طهران تشتعل بالاحتجاجات بعد الاعتراف بإسقاط الطائرة الأوكرانية
الأحد 12/يناير/2020 - 02:15 م
طباعة
إسلام محمد
فشل في التخطيط والتنفيذ والإخراج ..هكذا سقط النظام الإيراني في شر أعماله فتحولت الفرصة المفترضة التي كان يريد أن ينتهزها ليحقق بها مكاسب جديدة، إلى مصيبة حطت على رأسه أو بالأحرى سلسلة من الخسائر المتتالية أثبتت مدى عجز النظام عن أداء مهامه، وأدت لاشتعال الاحتجاجات من جديد في قلب العاصمة.
فقد انطلقت مساء السبت، احتجاجات طلابية في طهران، طالبت برحيل بالمرشد الإيراني، علي خامنئي، وتصدت قوات الباسيج (مليشيا عقائدية مسلحة؛ تضم ملايين المتطوعين وممولة مباشرة من الحرس الثوري الإيراني)، للمحتجين في محاولة لمنع انتشار التظاهرات، وذلك بعد ساعات من اعتراف نظام الملالي بإسقاط الطائرة الأوكرانية التي أقلعت من مطار الإمام الخميني منذ أربعة أيام.
وعلت أصوات المواطنين بهتافات تطالب قادة البلاد بالرحيل وهتفوا قائلين: «النظام يرتكب الجرائم وخامنئي يبرر».
وقدم كل من الرئيس حسن روحاني، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، الاعتذار عن الحادث، وطلب الجيش في بيان له الصفح عن هذا الخطأ لكن تلك الكلمات ألهبت غضب المواطنين بدلًا من تهدئتهم.
وتداول النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أخبارًا تفيد باعتزال الرئيس، على خلفية الأزمة لكن نفيا رسميا صدر ليؤكد بقاءه في المنصب.
وقال العميد أمير علي حاجي زادة، قائد القوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري: إنه تمنى الموت بدلًا من سماع هذا الخبر وأن قواته تتحمل كامل المسؤولية عن الخطأ الذي أسفر عن إسقاط الطائرة الأوكرانية الأربعاء الماضي، مبررًا ذلك بأن الطائرة أعطت إشارات للرادار على أنها صاروخ ما دفع المضادات لإسقاطها.
وأضاف مبررًا أن أنظمة الدفاع الجوي كانت على أعلى مستوى من الاستعداد لدرجة أن زرًّا واحدًا كان يكفي لإطلاق الصواريخ، وأنه طلب مرارًا إيقاف حركة الطيران في تلك الليلة دون جدوى.
وتناقل المواطنون أنباء تفيد بوجود أحد أبناء قيادات الحرس الثوري في الطائرة وبحوزته تسريبات خطيرة، ما أدى لاستهداف الطائرة عمدًا بعد رفض قائدها الهبوط للحصول على المستندات والقبض على حاملها.
وزادت تلك الأنباء من اشتعال الغضب الشعبي لأن 82 إيرانيًّا فقدوا أرواحهم في ذلك الحادث، هذا إضافة إلى أن أكثر من 50 آخرين فقدوا أرواحهم في أثناء التدافع في جنازة سليماني، أي أن أكثر من 130 إيرانيًّا فقدوا أرواحهم خلال مراسم التشييع والثأر المزعوم لقائد فيلق القدس قاسم سليماني وهو أكثر من عدد الذين قتلوا في الهجوم ذاته.
وجاءت تلك الأحداث لتضيع مجهودات حثيثة بذلتها السلطات لحشد التأييد الداخلي وتجاوز الانقسامات واللعب على المشاعر القومية، بعد فترة عانت فيها البلاد من احتجاجات ضخمة كانت على وشك الإطاحة بالنظام لولا قمعها بمنتهى القسوة وعدم وجود قيادة موحدة تنظم المتظاهرين.
إذ بعد قتل الجيش الأمريكي لقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، امتلأت الشوارع بمظاهرات تابين اعتبرت كتأييد للنظام وبشر المرشد الإيراني بحرب شاملة، وتحدث قادة الحرس الثوري عن ردود مزلزلة، لكن لم يتعد الرد إلا بإطلاق صواريخ على أماكن خالية من الجنود الأمريكيين وقال وزير الخارجية الإيراني: إن بلاده لا تسعى إلى التصعيد أو الحرب، وانتهت من الرد، مما أثار سخرية المواطنين من نظامهم.
ثم جاء إسقاط الطائرة الأوكرانية في الليلة ذاتها ليقلب المشهد على طهران وفي البداية تعاملت مع الاتهامات بأنها شائعات لخلط الأوراق والابتزاز ومؤامرة خارجية، لتفتيت الجبهة الداخلية لكن هذه الجبهة تفتت بالفعل بعد الاعتراف الرسمي وعادت الاحتجاجات لتعيد وضع مستقبل النظام على المحك.
جدير بالذكر أن المظاهرات التي اندلعت في نوفمبر الماضي سقط فيها نحو 1500 قتيل وخلفت آلاف الجرحى والمعتقلين، كما حاول المواطنون إعادة اشعال الاحتجاجات لكن النظام قمعها بقسوة، لكن تلك المرة يبدو فيها النظام أكثر ضعفًا فهو متورط رسميًّا بقتل عشرات المواطنين دون أدنى جريرة أو اتهام كما أنه متهم أمام الخارج باستهداف الملاحة الجوية مما سيضعه في استحقاقات لم يكن يحسب لها حسابًا.