«ألبانيا».. محطة خفية في الصراع «الأمريكي - الإيراني»
السبت 25/يناير/2020 - 02:05 م
طباعة
محمد شعت
مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، تجد أطراف دولية أخرى نفسها ضمن هذا الصراع؛ بسبب مواقفها تجاه أحد قطبي الأزمة التي تزداد تعقيدًا، والتي كان آخرها ألبانيا.
وجدت الدولة البلقانية «ألبانيا» -والتي تأوي أعضاء من منظمة «مجاهدي خلق»- المعارضة الإيرانية، نفسها ضمن الصراع الأمريكي الإيراني؛ خاصة بعدما رحبت باغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس، بالحرس الثوري في غارة جوية أمريكية بدون طيار؛ ما دفع المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي إلى الهجوم على الدولة العضو في حلف الـ«ناتو» قائلًا: «هناك دولة أوروبية صغيرة شريرة احتشد فيها الأمريكيون والخونة للتآمر ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية»، وذلك بالتزامن مع قرار ألبانيا بطرد دبلوماسيين اثنين إيرانيين؛ بسبب مشاركتهم في أنشطة تعتبر غير مقبولة لمنصبيهما كدبلوماسيين.
ملامح الصراع
دخول ألبانيا ضمن الصراع «الأمريكي – الإيراني» يسبقه تاريخ طويل من الخلافات مع طهران، وذلك بعدما وافقت عام 2013 على إعادة توطين 3 آلاف عضو من منظمة «مجاهدي خلق» المعارضة لإيران، والتي يصنفها النظام بـ«الإرهابية»، ووفق تصريحات مسؤولين ألبان بأن استضافة أعضاء المنظمة يمثل خطرًا على بلادهم، إلا أنه عمل إنساني يتفق مع سياسة الدولة لحمايتهم من النظام الإيراني.
وضمن سلسلة الخلافات، يأتي انضمام ألبانيا إلى «التحالف الدولي لأمن وحماية الملاحة البحرية وضمان سلامة الممرات البحرية» الأمريكي الذي أعلن عنه في يونيو 2019، المناهض لإيران على خلفية اتهامها بالوقوف خلف هجمات ضد ناقلات نفط وسفن في مياه الخليج قرب مضيق هرمز الاستراتيجي.
المخاوف التي أعربت عنها ألبانيا تحققت بالفعل؛ حيث تعرضت الدولة للإرهاب الإيراني، وتم الكشف في أكتوبر 2019، عن خلية إرهابية إيرانية كانت تهدف إلى شنِّ هجمات على أعضاء «مجاهدي خلق» في البلقان، وأشارت الشرطة الألبانية وقتها إلى أن الجماعة المضبوطة قد تكون جزءًا من وحدة «فيلق القدس» الإيرانية.
ووفق تصريحات قائد الشرطة الألبانية، فإن «فيلق القدس»، ذراع العمليات الخارجية لـ«الحرس الثوري» الإيراني، يدير «خلية إرهابية نشطة» تستهدف أعضاء في منظمة «مجاهدين خلق» المعارضة في ألبانيا، مشيرًا إلى إحباط هجوم مخطط آخر على المجموعة في ألبانيا، من قبل مرتبطين بالحكومة الإيرانية في مارس من عام 2019 خلال احتفالات الربيع الإيرانية، وكشف بيان للشرطة الألبانية أن اثنين من كبار مسؤولي الأمن الإيرانيين قادا الخلية من طهران.
تزايد التهديدات
في ظل التهديدات المستمرة الإيرانية بالانتقام لمقتل قاسم سليماني، يشعر أعضاء المنظمة في ألبانيا بالقلق على حياتهم؛ خاصة في ظل مخاوفهم من استهداف النظام الإيراني لهم انتقامًا لمقتل «سليماني»، وما يزيد هذه المخاوف تصريحات خامنئي الأخيرة التي اتهمت ألبانيا بالتآمر على إيران؛ لأنها تأوي أعداء «النظام»، في إشارة لـ«مجاهدي خلق».
التهديدات الإيرانية في أوروبا لا تقتصر على الخلايا الإرهابية فقط، ولكنها تشمل أيضًا السفارات الإيرانية في الدول الأوروبية؛ خاصة بعدما طردت ألبانيا اثنين من الدبلوماسيين الإيرانيين، بسبب «نشاط لا يتناسب مع وضعهما الدبلوماسي»، وهي عبارة عادةً ما تُستخدم في حالة التجسس، ما يشير إلى أن إيران قد تستخدم السفارات لتنفيذ عمليات عدائية على الأراضي الألبانية، ولم تكن المرة الأولى التي تطرد فيها ألبانيا عناصر دبلوماسية إيرانية؛ حيث طردت ألبانيا في ديسمبر 2018، سفير إيران ودبلوماسياً آخر «للإضرار بالأمن القومي».
الدوافع التي قد تحرك طهران لتنفيذ عمليات ضد ألبانيا لا تقتصر على استضافتها لأعضاء منظمة «مجاهدي خلق» فقط، ولكن باعتبار أن الدولة البلقانية أحد حلفاء واشنطن، والتي قد تستطيع من خلاله إحراج الولايات المتحدة الأمريكية، وإظهارها بمظهر العاجز عن حماية الحلفاء؛ خاصة في ظل استمرار القراءة الخاطئة للنظام الإيراني لموازين القوى.