بعد تراجع ألمانيا.. فرنسا تقود الحرب على الإرهاب بدول الساحل الأفريقي

الأربعاء 01/يناير/2020 - 03:27 م
طباعة بعد تراجع ألمانيا.. شيماء حفظي
 
تقود فرنسا جبهة دولية لمكافحة الإرهاب وتمويله في منطقة الساحل الأفريقي، لكن مع بدء تراجع اللاعبين الأساسيين في الفريق أمام الخصم المعتاد "الإرهابي" تواصل باريس دورها كرأس حربة في المواجهة. 

ومنطقة الساحل، هي منطقة شبه قاحلة تمتد إلى 10 بلدان، تكاد تصل إلى نقطة الانهيار؛ إذ أدت الأزمات الغذائية المتكررة ونقص المياه إلى تفاقم الانقسامات العرقية، وتوطن الفقر والفساد.

وهناك أربع دول هي الأكثر تضررًا من العنف، وهي: (مالي، والنيجر، وتشاد، وبوركينا فاسو)، وأثبتت تقارير دولية أن هذه الأرض القاحلة خصبة للجماعات الارهابية؛ إذ عمل تنظيم القاعدة في المنطقة لعدة سنوات، بعد أن اكتسب موطئ قدم في صحراء شمال مالي؛ عقب انهيار الدولة الليبية في عام 2011، تبعه في ذلك تنظيم «داعش».

وتحتاج المجموعات الإرهابية إلى التمويل، وتستخدم لذلك جميع الوسائل المتاحة أمامها، بما في ذلك التكنولوجيات الحديثة المخصصة لجمع الأموال وتحويلها، ما دعا فرنسا في 2018 لتنسيق جهود البلدان العازمة على تحديد جميع مصادر تمويل الإرهاب وإنضابها.

تضمنت المبادرة الفرنسية، منطقة الساحل الأفريقي، بتنسيق العمل بين القوة المشتركة التابعة للمجموعة الخماسية (بوركينا فاسو ومالي وموريتانيا والنيجر وتشاد) لمنطقة الساحل لتشمل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود والاتجار بالبشر.

ولتعظيم مكافحة الإرهاب، اتفقت ألمانيا وفرنسا على إنشاء الشراكة من أجل الأمن والاستقرار في منطقة الساحل، مع بلدان المنطقة بهدف تعزيز فعالية الجهود المبذولة في مجالَي الدفاع والأمن الداخلي، وإلى تحسين سُبل تنسيق الدعم الدولي وإلى دعم الإصلاحات الضرورية في هذين المجالَين.

لكن بعد سنوات من العمل ضد الجماعات الإرهابية في المنطقة، قررت ألمانيا عدم المضي قدمًا في دعم تلك العمليات مستقبلًا، وعللت ذلك بأن «الإرهاب مستشرٍ ومتجذر في تلك المنطقة».

وبحسب ما ذكرته صحيفة دويتش فيله الألمانية، فإن وزارة الدفاع الألمانية تلقت طلبًا من فرنسا يشمل ألمانيا ودولًا أوروبية أخرى، لتقديم دعم لتشكيل قوات دولية خاصة، إلا أن الموقف الألماني جاء حاسمًا بالرفض.

وبحسب ما نقتله الصحيفة، عن الوزارة «جاء تقييم الوزارة قاتمًا للأوضاع الأمنية في منطقة الساحل، وأن الجماعات الجهادية والجريمة المنظمة مسؤولة عن الوضع التهديدي في المنطقة».

وربما وجدت وزارة الدفاع الألمانية أنه لا فائدة من إرسال قوات لمحاربة المتطرفين في مالي؛ حيث قالت إن الإرهابيين لديهم حرية حركة واسعة وبإمكانهم التصرف على نحو غير مقيد.

تمثّل المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل التي اتّخذت من «نواكشوط» مقرًا لها إطارًا للتعاون الحكومي الدولي أُنشئ في 16 فبراير 2014 بتحفيز من الرئاسة الموريتانية والاتحاد الأفريقي.

وتنوي منظمة المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل مكافحة انعدام الأمن وتنفيذ أنشطة إنمائية من أجل فكّ عزلة هذه المنطقة.

وأعلن رؤساء الدول الخمس في المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل بصفة رسمية تشكيل القوة المشتركة العابرة للحدود في باماكو في 2 يوليو 2017 بهدف توحيد جهودهم في مكافحة التهديدات الأمنية في المنطقة، وأقرّ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تشكيل هذه القوة العسكرية المشتركة في القرار 2359 الذي أصدره في 21 يونيو 2017 والذي حظي بدعم فرنسا.

وتتولى هذه القوة المشتركة التي يؤيّدها مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الأفريقي مهمة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود والاتجار بالبشر في بلدان المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل. وأجرت القوة المشتركة أولى عملياتها العسكرية في نوفمبر 2017 بمشاركة القوات العسكرية لبوركينا فاسو ومالي والنيجر.

وتضمّ كامل قدرات القوة العملياتية 5 آلاف عنصر (سبع كتائب موزعة على ثلاثة أقاليم في الغرب والوسط والشرق)، وتنفّذ عملياتها العسكرية على مسافة تبعد 50 كيلومترًا من جانبي الحدود المشتركة.

وتتولى «بوركينا فاسو» منذ عام 2019 توفير التحفيز السياسي للقوة المشتركة، في حين يضطلع وزراء الدفاع في بلدان المجموعة الخماسية بتحقيق الرقابة الإستراتيجية، وقد قُدّمت مساهمات مالية تصل قيمتها الإجمالية إلى 414 مليون يورو، وسيُخصص هذا المبلغ لتدريب الجيش التابع للمجموعة الخماسية ولتزويده بالعتاد.

كما أعدّت المجموعة الخماسية في عام 2014 برنامجًا استثماريًّا ذا أولوية  يتضمن 40 مشروعًا إقليميًّا تبلغ تكلفتها 2.4 مليار يورو، بينها تأهيل الطرق والجسور والخطوط الجوية وتوسيع تغطية شبكات الهاتف والانتفاع بالموارد كالمشاريع المائية والزراعية، والتزويد بالطاقة الكهربائية) وبرنامج إرساء الاستقرار الطارئ الذي يجب تنفيذه فورًا في المناطق الأكثر هشاشة.

وأعلنت فرنسا في ديسمبر 2018 تقديم مساعدات بقيمة 220 مليون يورو من أجل العمل على تنمية المنطقة، وتخصص 90 مليون يورو منها لبرنامج إرساء الاستقرار الطارئ.

رغم تلقي فرنسا خسائر من عمليات مكافحة الإرهاب في الساحل الأفريقي، لكنها ماضية في دعم الدول الخمس لمكافحة التطرف.

وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقد قمة في 13 يناير المقبل مع رؤساء دول الساحل الأفريقي؛ بهدف محاربة الإرهاب، وقال إن القمة تسعى إلى تقديم توضيحات في ملف محاربة الإرهاب في هذه المنطقة من أفريقيا.

وتأتي خطوات فرنسا الداعمة لمواجهة الإرهاب في المنطقة الأفريقية، انطلاقًا من حماية نفسها وأوروبا، بحسب وصف ماكرون.

ويرى الرئيس الفرنسي إن الحرب على الجهاديين في منطقة الساحل تشهد «منعطفا»، وأن «الأسابيع المقبلة حاسمة».

شارك