«الغنوشي» والفشل.. مسلسل متواصل منذ وصوله لرئاسة البرلمان التونسي

الأحد 19/يناير/2020 - 01:45 م
طباعة «الغنوشي» والفشل.. محمد عبد الغفار
 
لم يتوقع زعيم حركة النهضة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية في تونس، راشد الغنوشي أن نجاحه ووصوله إلى رئاسة مجلس نواب الشعب التونسي، سوف يفتح بابًا لإنهاء حياته السياسية، إضافة لحياة الحركة الإخوانية التي تسعى لخطف تونس لصالحها كما حاولت مع مصر.



بأغلبية ضعيفة حصل الغنوشي على 123 صوتًا من أصل 217، كي يصبح رئيسًا للبرلمان التونسي في الفترة ما بين 2019 وحتى 2024، ومنذ اللحظة الأولى، سعى زعيم النهضة لتحقيق أهداف حركته، ولكنه واجه معارضة قوية.

- منذ اليوم الأول

بعد وصول راشد الغنوشي لرئاسة البرلمان، واجه اتهامًا من رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى بمخالفة القانون خلال عملية القسم الدستوري للنواب، التي تم منعها من الحديث لإيضاح رأيها خلال الجلسة الافتتاحية.

وطالب الغنوشي من النواب أداء القسم الدستوري لبدء عملهم الجديد كنواب برلمانيين بشكل جماعي، وهو ما يخالف الدستور التونسي وفقًا لما أوضحته رئيسة الحزب الدستوري الحر، والذي ينص على أداء القسم بشكل فردي، ويلزم كل نائب بمفرده.

تعيينات تفوح رائحتها

لم يتأخر راشد الغنوشي عن بدء مشروع الأخونة انطلاقًا من البرلمان التونسي، في مشهد يعيد للأذهان ما فعلته جماعة الإخوان الإرهابية في مصر؛ حيث أقدم على تعيين عدد من المنتمين للتيار الإخواني في مكتب مجلس النواب.

وشملت التعيينات التي أصدرها الغنوشي في أيامه الأولى بالمجلس 7 أسماء، تنتمي غالبيتها إلى حركة النهضة؛ وذلك على الرغم من وجود مستشارين فعليين في كافة المجالات داخل المجلس، يتم تعيينهم بصورة مستقلة، ولا يتم تغييرهم في كل دورة انتخابية.


ومن ضمن الأسماء التي تم تعيينها تسنيم الغنوشي، نجلة رئيس البرلمان، وذلك في منصب إداري، إضافة إلى محرزية العبيدي والذي عين مستشارًا للتعاون الدولي، وجمال العوي الذي شغل منصب المستشار السياسي لمجلس النواب، والحبيب خذر كرئيس للديوان، وهو ابن أخت الغنوشي، وجميعهم أعضاء في حركة النهضة.

ووفقًا لما أوضحه حزب التيار الديمقراطي، فإن المستشارين الجدد للغنوشي سوف يتقاضون ما قيمته 200 ألف دولار أمريكي شهريًّا، على هيئة مرتبات وبدلات، وهو ما اعتبر إهدارًا للمال العام.
-اختبار أول فاشل

كرئيس لكتلة حركة النهضة داخل البرلمان التونسي، سعى الغنوشي إلى تمرير أول مشروع قانون تتقدم به الحركة، والذي عرف باسم «صندوق الزكاة»، والذي اعتبر أداة لاستمالة التيار الإسلامي المنقسم داخليًّا إلى جانب حركة النهضة.


ولكن فشلت مساعي نواب حركة النهضة برئاسة راشد الغنوشي في تمرير مشروع القانون؛ حيث لم يحظ المقترح سوى بموافقة 74 نائبًا، بينما رفضه 93 وامتنع عن التصويت 17 آخرين، وكان ذلك بمثابة الإعلان عن فشل الحركة في أول اختبار برلماني.

العنف منهاجًا

رغم تهديد أنصار ونواب كتلة النهضة الإخوان لأعضاء حزب الدستوري الحر بالاعتداءات الجسدية، إلى جانب اعتدائهم لفظيًّا على نواب من الحزب، حيث تجاوزت النائبة عن حركة النهضة جميلة الكسيكسي في حق كتلة الحزب الدستوري الحر، إلا أن ذلك لم يشكل إزعاجًا يذكر لرئيس المجلس ولم يدفعه لاتخاذ خطوات قانونية ملائمة.

وهو ما دفع أعضاء كتلة الحزب الدستوري الحر، ديسمبر 2019، إلى الاعتصام في المكان المخصص لرئاسة البرلمان التونسي لأكثر من أسبوع، تنديدًا بهذه الاعتداءات وصمت رئيس المجلس عليها، الذي لا تغيب عن الحضور إلى المجلس حتى في جلسة قانون الموازنة العامة الجديدة للبلاد.

ولم يكتفِ الغنوشي بذلك، ولكن أرسلت رئاسة الجلسة إلى أعضاء الحزب المعتصمين تهديدًا بفض الاعتصام خلال 4 ساعات أو اللجوء للقوة لإخراجهم من المجلس، في الوقت نفسه الذي تم منع وسائل الإعلام من دخول المجلس حتى لا يتم تغطية أخبار الاعتصام بداخله.
 
تركيا وذراعها

يتعامل نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع حركة النهضة على أنها تابع له، وذراع سياسية يمكن استغلاله في تمرير ما يريد داخليًّا في تونس، وهو ما ظهر في زيارة أردوغان إلى تونس، إضافة إلى الزيارة غير المعلنة لرئيس مجلس نواب الشعب  راشد الغنوشي إلى تركيا.

وعند عودته، واجه الغنوشي معارضة شديدة داخل البرلمان؛ حيث رأى الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق أن زيارة الغنوشي دليل على أن قرار حركة النهضة مرتبط بتوجهات أنقرة، وليس بالمصالح التونسية، وهو ما اعتبره تبعية لدولة أجنبية.

بينما طالب النائب اليساري منجي الرحوي بضرورة مساءلة الغنوشي أمام مجلس الأمن القومي التونسي، متهمًا إياه بالتنسيق والعمل على تمرير السلاح التركي إلى ليبيا عبر الأراضي التونسية، بهدف دعم الميليشيات الإرهابية الموجودة هناك.

- غير موثوق به

ألقى فشل راشد الغنوشي داخل البرلمان بظلاله على رؤية الشارع التونسي لزعيم حركة النهضة الإخوانية، حيث تراجعت أسهمه إلى أدنى مستوياتها داخليًّا.

ووفقًا لاستطلاع للرأي أجرته شركة سيجما كونسا، فإن راشد الغنوشي هو الشخصية السياسية الأكثر رفضًا شعبيًا، وذلك على مدار شهري نوفمبر وديسمبر 2019، أي منذ توليه مسؤولية رئاسة مجلس نواب الشعب التونسي.

وأظهر الاستبيان أن 64% من التونسيين يرفضون الغنوشي، بينما يرى 50% أن الحركة غير قادة على إنقاذ البلاد اقتصاديًا، بينما يرى 80% أن الطريقة والمنهجية التي تدار بها البلاد فاشلة وغير مجدية.

«جئتم حفاة عراة منذ 2011، والآن تمتلكون مليارات الدنانير»، لخصت امرأة تونسية حال البلاد داخليًّا، خلال مواجهتها رئيس النهضة راشد الغنوشي وصهره رفيق عبد السلام، أثناء دخولهم إلى طائرة، ويتضح أن تونس لن تتخلص من الأزمات طالما بقى الغنوشي على رأس البرلمان التونسي.

شارك