا تسمح بذلك، كما رفضت طهران مرارًا طلب الإفراج عنها، وألصقت بها سلسلة من الاتهامات بالتجسس والعمل على قلب النظام.

أهداف الملالي

وأشار «قبال» إلى أنه رغم الجهود الفرنسية التي بذلت في الفترة الماضية بالتعاون مع أطراف الاتفاق النووي لتخفيف حدة العقوبات الأمريكية، وتمكين النظام الإيراني من تخطي آثار العقوبات، إلا أن طهران تملصت من بعض التزاماتها النووية، وأخلت تدريجيًّا بالنسب المقررة لتخصيب اليورانيوم.

وأضاف أنه نتيجة لذلك؛ كان من المتوقع أن ترد طهران الجميل بالإفراج عن الباحثة الفرنسية، إلا أن سقف الطموحات والمساومات الإيرانية لا نهاية له؛ خاصة أن طهران تدرك حساسية هذا الملف بالنسبة للرأي العام والحكومة الفرنسية، لكن باريس في المقابل تحاول من خلال التلويح بأزمة دبلوماسية للضغط على طهران لإنهاء هذا الملف، فاستدعت السفير الإيراني في باريس.

وبين الباحث المختص في الشأن الإيراني، أن إفراج إيران عن الباحثة الفرنسية يعتمد على محورين أساسيين، الأول: يتمثل في استجابة فرنسا لمطالب إيران، ومواصلة جهودها لتخفيف آثار العقوبات الأمريكية، والثاني: توظيف الدبلوماسية والتلويح بأزمة علاقات قوية حتى توازن طهران بين طموحاتها وما يمكن أن تخسره.

شارك