بعد سيطرة التطرف.. أئمة الصومال المعتدلون في مهمة استعادة المنابر
الخميس 23/يناير/2020 - 10:55 م
طباعة
دعاء إمام
يتعطش مسلمو الصومال لمنهج ديني وسطي؛ يقيهم شرور الجماعات المتطرفة التي تسعى لاستقطاب الشباب، من خلال خطاب الترهيب والتشدد الذي تستخدمه حركة «الشباب» الإرهابية، أو جماعة الإصلاح، امتداد جماعة الإخوان في الصومال.
واستضافت المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف، أول مجموعة من أئمة المساجد، بهدف تأهيلهم لنشر الفكر المعتدل الذي يدعو للمحبة والسلام، وترسيخ قيم الوسطية ونبذ التطرف والعنف فى بلدهم.
التقى عددًا من الأئمة، بينهم «خضر محمود جوليد»، رئيس فرع المنظمة بمنطقة «قرضو» الصومالية؛ ليؤكد أن الأزهر الشريف يؤهل 11 إمامًا ومُعلمًا، لمساعدتهم على الإلمام بأمور الدعوة، من خلال محاضرات وورش عمل وندوات في المجال الديني والاجتماعي؛ للسيطرة على المنابر واستعادتها من المتشددين.
وقال «جوليد»: إن المتطرفين يستهدفون فئة الشباب فى البلاد، ولهذا السبب أنشأ الأزهر مكتبين في «مقديشو» و«قرضو»، لتوعية هذه الشريحة في المدارس والمعاهد وصفحات مواقع التواصل الاجتماعى عبر الإنترنت؛ لاسيما وأن الصومال به معهد أزهري بمنطقة قرضو، يدرس فيه الطلاب على يد بعض الأساتذة المصريين المبتعثين من قبل الأزهر، إضافة إلى طلاب الجامعات الذين يدرسون في مصر ويعودون إلى بلدهم لنشر الفكر الوسطي.
وأضاف أن «حركة الإصلاح» لم يعد لها وزن في الصومال، رغم محاولاتها السيطرة على المدارس من خلال المدرسين التابعين لها، فالشعب يميل إلى الفكر الوسطي، فيما تسعى الصوفية لاستعادة مكانتها، مُشيرًا إلى أن أكثر الطرق حضورًا هي القادرية والأحمدية.
تصحيح المفاهيم الخاطئة
ويقول نور حسين محمد، إمام وخطيب ومدرس: إن دوره لا يقتصر على المسجد فقط، بل يتواصل مع شباب وأطفال قريته لتصحيح المفاهيم الخاطئة لديهم، وتحصينهم من الأفكار المتطرفة؛ مشيرًا إلى أن المجموعات المتطرفة تحاول استقطاب الشباب بالقوة، أما «حركة الإصلاح» (الإخوان) فتستهدف الطلاب في المدارس والجامعات، وتسيطر على بعض المساجد.
وأكد أن الجماعات الإرهابية تغير تأويل الأحاديث النبوية والقرآن الكريم بما يتناسب مع فكرهم وتوجههم، لذلك تكمن أهمية الدورات التي يعقدها الأزهر الشريف في التدريب على كيفية مواجهة الفكر بالفكر؛ مُضيفًا أنه أحد خريجي جامعة الأزهر، ودرس الفقه والعقيدة والحديث وعلوم القرآن، ويسعى لنشر الوعي الدينى الوسطى في بلاده.
وأضاف «نور» أن بعثات الصوماليين إلى الأزهر، وابتعاث معلمين أزهريين إلى الصومال مهم جدًا، لاسيما وأن الصومال من الدول التى تحتاج مثل هذه الجهود.
وعن الصعوبات التي واجهت المجموعة المتدربة، يقول: إن الصومال لا يوجد به سفارة مصرية؛ ما يعني أن الإجراءات القنصلية كافة يتم إنهاؤها من السفارة المصرية بكينيا.
وفيما يتعلق بالمعوقات التي تعطل عمل الأئمة الصوماليين، أجاب: «الظروف الأمنية وعدم الاستقرار يؤثر على تحركاتنا، فبعض الأماكن والمساجد لا نستطيع دخولها؛ لأنها في مناطق سيطرة حركة الشباب».
حضور قوي للصوفية
في السياق ذاته، أشار أحد الأئمة الحاضرين بمقر المنظمة العالمية لخريجي الأزهر ويدعى «عبد الرزاق»، إلى أن غالبية أبناء الشعب الصومالي متفقون على المذهب الوسطي، وكان هناك حضور قوي للصوفية؛ لكن بعضًا ممن يدَّعون انتماءهم للسلفية أصبحوا يكفرون الصوفية ويتهمونهم بالشرك والتفريط في الدين.
وأوضح أن المذهب الأساسي وربما الوحيد في الصومال هو المذهب الشافعي، كما أن المنهج الأشعري له مكانة بين الصوماليين، مشيرًا إلى أنه درس بكلية الشريعة والقانون في مصر، وله مؤلفات في أصول الفقه والسيرة النبوية واللغة العربية.
وعن أبرز الفتاوى التي يحتاجها الناس في بلاده، أجاب: أكثر الأسئلة التي ترد إلينا عن الفقه المعاصر ومسائل التوحيد، وكيفية الرد على السلفيين الذي يكفرون الصوفية، ونجيب عليها وفق المنهج الأزهري.
وأضاف «عبد الرزاق» أن التطرف مخالف لفطرة الشعب الصومالي، فهمو شعب يميل إلى الاعتدال، ولدينا معاهد أزهرية نعتبرها يدًا وعونًا لنا في مواجهاتنا مع الفكر المتطرف.