بتوظيف الأزمات واستغلالها برجماتيًّا تتغير المعايير وتنهار الصور النمطية عند جماعات الإسلام السياسي، ولعل أبرز دليل على تلك النفعية هو تشابه موقف فرع جماعة الإخوان في موريتانيا مع الجماعة الأم، في اللجوء لتصعيد القيادات النسائية للواجهة، بعد أن ظلت المرأة تابعة لعقود؛  ففي الوقت الذي تحكم فيه القبضة الأمنية على نشاطات الجماعة، يلجأ «الإخوان» إلى الزج بالمرأة في مواجهات مع السلطة، حيث اختار الجناح النسائي لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «تواصل» قيادة نسائية جديدة للمرحلة المقبلة.

ونظمت المنظمة النسائية للحزب المحسوب على جماعة الإخوان، مؤتمرها الرابع بعنوان « نعزز المكاسب ونحمي الحقوق» في العاصمة نواكشوط، بحضور عدد من الوفود من تونس والجزائر وليبيا ومالي، وأغلبهن ينتمين لأحزاب إسلاموية متقاربة في الفكر والرؤى من الإخوان.

أكذوبة الإصلاح

روجت المنظمة النسائية لـ«تواصل» لانتخاب النائب البرلماني عيشة سيدي محمد بونا رئيسة جديدة للمنظمة، خلفًا للنائب توتو بنت الطالب ولد النافع، باعتبارها تمثل الجناح الإصلاحي في الحزب؛ للوصول إلى مكاسب جديدة واستقطاب المرأة الموريتانية للانضمام للجماعة.

ولدت «بنت بونا»، عام 1976، في مدينة اركيز جنوب شرقي موريتانيا، تحمل شهادة ماستر في القانون، وعملت أستاذة في مركز تكوين العلماء الذي تم إغلاقه بقرار حكومي عام 2018؛ بسبب ثبوت تلقيه تمويلًا قطريًّا، إضافة إلى بث خطاب يحض على الكراهية والتشدد.

وكانت عضوًا في أول مكتب تنفيذي لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية بعد تأسيسه، وشغلت العديد من المناصب السياسية في الحزب، من بينها عضوية مجلس شورى «تواصل»، وكانت حين انتخابها لرئاسة المنظمة النسائية للحزب، عضوًا في المكتب التنفيذي للحزب، الذي تم تشكيله، بعد تولي الرئيس الحالي لتواصل محمد محمود ولد سيدي رئاسة الحزب، خلفًا لمحمد جميل منصور.

تولت رئيسة نساء تواصل الجديدة، تنسيق العديد من الحملات التابعة للحزب في عدة انتخابات رئاسية ونيابية شهدتها موريتانيا، أبرزها تولي إدارة الحملة الانتخابية للوزير الأول والسفير السابق، سيدي محمد ولد بوبكر، المقيم في الدوحة، خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي دعم فيها الحزب ولد بوبكر.

المرأة في الواجهة

وفي يوليو 2019، نظمت قياديات في المنظمة النسائية لحزب «تواصل»، وقفة احتجاجية أمام الإدارة العامة للأمن، لمطالبة السلطات الموريتانية بالإفراج عن عضو المكتب التنفيذي الإعلامي أحمدو ولد الوديعة.

وكانت السلطات الموريتانية ألقت القبض على «ولد الوديعة»، على خلفية تحريضه على الفوضى والعنف في البلاد، حيث زعم أن انتخابات الرئاسة الأخيرة شابها تزوير أدى إلى تغيير في النتائج، مطالبًا الجماهير بالتظاهر ضدها، وذلك بعد أن أظهرت النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية الموريتانية، فوز المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني، وزير الدفاع السابق، والذي يحظى بدعم الرئيس الموريتاني المنتهية ولايته محمد ولد عبدالعزيز، ومعارضة من حزب جماعة الإخوان في موريتانيا «تواصل»، الذي دعم المرشح المنافس محمد ولد بوبكر.

سعى الحزب للدفع بالمرأة الموريتانية في المواجهة مع السلطة، للمطالبة بالإفراج عن «ولد الوديعة» الذي حاول إثارة الجماهير ضد الرئيس الجديد، وطالب الشعب برفض النتيجة، والتظاهر ضدها، وتتاجر جماعة الإخوان بالنساء حال حدوث صدام مع الأمن، كما تضعهن في المقدمة لضمان سلامة رجال الإخوان.

نساء «تواصل» والتعبئة

اعترفت الرئيسة السابقة لمنظمة نساء الإصلاح، توت بنت الطالب النافع، بالدور المنوط للمرأة داخل حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، قائلة إن نساء الإصلاح ظللن رافدًا أساسيًّا لأنشطة الحزب المختلفة، حيث تمد المنظمة تلك الأنشطة بالحشود وتشارك المرأة التواصلية بفعالية في التحضير و التنظيم و الإنعاش.

وبسؤالها عن كيفية مشاركة المرأة التواصلية في الأحداث السياسية الكبرى، أجابت أن الحزب يراهن على المرأة التواصلية في الحضور والتعبئة.