ضحايا واستنزاف للمساعدات.. الإرهاب يضرب الصومال

الأحد 29/ديسمبر/2019 - 12:38 م
طباعة ضحايا واستنزاف للمساعدات.. شيماء حفظي
 
عاشت الصومال يومًا داميًا فوقع نحو 100 شخص ضحية لعمل إرهابي، في وقت تصعد حركة شباب المجاهدين، هجماتها خلال الشهرين الأخيرين، ليس فقط عمليات القتل؛ لكنها أيضًا تمنع وصول المساعدات الكافية للمدنيين والمصابين.

وتعدت حصيلة الانفجار العنيف لسيارة مفخخة في منطقة مكتظة بالعاصمة الصومالية مقديشو، السبت 28 ديسمبر 2019، إلى 90 قتيلًا على الأقل وعشرات الجرحى، بحسب ما أفاد مسؤول في خدمة الإسعاف.

وحركة الشباب الصومالية، التي تنقلت في ولائها للحركات الإرهابية ما بين «القاعدة» و«داعش» لتتوحش أكثر، تسعى لتقوية وجودها بعد سقوط التنظيم الأخير في سوريا والعراق ومقتل زعيمه «أبوبكر البغدادي» أكتوبر 2019.

ورغم تمكن القوات الصومالية بمساعدة دولية من إبعاد الإرهابيين عن العاصمة، لكنهم يتمركزون بشكل قوي في المناطق الريفية، وتمتلك اكتفاء ذاتيًّا من حيث التدريب والتمويل، وتركز على حربها في التفجيرات، التي تستهدف العاصمة بين حين وآخر للفت الانتباه.

 وقال وزير خارجية الصومال، أحمد عيسى عوض، يجب إعادة بناء المؤسسات، لتمثل القوة الفاعلة في مواجهة الإرهاب، مشيرًا إلى أن حركة الشباب لديها مصادر تمويل، أعطتها القوة المالية التي تمكنها من شن هجماتها.

«الصوماليون ليس لديهم الفرص المالية التي تمكنهم من أن يواجهوا حركة الشباب، بسبب الحروب الأهلية، وضعف مؤسسات الدولة، ونقص الفرص في المجتمع، فإن مجموعة الشباب، وجدت الفرصة لاستخدام بعض الأفراد من الخارج» بحسب عوض.

لكن من أين يأتي تمويل الجماعة الإرهابية؟، هذا ما كشفه تحقيق ميداني أجرته قناة CNN الإخبارية الأمريكية في 2018، عن حصول حركة الشباب على ملايين الدولارات سنويًّا، بالاستيلاء على أموال المساعدات الخارجية التي ترسلها الدول الغربية والمخصصة لمحاربة الجماعة الإرهابية.

وقال التحقيق إن الأموال التي قدمتها الأمم المتحدة مباشرة إلى النازحين من المواطنين بسبب الصراعات الداخلية والمجاعة تنتهى في أغلب الأحوال في أيدى مقاتلي الجماعة، مستندًا إلى شهادات أعضاء سابقين في حركة الشباب، وإفادات عملاء الاستخبارات الصومالية، والتي تشير إلى أن الجماعة الإرهابية تحصل آلاف الدولارات يوميًّا عن طريق حواجز الطرق والكمائن، فضلًا عن فرضها الضرائب على التجار الذين يحاولون نقل المواد الغذائية والإمدادات لبيعها إلى المشردين داخليًّا في المدن التي يتركزون فيها.

كما تفرض حركة الشباب إتاوات على أصحاب الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية قبل دخولها إلى الأسواق في المدن، فيما تقدر حصيلة الأموال التي تحصلها الحركة من الشاحنات والمركبات الأخرى في حاجزين على طريق مدينة بيدوا، بعشرة آلاف دولار يوميًّا، وذلك وفق تقرير للأمم المتحدة.

ووفقًا للتحقيق فإن الوضع الأمني الهش في الصومال، يساعد تمدد نفوذ حركة الشباب – المسيطرة على ثلث البلاد تقريبًا – إلى جانب الفساد المستشري في النظام الصومالي، يساعد على استمرار ضخ ملايين الدولارات للحركة الإرهابية، كما إنها تنبئ بأن تصبح الصومال أرضًا جاذبة لمتطرفي داعش.

وتمثل أزمة المساعدات الإنسانية حجر زاوية رئيسي في التعامل الدولي مع حركة الشباب وضحاياها، ففي مطلع سبتمبر 2019، منعت ستّ من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، إدراج حركة الشباب الصومالية على لائحة منظمات تستهدفها عقوبات دوليّة بينها القاعدة وتنظيم داعش، بحسب ما أعلنت مصادر دبلوماسية لإذاعة مونت كارلو الفرنسية.

وكانت منظمات غير حكومية عديدة ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدة الإنسانية تدخلت لمنع إدراج الجماعة على اللائحة لأن ذلك يمكن أن يحرم ملايين الصوماليين الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها المتطرفون من المساعدات الإنسانية.

وقال مصدر دبلوماسي، حينها، إن ألمانيا وبلجيكا وبولندا وفرنسا والكويت والولايات المتحدة هي الدول الست التي أعاقت هذا الإجراء، في المقابل، بذلت كينيا منذ نوفمبر 2018 جهودًا كبيرة بهدف توسيع العقوبات المفروضة على الحركة الصومالية.

وطالبت كينيا بتعديل القرار 1267 الذي يفرض عقوبات على تنظيمي القاعدة وداعش والجماعات "التابعة لهما"، ويعتمد جزء كبير من سكان الصومال على المساعدة الدولية بعد ثلاثة عقود من الحرب والدمار الاقتصادي.

وقال منتقدو الإجراء إن إدراج حركة الشباب في القرار 1267 سيؤدي إلى تجريم تقديم مساعدات من جانب الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية إلى هؤلاء السكان الصوماليين.

وكانت الصومال أبلغت الأمم المتحدة مؤخرًا بأن اتخاذ إجراءات من هذا النوع «سيعزز رواية الشباب وصورة الجماعة كحكومة بحكم الأمر الواقع في المناطق التي يبقى وصول الدولة إليها محدودًا».

شارك