في ذكرى 25 يناير.. أكذوبة «ثورية الإخوان»

السبت 25/يناير/2020 - 02:11 م
طباعة في ذكرى 25 يناير.. دعاء إمام
 
مع اقتراب ذكرى ثورة 25 يناير، لا تكف الآلات الإعلامية لجماعة الإخوان، التي تبث من تركيا، عن التحريض وحث الموالين لها على النزول إلى الميادين، في حين لا تجني الجماعة سوى فشل يعقبه فشل في الحشد؛ لتعود إلى خطاب نوستالجي يزعم مشاركة الإخوان في الثورة منذ يومها الأول عام 2011.



يستند منظرو الجماعة إلى عبارات منسوبة إلى مؤسس الإخوان، حسن البنا، يتحدث فيها عن الثورة؛ لذلك يبحث الموقع في السيرة الذاتية للمؤسس، للإجابة على سؤال: هل الإخوان جماعة ثورية؟



القوة المحرمة



تضمن كُتيب «رسالة التعاليم»، رد «البنّا» على التساؤل الدائر حول تفكير الإخوان في الثورة، قائلًا: «الإخوان لابد أن يكونوا أقوياء، ولابد أن يعملوا في قوة.. الثورة أعنف مظاهر القوة، فنظر الإخوان إليها أدق وأعمق، وبخاصة في وطن كمصر جرب حظه من الثورات، فلم يجن من ورائها إلا ما تعلمون».



وتابع: «بعد كل هذه النظرات والتقديرات أقول لهؤلاء المتسائلين إن الإخوان سيستخدمون القوة العملية؛ حيث لا يجدي غيرها، وحيث يثقون أنهم قد استكملوا عدة الإيمان والوحدة، ويحتملون كل نتائج موقفهم هذا بكل ارتياح، وأما الثورة فلا يفكر الإخوان فيها ولا يعتمدون عليها، ولا يؤمنون بنفعها ونتائجها».



ثم يجزم مؤسس الجماعة أن مصر لو شهدت ثورة فلن يكون للإخوان يد فيها، متابعًا: «إن كانوا يصارحون كل حكومة في مصر بأن الحال إذا دامت على هذا المنوال ولم يفكر أولو الأمر في إصلاح عاجل وعلاج سريع لهذا المشاكل، فسيؤدي ذلك حتمًا إلى ثورة ليست من عمل الإخوان، ولا من دعوتهم، ولكن من ضغط الظروف ومقتضيات الأحوال».

ازدواجية الإخوان


تزامنت ثورة الياسمين نهاية عام 2010 في تونس، مع ثورة 25 يناير في مصر، وتشابها في أن كلتيهما زادت من أطماع الجماعة في الوصول لسدة الحكم، ففي مصر اعتلى محمد مرسي، الرئيس المنتمي للجماعة كرسي الرئاسة في يونيو 2012، ثم توالت كوارث الإخوان في مصر؛ ما أدى إلى الخروج في ثورة شعبية تطالب بعزل «مرسي»، وهو ما رد عليه الإخوان بتنظيم تظاهرات مؤيدة للنظام المعبر عنهم، ثم عمل اعتصام مسلح في ميداني «رابعة العدوية» و«النهضة».



وفي تونس، جاءت حركة النهضة امتدادًا لجماعة الإخوان في تونس على رأس السلطة، وكان الاعتراف بثورتي مصر وتونس من قبل الإخوان، له أسباب أخرى لا تتعلق بكونهم جماعة ثورية، بل إنهما صعدتا بالجماعة إلى الحكم، أما 30 يونيو (2013) التي خرجت فيها جموع الشعب المصري، ووصفها الإخوان بـ«الانقلاب»؛ نظرًا لأنها فضحت ضعف القاعدة الشعبية للجماعة، وكشفت الرفض الجماهيري لحكم الإخوان.

بينما ظهر «ثروت الخرباوي»، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، في مقطع مصور بتاريخ يونيو 2012، يؤكد خلاله أن القيادي الإخواني كمال الهلباوي، بعدما رفض عناصر الإخوان المشاركة في ثورة يناير، فقال لهم إن الثورة في لحظات حرجة: «ولو عاش البنّا إلى وقتنا هذا لافترش الأرض وجلس في الميدان».



وأشار إلى أن المؤسس قال في رسائله إن الإخوان يتجنبون الثورة؛ لأنها لم تجر على مصر إلا الوبال؛ وهو السبب في تخاذل الإخوان عن المشاركة أو التعاطي مع ثورة 25 يناير.

العنف الثوري
بعد فشل الجماعة في الحشد، طالب التيار القطبي -نسبة إلى منظر الإخوان سيد قطب- بتكوين مجموعات مسلحة وطرح مصطلحات تحمل اتجاهات الجماعة، إذ كانوا يسوّقون لـ«العنف الثوري» أو «المقاومة المسلحة»، وهي التي تربط بين العنف والثورة؛ لإرضاء التيار القطبي والتيار الشبابي (الثوري)؛ خاصة بعد سقوط حكم الجماعة في 2013.



وتناول الباحث الأمريكي «إريك تراجر»، زميل معهد «واشنطن لدراسات الشرق الأدنى»، الصلة بين الانقسام المتزايد داخل الإخوان، وحدوث هجمات إرهابية داخل مصر، مشددًا على أن الخطأ القاتل للجماعة هو اعتقادها بأنها تستطيع أن تحرك قواعد تفوق ما خرج خلال 30 يونيو 2013.



وتتبع في مقال بمجلة «فورين آفيرز» الأمريكية، في أغسطس 2017، تصدع الجماعة داخليًّا وانقسامها بين ما يُعرف بـ«الجناح الثوري» و«الحرس القديم»، وما آلت إليه «الإخوان» بسبب تلك الصدمات واختيار العنف، قائلًا: «في الأشهر التي تلت فض رابعة، بدأ شباب الإخوان داخل مصر حمل السلاح، وأنشأوا وحدات حماية للدفاع عن مظاهرات الجماعة المستمرة والضعيفة بشكل متزايد من قوات الأمن، غير أن تلك الوحدات بدأت الهجوم، وظهر عدد من الجماعات المسلحة التي استهدفت مراكز الشرطة والأفراد العسكريين وأبراج الكهرباء والطرق والبنى التحتية الأخرى».



وبحسب «تراجر»، كُلف محمد كمال -زعيم الإخوان الذين يدعمون أعمال العنف بـ«لجنة الشريعة الإسلامية للإخوان»- بصياغة دفاع عن «نشاطها الثوري» قائم على الشريعة، وفي نهاية المطاف تحولت الجماعة للعنف، بعدما أقرت اللجنة ما أسمته «فقه المقاومة الشعبية للانقلاب»، والذي أباح مجموعة واسعة من أعمال العنف، بما في ذلك قتل ضباط الشرطة والجنود.

شارك