بين فض النزاع النووي وتخفيض الالتزام.. إيران وأوروبا في لعبة الضغط والابتزاز
الأربعاء 22/يناير/2020 - 03:04 م
طباعة
محمد شعت
اعتمدت إيران- خلال صراعها المتصاعد، مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومواجهة حزم العقوبات، التي فرضت تباعًا عليها- على آلية ممارسة الضغوط على الاتحاد الأوروبي، وذلك من خلال تخفيض التزاماتها بالاتفاق النووي تدريجيًّا، وتمثلت خطوات إيران في تخفيض التزاماتها النووية في عدة خطوات.
تخفيض الالتزام
جاءت الخطوة الأولى، في مايو 2019، في الذكرى الأولى للانسحاب الأمريكى من الاتفاق، ومنحت مهلة للأوروبيين، الموقعين على الاتفاق، حتى 7 من يوليو؛ لمساعدتها على تجاوز العقوبات، وإلا فإنها ستنتقل إلى المرحلة الثانية من «خطة التخفيض» لالتزاماتها.
فيما جاءت الخطوة الثانية، في 7 يوليو 2019؛ حيث أعلنت إيران، أنها تنوى أن تنتج فعليًّا، اعتبارًا من هذا اليوم، اليورانيوم المخصب، بدرجة تفوق الحد الأقصى، المسموح به، في إطار الاتفاق النووي، والبالغ 3,67%، وهددت بالتخلي عن التزامات أخرى، فى المجال النووي «خلال ستين يومًا»، في حال لم يتم إيجاد «حل» مع شركائها؛ لحماية الاتفاق.
وفى 7 سبتمبر 2019، دخلت إيران المرحلة الثالثة، والتي تشمل تشغيل 20 جهاز طرد مركزي متطورة، من طراز«آي آر 4 و آي آر6»، وزيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب، وذلك بعدما كان يسمح الاتفاق النووي فقط، بأجهزة الطرد المركزي، من طراز «آي آر 1»، أقدم وأقل الطرز كفاءة، وذلك حتى عام 2026.
وفي 6 نوفمبر 2019، بدأت الخطوة الرابعة؛ حيث أعلنت طهران، بدء ضخ غاز اليورانيوم، في أجهزة الطرد المركزي، بمنشأة فوردو النووية، المقامة تحت الأرض، ووفق ما أعلنه التليفزيون الإيراني، فقد تم ذلك، في حضور مفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي 5 يناير 2020، أعلنت إيران، أنها ستقلص بدرجة أكبر، التزاماتها في الاتفاق النووي، وأنها لن تلتزم بأي قيود تضمنها الاتفاق، على عدد أجهزة الطرد المركزي، التي تستخدمها؛ لتخصيب اليورانيوم، وهو ما يعني، أنه لن تكون هناك قيود على قدرتها على التخصيب، أو أنشطتها في مجالي «الأبحاث والتطوير»، إلا أنها عادت؛ لتؤكد استمرار التعاون، مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
آلية فض النزاع النووي
على الرغم من حرص الاتحاد الأوروبي، على لعب دور الوسيط، بين واشنطن وطهران، وتخفيف التوتر؛ للحفاظ على الاتفاق النووي، إلا أن تعنت الجانبين، والاستمرار الإيراني في خفض الالتزام بالاتفاق، دفع الاتحاد الأوروبي إلى الضغط على طهران، والتلويح بورقة تفعيل آلية فض النزاع النووي مع إيران، بعدما أقدمت طهران على انتهاكات جديدة للاتفاق النووي، وأعلنت فرنسا وبريطانيا وألمانيا، أن القرار يهدف إلى إنقاذ الاتفاق، من خلال التحاور مع إيران، بشأن ما ينبغي أن تفعله؛ للعدول عن قرارات اتخذتها، ولا يهدف إلى إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران.
ويأتي تطبيق آلية فض النزاع النووي، على عدة خطوات، والتي تبدأ بإحالة الأمر إلى لجنة مشتركة، تضم «إيران وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي»، ويكون أمام هذه اللجنة المشتركة 15 يومًا؛ لحل المشكلة، إلا إذا اتفقت بالإجماع، على تمديد هذه الفترة، وتنتهي بإعادة فرض العقوبات، التي وردت في كل قرارات الأمم المتحدة السابقة، إلا إذا قرر مجلس الأمن غير ذلك.
ويبدو أن هذه الخطوة، أقلقت النظام الإيراني، بشكل كبير؛ حيث أعرب وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، عن انزعاجه من الخطوة الأوروبية، قائلًا: «إذا واصل الأوروبيون سلوكهم، غير اللائق، أو أحالوا ملف إيران إلى مجلس الأمن، سننسحب»، وهو مايشير إلى أن الخطوة الأوروبية، جاءت بمثابة خطوة استباقية، من جانب الاتحاد الأوروبي، الذي شعر أن إيران قد تستغل التطورات الأخيرة؛ للانسحاب من الاتفاق النووي.
إمكانية التوافق الدولي
إذا واصل الاتحاد الأوروبي، خطوات تفعيل آلية فض النزاع النووي، فقد يؤدي ذلك إلى عودة عقوبات الأمم المتحدة على طهران، وبذلك سيتحقق التوافق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وهو ماسيفقد طهران ورقة ضغط أخرى، حال تماهي المواقف الأوروبية مع واشنطن، فضلًا عن دعم دول الخليج العربي لهذا الاتجاه.
ويأتي هذا التوافق؛ لينضم إلى موقف دولي رافض بالأساس لتحول إيران إلى دولة نووية، وكل ذلك سيقود طهران إلى مراجعة حساباتها، والتراجع عن سياستها المتهورة، التي كلفتها الكثير، خلال الفترة الأخيرة، خاصةً في ظل اليقين الإيراني، بأن الانسحاب التام، سيرفع عنها الغطاء، بشكل كامل، ويفقدها أي فرص للتفاوض؛ مايعرضها للصدام الحتمي، مع كل هذه الأطراف التي لن تستطيع مواجهتها.