توريط الجزائر.. مساعِ تركية للزج بأطراف مغاربية في غزو ليبيا
الخميس 09/يناير/2020 - 11:06 م
طباعة
سارة رشاد ودعاء إمام
تسعى الحكومة التركية إلى زجِّ كل ما هو ممكن من أطراف إقليمية ودولية في الأزمة الليبية، التي أشعلها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بقرار إرسال جنود إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق، المحسوبة على جماعة الإخوان.
تسعى الحكومة التركية إلى زج كل ما هو ممكن من أطراف إقليمية ودولية في الأزمة الليبية، التي أشعلها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بقرار إرسال جنود إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق، المحسوبة على جماعة الإخوان.
وكانت الجزائر هي القِبلة التي توجه إليها وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، بعد أيام من زيارة مماثلة قام بها فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الليبية.
وروج الإعلام التركي -بالتزامن مع تولي الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون- مقاليد الرئاسة في الجزائر، أن ليبيا هي العمق الاستراتيجي للجزائر؛ ما يعني ضرورة إشراكها في الأزمة، فيما يقوم الطرف التركي بلقاءات مكوكية بكبار مسؤولي الجزائر لغرض إقناعهم بالتورط في ليبيا، لا سيما بعد فشل الرئيس التركي في زج تونس في تلك الأزمة.
بدوره، قال وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم: إن بلاده تسعى لتجنب التصعيد العسكري في ليبيا، مضيفًا: «نحن مصرون على حل سلمي وسياسي، ونرفض أي تدخل عسكري في ليبيا، ونؤيد حظر تزويد الأسلحة في ليبيا، كما ندعم الحوار بين كل الأطراف الليبية، بتعاون من المجتمع الدولي وخاصة دول الجوار».
وعلى خلفية التحفظات التي أعلنتها الجزائر بالتزامن مع إعلان تركيا إرسالها لقوات عسكرية إلى ليبيا، يذهب مراقبون إلى أن الجزائر أخذت خطوة إلى الوراء في مسألة دعم حكومة الوفاق، خوفًا من تأثير الوجود التركي العسكري عليها.
الكاتب السياسي، محمد فرّاج أبو النور، كان له نفس الرأي، إذ قال: إن الجزائر ستقف قريبًا في الحلف المناوئ لحكومة الوفاق الحاكمة في طرابلس، معتبرًا أن تطورات الأحداث وتدخل تركيا بالشكل الحالي في الأزمة الليبية، سيدفع الجزائر إلى إعادة حساباتها.
وتابع أن الجزائر لو كانت تبدو في بعض الأوقات داعمة للوفاق، فالمعطيات الحديثة من استدعاء للوجود العسكري التركي سينهي على أي أمل في دعم الجزائر لحكومة الوفاق.
وتوقع أن تحول التحولات السياسية الآنية في الجزائر دون اتخاذها موقفًا واضحًا ضد الوفاق، معتبرًا أنه بمجرد استقرار الأمور ستقف الجزائر إلى جانب الحلف الشرقي (يقصد الجيش الوطني الليبي).
ولفت إلى أنه حتى هذه اللحظة فستظل الجزائر في منطقة رمادية ترفض التدخل التركي، لكنها لم تتخذ موقفًا حاسمًا وواضحًا منه.
دور الكراغلة
يقول السياسي الليبي، عبد المنعم اليسير: إن هناك سببًا آخر سيدفع الجزائر لاتخاذ موقف مناهض للمشروع التركي وحكومة الوفاق، يتلخص فيما يُعرف بـ«قبائل الكراغلة».
و«الكراغلة» مصطلح يطلق على سكان شمال أفريقيا، نتاج زيجات جنود الانكشارية الأتراك، بنساء محليات خلال الحكم العثماني لبلدان المغرب العربي.
ولفت اليسير إلى أن تجربة تركيا في ليبيا من استغلال الكراغلية في تمرير الوجود التركي بليبيا، يدفع دول المغرب العربي بشكل عام لأخذ حذرها من احتمالية تكرار نفس السيناريو معها، وهو تأليب القبائل ذات الأصول العثمانية لتمرير النفوذ التركي داخل مجتمعات شمال أفريقيا.
وعلى ذكر تكرار السيناريو التركي في ليبيا مع أي مجتمع من المجتمعات المغاربية، تحضر ما يعرف بـ«الجمعية الليبية الكورغلية»، وهي جمعية تأسست في 2015، من أبناء القبائل الكراغلية، وتهدف وفق أعضاء بها إلى إحياء التراث العثماني في دول شمال أفريقيا، ولا تقتصر على المجتمع الليبي فقط، ولكن الشمال الأفريقي بشكل عام، ما يدعو، بحسب اليسير، دول المغرب العربي للتخوف من التدخل التركي، على غرار ما تنفذه الآن بليبيا.
ويحمل ساسة ليبيون قبائل الكراغلة جزءًا من مسؤولية تمرير التدخل التركي إلى ليبيا، إذ كانوا يعتزون بأصولهم التركية، مروجين لما أسموه «إنجازات الحكم العثماني في ليبيا».
ويدعم مخاوف دول المغرب العربي من التدخل التركي، كون التجربة التركية في ليبيا التي اعتمدت على الليبيين ذي الأصول التركية ليست الأولى، إذ سبق ونفذت تركيا نفس السيناريو مع قبرص؛ ما يشير إلى أنها سياسة تنتهجها تركيا تجاه الدول التي تقع في مناطق نفوذها.
وتعود تجربة تركيا في قبرص إلى السبعينيات من القرن الماضي، عندما استخدمت القبارصة ذو الأصول التركية للترويج لمشروعها، وعليه اكتسحت تركيا قبرص منفذة جريمة حرب في حق القبارصة اليونانيين.