الحرب بالطريقة الألمانية.. برلين تكافح إرهاب الساحل الأفريقي بمبادرة جديدة

الإثنين 30/ديسمبر/2019 - 10:24 م
طباعة الحرب بالطريقة الألمانية.. أحمد عادل
 
أصبحت منطقة الساحل والصحراء، هي الشغل الشاغل بالنسبة لفرنسا، في الوقت الحالي، خاصةً بعد الهجمات الأخيرة التي شهدت المنطقة، 2 ديسمبر 2019؛ ما اسفر عن مقتل 13 جنديًّا من قواتها، في ارتطام مروحيتين خلال عملية مطاردة لمتطرفين جنوب شرقي مالي، تلك الهجمة التي زادت من عزيمة القوات الفرنسية للثأر، ومطالبة القوي الأوروبية والدولية إلي مساعدة أكثر فاعلية في منطقة الساحل والصحراء وذلك خلال زيارته لـ«ساحل العاج و النيجر» في الفترة 20 ديسمبر إلى 22 ديسمبر 2019.
هذا الطلب، كان له صدىً واسعًا في أوروبا؛ ما دعا ألمانيا إلى اصدار بيان رسمي للرد على طلبات فرنسا؛ حيث رفضت ألمانيا مجددًا الطلب الذي تقدم به فرنسا إليها، وإلى عدد من الدول الأوروبية؛ لدعم تشكيل قوات أوروبية خاصة؛ لمحاربة الجماعات المسلحة في مالي ومنطقة الساحل والصحراء بشكل عام.
وأوضحت وزارة الدفاع للكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر المعارض الألماني، أن الوضع المتأزم في منطقة الساحل تقع مسؤوليته على الجماعات المسلحة والجريمة المنظمة، مضيفًا أن المسلحين يتحركون بحرية واسعة بالمنطقة، وأن بمقدورهم التصرف على نحو غير مقيد، واصفةً أداء القوات المالية بـ«الضعيف» وفعالية القوة المشتركة لدول الساحل الخمس بأنها «منخفضة حاليًّا».

إعادة التفكير 
كما دعت وزيرة الدفاع الألمانية إنيجريت كرامب كارنباور، إلى منح تفويض أكثر شمولًا وقوة لجيش بلادها في أفريقيا، مشددة على ضرورة ألا تتملص ألمانيا من العمل في هذه المنطقة.
وأوضحت وزيرة الدفاع الألمانية، أن الجيش الفرنسي يسير حاليًّا في منطقة الساحل «بتفويض أكثر قوة وثباتًا»، مضيفةً أن فرنسا تحقق ذلك؛ كي يتسنى للجيش الألماني ولمنظمات مدنية تأسيس شيء هناك في أمان، لافتةً إلى أنّ شركاء ألمانيا في أمريكا وأوروبا يتساءلون حاليًّا عما إذا كان يمكن أن يظل الوضع كذلك فيما يتعلق بتوزيع العمل، وشددت على ضرورة ألا تتملص ألمانيا من العمل في هذه المنطقة، مؤكدةً أنه يتعين على ألمانيا التفكير «إذا ما كنا نريد حقا الاهتمام بالاستقرار في تلك المنطقة لمصلحتنا الخاصة أم لا». 

الحرب على الطريقة الألمانية
في أغسطس 2019، أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اعتزام بلادها تعزيز مكافحة الإرهاب في غرب أفريقيا في حضور رئيس منظمة الـ«G5» ورئيس بوركينا فاسو، روش مارك كابوريه، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مؤكدًة أن التنمية تلعب دورًا بارزًا في إيقاف تمدد التنظيمات المسلحة؛ حيث التنمية بدون أمن غير ممكنة، ولذلك يتعين علينا تعزيز الوجود الأمني فى منطقة الساحل والصحراء الأفريقي، مشيرةً إلى أن المبادرة الألمانية الفرنسية تحظى بدعم كل دول مجموعة السبع الكبار.
وفي 2017، أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أن بلادها ستمنح 1.7 مليار يورو لدعم مجموعة دول الساحل في حربها على الإرهاب، وتوفير جميع سبل الأمن والأمان في منطقة غرب أفريقيا.
ويوجد الجيش الألماني، في منطقة الساحل والصحراء الأفريقية، من خلال بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي«مينوسما»؛ حيث يمتلك الجيش الألماني هناك قاعدة نقل جو؛ حيث يتم نقل الأشخاص والمواد من وإلى النيجر، كما تعمل القاعدة أيضًا على تأمين الرعاية للجرحى، كما يشارك الجيش الألماني في مهمة الاتحاد الأوروبي التدريبية بنحو 150 جنديًّا، وتهدف هذه المهمة إلى جعل القوات المالية قادرة على توفير الأمن في البلاد بنفسها.
وتعتبر المهمة الأممية مينوسما، واحدة من أكبر مهام الأمم المتحدة؛ حيث يتمركز 11 ألف جندي تابع للمنظمة الدولية في مالي، إضافةً إلى أكثر من 1500 شرطي ومدني، وتهدف المهمة إلى دعم اتفاقات الهدنة وإجراءات بناء الثقة، وتشارك ألمانيا هناك بنحو 950 جنديًاّ.
كما يشارك الاتحاد الأوروبي في مالي منذ 2013 بمهمة تدريب للقوات المالية وقوة الانتشار الإقليمية جي5 في منطقة الساحل «موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد».
ويشكل الظهير الصحراوي لمنطقة الساحل الأفريقي ممرًا آمنًا يستخدمه المتشددون لمواجهة السلطات المحلية والأجنبية، وإحداث فوضى أمنية في تلك المنطقة التي تشكل أهمية إستراتيجية لأمن الولايات المتحدة القومي، ولغيرها من القوى الأخرى الدولية الأخرى.
وتواجه منطقة الساحل والصحراء الأفريقي تنامي التهديد الإرهابي والجريمة المنظمة؛ إذ تنفذ الجماعات المسلحة عمليات دامية على طول الشريط الساحلي لهذه الدول، وكان تنظيم داعش الإرهابي من بين التنظيمات التي تحاول وضع موطئ قدم والانتشار، خاصةً بعد انتهاء وجود التنظيم في سوريا والعراق، ومنذ إعلان زعيم التنظيم المقتول في أكتوبر 2019 «أبي بكر البغدادي» في حديث مصور له أواخر أبريل 2019، والذي ظهر فيه بعد غياب لمدة 5 سنوات، إقامة ما تُسمى ولاية غرب أفريقيا، ينفذ التنظيم الإرهابي من بعدها الكثير من العمليات في منطقة الساحل والصحراء.
أيضًا يتمتع تنظيم «القاعدة»، بحضور قوي في المنطقة؛ إذ تمكن من تشكيل أكبر تحالف له على مستوى العالم، وهو ما يُعرف بـ«نصرة الإسلام والمسلمين»، والذي تأسس في مارس 2017؛ نتيجة اندماج أربع حركات مسلحة في منطقة الساحل، وهي: «أنصار الدين، وكتائب ماسينا، وكتيبة المرابطين، وإمارة منطقة الصحراء الكبرى».

شارك