«إخوان المغرب» ومحاولات الصمود.. الجناح الشبابي يزعج «العثماني»

الإثنين 30/ديسمبر/2019 - 09:53 م
طباعة «إخوان المغرب» ومحاولات دعاء إمام
 
يتجه حزب العدالة والتنمية، الذراع السياسية لجماعة الإخوان بالمغرب، نحو المزيد من الانقسامات إثر صراعات داخلية متوقع تفاقمها خلال الفترة المقبلة، بما يمكن أن يهدد مستقبل الحزب الذي يقود الحكومة، برئاسة سعد الدين العثماني، في ظل تأهب الأحزاب المغربية لانتخابات تشريعية مرتقبة.

ظلال ثقيلة وخلافات داخلية
بمتابعة تطورات الأزمة الداخلية للعدالة والتنمية المعروف بـ«البيجيدي» و«المصباح»، يتوقع أن تلقي الانقسامات والمشاكل الحالية بظلال ثقيلة على مستقبل الحزب؛ لا سيما بعد الظهور المتكرر لعبدالإله بنكيران، الذي يقود المعسكر الشبابي.

ويخشى «العثماني» تراجع فرص حزبه في قيادة الحكومة مع الانتخابات التشريعية التي ينتظرها المغرب بحلول عام 2021، في ظل تفاقم أزمات «البيجيدي»
على صعيد متصل أشارت تقارير مغربية إلى وجود خلافات داخلية حادة وسط مخاوف من أن تؤثر على أداء الحكومة التي يرأسها «العثماني» والذي يواجه الكثير من التحديات؛ ومن ضمنها ملفات التنمية والتشغيل والمفاوضات الاجتماعية، وهي تركة ثقيلة أورثها رئيس الحكومة السابق «بنكيران» لخلفه المنتمي لنفس الحزب.
وأشار موقع «هسبريس» الإخباري المغربي، إلى أنه في الوقت الذي كان فيه أعضاء حزب العدالة والتنمية يمنون النفس بأن يفتح الحزب المجال أمام النقاش السياسي الجدي الذي يحدد تصوراته للمرحلة المقبلة، تحولت العلاقة بينهم إلى صراع بين مؤيد لـ«بنكيران» ورافض لديكتاتورية الأمين العام الحالي التي ستنتج حزب أشخاص لا حزب مؤسسات.

 انحراف حزبي وجدل عقيم
وفيما يواجه «بنكيران» سيلًا من الاتهامات والانتقادات، هدد قياديون من الصف الأول بالاستقالة إذا تم تعديل قوانين الحزب، وسيطرت الاتهامات المتبادلة بين المعسكرين (الداعمين لـ"بنكيران" والرافضين لتوليه الأمانة العامة للحزب لولاية ثالثة) على اجتماعات الأمانة العامة للحزب، بينما غابت النقاشات السياسية سواء المتعلقة بكيفية خروج الحزب من أزمته الداخلية أو تلك المتعلقة ببرامجه السياسية المستقبلية.
وبحسب تصريحات منسوبة للنائب عبداللطيف برحو، القيادي في العدالة والتنمية، فإن الحزب بدلًا من أن يناقش تصورات سياسية مبنية على المعطيات والمستجدات التي يعرفها المغرب في سياقيه الوطني والدولي، وجدوا أنفسهم أمام نقاش تنظيمي يكاد يقسم الحزب إلى طائفتين أو أكثر، قائلًا:« النقاش داخل الحزب انحرف بشكل خطير ليغرق الحزب في جدل لا يطاق»
وحذّر من استمرار الخلافات والتجاذبات داخل الحزب، دون نقاش سياسي حقيقي وحوار داخلي، داعيًا إلى التركيز على صياغة مشروع رؤية سياسية ومجتمعية وتنموية والذهاب بها للمؤتمر الوطني وإلا فإن اللغط سيشتد أكثر والاتهامات ستتفاقم، ما قد يضعف الحزب.

وقال «برحو» : بدل أن نصوغ إجابات سياسية ومجتمعية وتنموية لمشاكل المغاربة، غرقنا في وحل الجدل حول من يجب أن يكون أمينًا عامًا وذلك رغم أن منهج الحزب يحرّم هذا النقاش خارج المؤسسات، لقد وجدنا أنفسنا جميعًا خارج المنظومة الترشيحية التي اعتمدناها منذ بداية العمل السياسي.

محاكم التفتيش
في منتصف ديسمبر 2019، عاد الأمين العام السابق، عبدالإله بنكيران، إلى المشهد عبر تصريحات نارية، كشفت بها النقاب عن حجم عمليات التحقيق الداخلية التي أصبح يتعرض لها أعضاء الحزب بسبب آرائهم، زاعمًا أن عهده لم يشهد مثل هذه الممارسات.
وجاءت تلك التصريحات عقب تعرض مجموعة من الشباب للتحقيق بسبب بعض المنشورات التي نشروها عبر صفحاتهم الشخصية بمواقع التواصل، وأكد «بنكيران» أنهم تعرضوا لتحقيق يشبه ما يحدث داخل أقسام الشرطة، والتهمة تتمثل في إبداء رأيهم تجاه سياسات الحزب.
وأفادت صحف مغربية أن عددًا كبيرًا من شباب «العدالة والتنمية»  تم استدعاؤهم للمثول أمام لجنة خاصة والخضوع للاستجواب، وهو ما شمل أعضاء مثل الكاتب الإقليمي للحزب بقلعة السراغنة ومستشار جماعي للحزب بمدينة تمارة، ووجوه نشيطة أخرى تقيم داخل وخارج المغرب.
وفضح «بنكيران» جانبًا من المطبخ الداخلي للحزب المحسوب على جماعة الإخوان، الذي يحرص على عدم إظهار خلافاته الداخلية إلى العلن، مشيرًا إلى أن قيادة الحزب باتت تُحقق مع الإخوان المعارضين لها مثل «البوليس»، محذرًا القيادات الحالية من الركض خلف المصالح والوصول للمناصب على حساب المبادئ.
وحرّض الأمين العام السابق شباب الحزب على عدم السكوت على الانحرافات التي تقع داخل «العدالة والتنمية» وقال: إنه كان ضد سلسلة من الإجراءات، منها قانون الإساءة للحزب، الذي مرره «العثماني» من أجل إسكات الأصوات المعارضة لهم.

ولاية ثالثة لـ«بنكيران»
يعتقد المتابعون لتطورات الأزمة الداخلية لحزب العدالة والتنمية، أن المشاكل الحالية والانقسامات قد تلقي بظلال ثقيلة على مستقبل الحزب في حد ذاته وأن مجمل الاشكاليات قد ترحل إلى المؤتمر المقبل للحزب، ما يشتت الجهود الرامية للحفاظ على موقعه في صدارة الأحزاب المنافسة.
ويتمتع الأمين العام السابق لـ«البيجيدي» بدعم قطري، إذ استفاد من أزمة مشروع قانون «فرنسة التعليم» التي فجرها البرلمان المغربي في أغسطس الماضي، وإذ كان تصويت حزبه لتمرير القانون سببًا في إعادة ظهوره مجددًا، عبر تصريحات مناهضة لـ«العثماني»، إضافة إلى وجوده ضمن اللجنة برفقة أحمد الريسوني، رئيس ما يُعرف بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، التابع لجماعة الإخوان.
ولا يكف «الريسوني» المقيم في قطر، عن نقد «العثماني» وتفخيم «بن كيران»، إذ توقع أن يعود رئيس الحكومة السابق إلى العدالة والتنمية، مؤكدًا أن الحزب يريده، وفي المرة الماضية كان قانون الحزب لا يسمح له بذلك، أما الآن فليس أمامه أي مانع قانوني، فإذن في المؤتمر المقبل ستكون له شعبية كبيرة، وسينتخب بن كيران أمينًا عامًا لحزب العدالة والتنمية، وطبعًا هذه هي بوابة عودته الكاملة إلى السياسة، بحسب قوله.
وبسؤاله عن احتمالية حدوث انقسامات في الحزب في حال عودة «بن كيران»، قال «الريسوني»: «نحن نتحدث عن انتخاب بن كيران أمينًا عامًّا للحزب، وهو الذي سيشكل أمانة عامة جديدة، ودون شك سيكون فيها من سيتوافقون معه ومن يعارضونه، وهو سبق له أن اختار من يعارضونه، والآن العثماني فعلها هو أيضًا، واختار من يعارضونه في الأمانة العامة.. إذا سارت الأمور بشكل طبيعي، سينتخب بن كيران أمينًا عامًّا لحزب العدالة والتنمية، وبأغلبية كبيرة، ولن يكون أمامه أي عائق قانوني كما كان في المرة السابقة».
وقال المحلل السياسي المغربي والباحث في الشؤون الإسلامية إدريس الكنبوري، إن  بنكيران يريد اختطاف حزب العدالة والتنمية، بأي ثمن من خلال تعديل المادة التي تخول له التقدم لولاية ثالثة وسد الطريق أمام الوزراء في الأمانة العامة وإحاطة نفسه بجماعة من المصفقين.
وأوضح أن في تدوينة على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» إن الصراعات داخل الحزب التي بدأت تخرج إلى العلن تؤشر إلى بداية التصدع داخل هذا التنظيم الذي كان يقدم نفسه دائمًا كحزب متراص وموحد، غير مستبعدٍ وجود حسابات سياسية وأخرى شخصية قديمة متجددة وراء الصراعات الحالية.

شارك