تداعيات التدخل التركي على اتحاد جبهة الداخل الليبي
السبت 11/يناير/2020 - 12:51 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
تنشغل وسائل الإعلام بمطالعة المستجدات السياسية الرسمية بشأن التدخل العسكري التركي في ليبيا، كخطوة مقابلة للاتفاق غير الشرعي حول ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وحكومة الوفاق بزعامة فايز السراج، ولكن ماهية الترابط للجبهة الداخلية ووعيها بمجريات الأحداث ستتحدد على إثره الخريطة المستقبلية للدولة الليبية.
ففي 6 يناير 2020 صرح البرلمان الليبي بموافقة محكمة استئناف البيضاء على تجميد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وحكومة السراج، وذلك بعد مناقشة النواب لتداعياتها واتهامهم للسراج بالخيانة والعمالة، كونه طلبا من دول غربية دعم ميليشياته المسلحة ضد الجيش الوطني الليبي، ما ينعكس بدوره على شرعية الاتفاق مع تركيا وقانونية تدخلها في ليبيا بعد رفض البرلمان لهذا الأمر وحصوله على حكم من إحدى الهيئات القضائية الداخلية بتأكيد ذلك.
خلع الغطاء القانوني
وفي هذا الصدد يقول الباحث في الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، كرم سعيد إن اتفاق الصخيرات في 2015 منح حكومة السراج شرعية دولية واعترافًا دوليًّا منحه أيضًا لبرلمان طبرق ما جعل في البلاد رأسين للسلطة.
لافتًا في تصريح لـه إلى أن الشرعية الدولية الممنوحة لبرلمان طبرق تجعل من قراراته الخاصة بإلغاء اتفاقية الترسيم البحري والتشابك الأمني مع تركيا ملزمة رسميًا، كما تنفي عنها الأثر القانوني.
إلى جانب ذلك، فإن اتهام البرلمان للسراج بالخيانة العظمى والعمالة يسحب منه شرعية الاتفاق وشرعية التدخل التركي في الأزمة الليبية، فهو وفقًا للباحث يخلع الغطاء القانوني الذي تحاول حكومة السراج منحه إلى الأزمة الليبية المحتدمة حاليًا، إذ أن تحويل الاتفاقية للمحكمة هي محاولة لنسفه من جميع الجوانب.
الصراع الوطني الداخلي
أما عن احتمالية حدوث صراع داخلي يزيد من انهيار الدولة جراء المشاحنات الحالية، أكد الباحث في الشؤون التركية أن اختلافات الجبهتين السياسيتين وسط التدخل الأجنبي في البلاد سيؤدي بالضرورة إلى مزيد من حدة الاستقطاب السياسي، وبالأخص مع حرص القبائل على الاجتماع لرفض التدخل التركي في البلاد، ما يعني وفقًا لرؤيته أن دخول تركيا لهذا الوضع الليبي سيزيد من الأزمة ويجعلها أكثر تعقيدًا، إذ سيعزز حالة الانقسام الداخلي ما يعرض البلاد إلى مزيد من الفوضى والخطر، داعيًا إلى ضرورة اتخاذ موقف دولي وإقليمي قوي يفضي إلى تشكيل حكومة شاملة ممثلة للجميع ووطنية تعيد التوحد للجبهة الداخلية.
سيناريو تقسيم النفوذ
وفيما يخص استنساخ السيناريو السوري داخل العمق الليبي، من حيث تقسيم البلاد إلى مناطق سيطرة ونفوذ بين القوى الإقليمية المتداعية، على الدولة الثرية نفطيًا، يقول الباحث كرم سعيد إن تركيا تحاول تنفيذ هذا الاستنساخ وبالأخص بعد دخول روسيا على خط الأزمة وانحيازها لحكومة حفتر .
وبناء عليه؛ يحاول الرئيس التركى رجب طيب أردوغان من وراء الستار تقسيم الدولة لشرق وغرب، لأن دخول تركيا إلى ليبيا هدفه السيطرة على غاز المتوسط وتأمين الفكرة الإيديولوجية الخاصة بتصعيد حكومات الإسلام السياسي للشمال الأفريقي للحفاظ على مصالحها، ولكن يعتقد الباحث بصعوبة استنساخ النموذج السوري في ليبيا لأبعاد جغرافية وسياسية ودولية، فالنفط والغاز والموقع الاستراتيجي الذي تحظى به ليبيا يجعلها مطمعًا للجميع ولن تترك لطرف دون آخر بسهولة.