أذرع «أردوغان» الخارجية للتجسس على الدول والمجتمعات «4/1»
الأربعاء 22/يناير/2020 - 02:11 م
طباعة
محمود البتاكوشي
فضح سقوط شبكة تركية في القاهرة للتخابر لصالح أنقرة، مخططات المخابرات التركية المشبوهة التي تتعمد إنشاء مؤسسات إعلامية وبحثية تستخدمها كمنصات استخباراتية تدير من خلالها أعمالها.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دأب على زرع جواسيسه وعيونه في جميع أنحاء العالم، تحت ستار وكالات الأنباء والمراكز البحثية والسفارات والمنظمات الخيرية، حتى المساجد لم تسلم من مخططاته الشيطانية.
وظهرت النسخة الأولى لجهاز الاستخبارات التركي ΜiT، في الدولة العثمانية، أثناء الحرب العالمية الأولى، على يد حكومة الاتحاد والترقي، فيما كان يعرف وقتها بـ «التشكيلات المخصوصة» وهدفه اختراق البلدان المجاورة والسيطرة عليها من خلال تجنيد العملاء وبث الدعايات المغرضة، وتنفيذ جرائم الاغتيالات والتصفية الجسدية للخصوم في وضح النهار.
وعلى رأس النسخة المحدثة للاستخبارات التركية يجلس الجنرال «هاكان فيدان» الذي استطاع كتابة مسرحية الانقلاب الشهيرة في 2016، وإخراجها بطريقة جيدة، سمحت لأردوغان بتصويب النيران في وضح النهار على المعارضين، واقتيادهم إلى السجون والمعتقلات.
تحولت السفارات والقنصليات التركية في جميع أنحاء العالم إلى أوكار وأدوات للتجسس، حيث باتت تدير حملات استخباراتية لجمع بيانات حول منظمات وأشخاص يرفضون سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وثائق وزارة الخارجية التركية السرية التي تم تسريبها مؤخرًا أكدت أن السفارات والقنصليات التركية، في جميع أنحاء العالم، تتجسس بانتظام على الدول التى توجد فيها لرصد الظواهر الإجتماعية، فضلًا عن إعداد تقارير منتظمة عن منتقدي الرئيس التركي.
المراسلات الرسمية التي تنقلها وزارة الخارجية إلى مكتب المدعي العام في أنقرة تثبت مرة أخرى كيف يجمع الدبلوماسيون الأتراك معلومات عن أنشطة معارضي أردوغان، ويصفون منظماتهم ويسردون أسماءهم، كما لو كانوا جزءًا من منظمة إرهابية، وتحتوي المراسلات على معلومات عن كبار المعارضين، وتفاصيل حول بنية حركة «كولن» في كل بلد، وقائمة كاملة من الأشخاص الذين يعتقد أنهم ينتمون إليها، ويتم توزيع القوائم أيضًا على وزارة العدل، ومنظمة الاستخبارات الوطنية (MIT) من أجل اتخاذ مزيد من الإجراءات الإدارية أو القانونية ضد الأشخاص الذين تم تحديد ملامحهم ومعاقبتهم أو أقاربهم مرة أخرى في تركيا والاستيلاء على أصولهم.
فضحت وثائق محكمة أنقرة الجنائية العليا الرابعة ضمن ملف القضية رقم 2016/238، والمؤرخة 16 يناير 2019، تورط السفارات التركية في أعمال تجسس على المعارضين في أكثر من 92 دولة.
التجسس الدبلوماسي التركي لم يقتصر على أوروبا، بل شمل العديد من البلدان الأفريقية مثل بوركينا فاسو وغينيا الإستوائية وإثيوبيا والمغرب والجابون وغانا وغينيا.
الولايات المتحدة أيضًا نشطت فيها أعمال التجسس التركية عبر موظفي السفارات والقنصليات في ولايات عديدة أبرزها ألاباما وأركنساس وبوسطن وكاليفورنيا ونيويورك وكارولينا الشمالية وأوكلاهوما، بالإضافة إلى بنسلفانيا التي يقيم بها الداعية التركي المعارض فتح الله كولن، القائمة شملت أيضًا دول أمريكا اللاتينية وأفغانستان وبنجلاديش والصين وإندونيسيا والفلبين.
ففي السويد عام 2017، تشكك عدد من الأتراك المقيمين في عملية ملاحقة لهم، فسارعوا لإبلاغ سلطات ستوكهولم، واتصلت وزيرة الخارجية السويدية مارجوت فالستروم بالسفير التركي كايا توركمين وأعربت عن مخاوف حكومتها بشأن مراقبة منتقدي الحكومة التركية والتجسس عليهم.
ووفقا لتقرير صادر من الصحيفة الألمانية سود دويتشي تسايتونج Süddeutsche Zeitung بالاشتراك مع محطات تلفزيون NDR و WDR في مارس 2017، فإن الاستخبارات التركية أعدت قائمة تضم 300 تركي و 200 مدرسة وجمعية ومنظمة مرتبطة بحركة كولن في ألمانيا للتجسس عليها.
وتضمنت القائمة عناوين وأرقام هواتف وصورًا شخصية للمستهدفين. وقال التقرير إن الاستخبارت والشرطة الألمانية حذرت من وردت أسماؤهم في القائمة.
ووفق موقع "تركي بيورج"، فإن إمام مسجد في مدينة كوبنهاجن فضح توغل العملاء السريين لأنقرة في العاصمة الدنماركية، وتجسسه على أربعة مقيمين أتراك و14 مدرسة لاشتباه الاستخبارات التركية في علاقتهم بحركة كولن.
عدنان بولنت بالجو، الداعية التركي في الدنمارك، قال في تصريحات لصحيفة محلية إن جمع المعلومات عن المعارضين هنا أخذت وتيرة متسارعة بعد مسرحية الانقلاب في 15 يوليو 2016، والتي قتل وسجن وفصل بعدها آلاف الأتراك.
السفارة التركية في نيوزيلندا، كانت على رأس السفارات التي تستخدم للتجسس، حيث أصدرت «قائمة ملاحقين»، تضمنت منظمة «بيرل أوف ذا آيلاندز» ومركز «ليتل بيرلز»، المتخصص في توفير خدمات الرعاية والتعليم للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 شهور و5 سنوات، وذلك بناء على طلب من إدارة مكافحة التهريب والجريمة المنظمة بالشرطة الوطنية التركية، بالرغم من عدم تمتعها بصلاحيات التحقيق في قضايا خارج تركيا.
كما كشفت الوثائق أن السفارة التركية في أوتاوا الكندية، تجسست على منتقدي نظام رجب طيب أردوغان، حيث جمع دبلوماسيون أتراك معلومات عن معارضي الرئيس التركي، معتبرين نشاطات المؤسسات التي يرأسونها «إجرامية»، وبعد إرسال تلك التقارير لأنقرة، ألصقت بهؤلاء المعارضين ومن يرتبط بهم تهمًا جنائية، ما أسفر عن احتجاز نحو نصف مليون شخص بمراكز الشرطة خلال العامين والنصف الماضيين بتهم الإرهاب "الملفقة".
أسلوب جمع المعلومات الاستخباراتية التي تتبعها البعثات الدبلوماسية التركية في الدول الأجنبية لم يمر مرور الكرام، وأثار غضب عدد من الدول، حيث أطلق المدعون السويسريون تحقيقا، وأصدروا مذكرة اعتقال بحق اثنين من مسؤولي السفارة التركية لمحاولتهما خطف رجل أعمال سويسري من أصل تركي، يعارض نظام أردوغان.
جمعية الصداقة التركية الكندية وأكاديمية النيل، منظمتان من بين المؤسسات التي تجسس الدبلوماسيون الأتراك عليها في كندا، كما ورد اسم صحفيين منتقدين لسياسة أردوغان، هما فاروق أرسلان وحسان يلمز، ضمن القائمة التي يتجسس عليها النظام، حسب ما أوردته "سكاي نيوز".
ولفقت السلطات التركية تهمًا لهؤلاء الأفراد والمنظمات، كارتباطها بفتح الله كولن، الذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل الذي وقع في 2016، إلى جانب دعم للجماعات الإرهابية المسلحة بما فيها «داعش» و«القاعدة»، وواجه المدرجون على قوائم السفارة التركية في أوتاوا، الحرمان من الخدمات القنصلية، بينما مثلت عودة أصدقائهم وأقربائهم إلى تركيا مخاطرة كبيرة، حيث كان معظمهم يدخل السجن بقضايا ملفقة.