الإخوان في جنوب أفريقيا.. ملف غامض تكشفه محاولة اغتيال «ديدات» الابن
الخميس 16/يناير/2020 - 10:39 م
طباعة
مصطفى كامل
فتحت محاولة اغتيال يوسف ديدات، نجل الداعية الإسلامي أحمد ديدات، والبالغ من العمر 65 عامًا، ملف وجود وتوغل جماعة الإخوان «الإرهابية» في جنوب أفريقيا، عقب قيام عناصر الجماعة الادعاء بمقتله أثناء سيره نحو محكمة «فيرولام» بجنوب أفريقيا عندما اقترب منه رجل آخر فقام بإخراج سلاح ناري وأطلق النار عليه مرة واحدة قبل أن يفر من المنطقة المجاورة سيرًا على الأقدام، مكثفين من منشوراتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يفتح الباب أمام النفوذ الإخواني ووجود الجماعة منذ أمد بعيد، وعلاقة والده بإشرافه على المراكز التي كانت تقيم اجتماعات لحركة «الشباب المسلم» المعبرة عن الجماعة في جنوب أفريقيا، واطلاعه على كتب حسن البنا –مؤسس الجماعة-، وسيد قطب منظّر الجماعة.
زيارات عدة قامت بها قيادات الجماعة الإرهابية إلى جنوب أفريقيا، كان أبرزها ما قام به القيادي محمود حسين الأمين العام للتنظيم الدولي في يناير 2014 عقب سقوط حكم مرسي في 30 يونيو 2013، للتحريض ضد مصر والمشاركة في الفعاليات التي كان ينظمها فرع الجماعة المتمثل في «حركة الشباب المسلم» والتي نشأت ديسمبر 1970، وعقدت اجتماعها الأول في مركز السلام الذي كان يشرف عليه مركز الدعوة التابع لـ«ديدات».
نجل «ديدات» على قيد الحياة
وعلى الجانب الآخر، نقلت صحيفة «إندبندنت أونلاين» الجنوب أفريقية عن الشرطة نفيها صحة شائعات التي يتم تداولها عن مقتل نجل الداعية الإسلامي أحمد ديدات بعد تعرضه لمحاولة اغتيال برصاصة في الرأس؛ حيث أكد الكولونيل ثيمبيكا مبيلي من شرطة كوازولو- ناتال بجنوب أفريقيا، أن «يوسف ديدات» لا يزال على قيد الحياة بعد نقله إلى المستشفى إثر تعرضه لإطلاق نار استهدف رأسه خارج المحكمة.
وأضاف الكولونيل ثيمبيكا مبيلي، أن يوسف البالغ من العمر 65 عاما وزوجته كانا يسيران خارج محكمة فيرولام بجنوب أفريقيا، وفتح شخص مجهول النار عليه مصيبًا إياه في منطقة الرأس الثلاثاء 14 يناير 2020؛ مُشيرًا إلى أن نجل ديدات نُقل إلى المستشفى، وابتعد مُطلق النار من المنطقة إلى جهة غير معلومة، وأن الدافع وراء إطلاق النار غير معروف.
فيما وصف بريم بالرام، مدير إحدى شركات الأمن والطوارئ، بأن حالة ديدات الابن بأنها "حرجة". وأشار إلى أنه لدى وصول المسعفين وجدو الضحية ملقى على وجهه على الرصيف وقد تم نقله جوًّا إلى المستشفى، جراء إصابته بطلقة واحده في رأسه؛ مشيرًا إلى أن ضابط الأمن الذي شهد الحادث لاحق المشتبه به الذي دخل في سيارة «مازدا» بيضاء كانت تنتظر في شارع جروم ثم انطلقت سريعًا.
وبحسب صحيفة «تايمز» الجنوب أفريقية، فإن بعد ساعات من إطلاق النار، عجت وسائل التواصل الاجتماعي بأخبار عن وفاة يوسف أحمد ديدات، مؤكدةً أن فريقًا من الجراحين نجح في إسعافه وإنقاذه؛ لافتةً إلى أن صديقًا للعائلة قال بالنيابة عن زوجته ياسمين أنه لا يزال على قيد الحياة.
بدروها قامت اللجان الإخوانية الإلكترونية بجانب عناصر الجماعة الهاربين خارج مصر، إلى القيام بتدشين هاشتاج عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» للتأكيد على مقتل نجل الداعية الإسلامي في جنوب إفريقيا عقب تعرضه لإطلاق نار في الرأس.
الإخوان في جنوب أفريقيا
بالعودة تاريخيًّا إلى وجود الجماعة، أعلن تنظيم الإخوان عن وجوده في جنوب أفريقيا من خلال «حركة الشباب المسلم» التي نشأت في ديسمبر 1970، وعقدت اجتماعها الأول في مركز السلام الذي كان يشرف عليه مركز الدعوة التابع لـ«ديدات»؛ حيث عملت تلك الحركة على نشر الفكر الإخواني عبر المراكز الإسلامية الدعوية، التي تُقدر بنحو 30 مركزًا، فيما يبلغ عدد المساجد هناك 500 مسجد.
وفضل تنظيم الإخوان في ثمانينيات القرن العشرين –المتمثل في حركة اتحاد الشباب المسلم- الابتعاد عن السياسة وتبني استراتيجية الحياد وترك الأعضاء الرأسماليين وأصحاب الاستثمارات لمزاولة نشاطهم في الضغط على النظام بجنوب إفريقيا؛ ذلك الوقت لتوجيه مواقفه، فيما عملت الحركة على جذب المزيد من المؤيدين، الأمر الذي لم يلق قبولًا من الكثيرين داخل التنظيم آنذاك ودفعهم إلى الانشقاق وتأسيس منظمة «نداء الإسلام»، ودعوة قادة حركة الشباب المسلم بالتخلي عن موقفهم والانضمام لحركة النضال العام في جنوب أفريقيا.
إبراهيم رسول ذراع الجماعة
في عام حكم جماعة الإخوان لمصر، كوّن التنظيم الإخواني شبكة واسعة له في جنوب أفريقيا، معتمدًا على الرأسماليين لتوجيه سياسات الدولة هناك تجاه المواقف المؤيدة لتنظيم الإخوان خاصة فيما يتعلق بموقفهم منه ثورة 30 يونيو التي أنهت حكم الإخوان في مصر.
ومن أبرز الشخصيات التي مهدت الطريق أمام الوجود الإخواني لا سيما وقت حكم الجماعة لمصر المدعو إبراهيم رسول سفير جنوب إفريقيا في واشنطن آنذاك صاحب العلاقات الوطيدة بالإخوان وبقيادات التنظيم الدولي، والذي زار حزب الجماعة السياسي في يناير 2012 -الحرية والعدالة، حيث لعب دورًا مهمًا في الداء لثورة 30 يونيو، وكان له لقاءات عدة مع عدد من قيادات التنظيم؛ حينما كان رئيسًا لملتقى قيادات الأقليات الإسلامية والذي عقد في فرنسا مارس 2013، وشارك فيه إبراهم الزيات القيادي الإخواني ألماني الجنسية، والملقب بوزير مالية إخوان ألمانيا، ويقود عددًا من المنظمات والمؤسسات الإسلامية التابعة للجماعة، وأنس التكريتي، مؤسس ورئيس مؤسسة قرطبة، وأهم وجوه التنظيم الدولي للإخوان في أوروبا.
وفي 27 يناير 2014 قام محمود حسين الأمين العام للتنظيم الدولي بصحبة يحيي حامد وزير الاستثمار الإخواني، وإيهاب شيحة رئيس حزب الأصالة السلفي، بزيارة لجنوب أفريقيا والتقيا عددًا من المسؤولين بحكومة جوهانسبرج لتأسيس مكتب إعلامي للجماعة هناك؛ إضافة إلى دفعهما التحريض على استمرار تعليق عضوية مصر في أفريقيا، وسعيهم في عدم اعتراف بأن ما حدث في مصر عام 2013 ليس بثورة، حيث أصر –آنذاك- مجلس الأمن والسلم على عدم تغيير الموقف تجاه القاهرة، ومن ثم غابت الأخيرة، ولأول مرة منذ خمسين عامًا، عن حضور قمة الاتحاد الإفريقي، مساعدًا إياهم في تنظيم مؤتمرًا في جنوب إفريقيا بعنوان «مؤتمر دعم الشرعية في جوهانسبرج».