استقبال إجباري.. بوادر تغيير بإستراتيجية فرنسا تجاه الدواعش في 2020
الأحد 26/يناير/2020 - 01:51 م
طباعة
شيماء حفظي
أثارت محاكمة فرنسي، بتهمة تجنيد شباب للانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي، بالسجن لمدة 22 عامًا، جدلًا حول مصير الدواعش الفرنسيين المحتجزين في مخيمات سوريا والعراق.
وقضت محكمة في باريس في 25 يناير 2020، بالسجن لمدة 22 عامًا، للفرنسي مراد فارس فارس (35 عامًا) الذي فرّ من سوريا في صيف العام 2014 بعد عام من وصوله إليها، لتحريضه عشرات الشباب على السفر إلى سوريا للقتال، وقيادته مجموعة مقاتلين ناطقين باللغة الفرنسية، بعد محاكمة التزم خلالها المتهم الصمت التام.
وتتأرجح التصريحات الفرنسية تجاه التعامل مع الدواعش، ما بين استقبالهم مرة أخرى من مخيمات الاحتجاز أو محكامتهم في الأراضي العراقية.
وخلال العام الماضي، سيطر توجه في الشارع الفرنسي ضد عودة الدواعش بمن فيهم الأطفال، وهو ما يفسره تشارلز ليستر، مدير برنامج مكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، بأن العديد من الأوروبيين لا يوافقون على جهود الإعادة إلى الوطن ويرون حتى الأطفال مخاطر محتملة.
وقال ليستر، في مقابلة صحفية: «لقد قرأ الناس أي شيء يتعلق بتنظيم داعش باعتباره تهديدًا سلبيًا، كتحدٍ ـ كتكلفة ـ كخطر، وأظهر استطلاع للرأي صدر في فبراير أن ثلثي الشعب الفرنسي يعارضون إعادة الأطفال إلى وطنهم».
وكان لدى فرنسا عقيدة أمنية أنه يجب محاكمة الأشخاص في المناطق التي مارسوا فيها عمليات إرهابية، أى بموجب القانونين العراقي والسوري، وليس في فرنسا، وهو ما تبعه اقتراح إجراء محاكمة للفرنسيين الإرهابيين في العراق.
وتحتجز قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، ما بين 400 و500 فرنسي في سجونها، بينهم نحو 60 مقاتلًا سابقًا، وتريد باريس أن تُبرم اتفاقًا مع العراق بشأن استقبال مواطنيها بعد خروجهم من سوريا ومحاكمتهم.
ووفقًا لبيانات حكومية، فإن 1700 فرنسي سافروا للانضمام لتنظيم داعش، قتل منهم 300، وتنتظر فرنسا ترحيل 700 رجل، و500 طفل، يهددهم أردوغان بالترحيل إلى باريس.
وقالت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسيَّة، في نوفمبر 2019: إن باريس تواجه خطرًا إرهابيًّا، وقلقة إزاء عودة الجهاديين مشيرة إلى أن أجهزة الأمن الفرنسية تهتم في نفس الوقت بمراقبة الإرهابيين الفرنسيين المحتجزين لدى الأكراد، وبالأخطار التي يمكن أن تأتي للبلاد.
ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني، أنه قبل أيام قليلة من إحياء ذكرى هجمات باريس التي وقعت في 13 نوفمبر 2015، أثار إعلان أنقرة ترحيل الجهاديين الأجانب وعائلاتهم، مخاوف في وقت يبقى التهديد الإرهابي «مرتفعًا للغاية» في فرنسا، ويشكل وضع الجهاديين الفرنسيين في السجون الكردية بسوريا مصدر قلق.
وتقول صحيفة «لوباريزيان» الفرنسية: إنه استنادًا إلى أجهزة الاستخبارات الفرنسية، فإن 119 مُتطرفًا في فرنسا خرجوا من السجون تحت رقابة مشددة وعن قُرب.
وقال مصدر استخباراتي للصحيفة: إن تنظيم داعش لم يعد قادرًا على تنفيذ هجمات في فرنسا أو في أوروبا بحجم هجمات باريس التي استهدفت مسرح «الباتاكلان» في باريس و«ستاد دو فرانس»، وخلفت 130 قتيلًا؛ لكن المصدر يرى أن الخطر يأتي من الدواعش الفرنسيين أو الأجانب الذين قاتلوا في سوريا والعراق.
وفي منتصف ديسمبر 2019، أقر وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، بأن مسألة المحاكمة في العراق «غير ممكنة على المديين القصير والمتوسط» خصوصًا بسبب الاحتجاجات الشعبية التي تهز هذا البلد، حيث أصبح العراق مؤخرًا ساحة مواجهة بين إيران والولايات المتحدة.
لكن مع بداية العام 2020، وتوتر الأوضاع في العراق، وصعوبة إجراء محاكمات في البلاد، ربما يتغير الخيار الفرنسي في التعامل مع الدواعش.
وفي 11 يناير 2020، أعلنت وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبي، في مقابلة مع صحيفة «ليبيراسيون»، أنها لا ترى حاليًا «حلًا آخر» سوى إعادة المتطرفين الفرنسيين المحتجزين لدى القوات الكردية في سوريا، إلى فرنسا.
وقالت بيلوبي: «حتى التطورات الأخيرة، كنا نفكر في احتمال إقامة محكمة مختلطة في العراق - مع دول أوروبية أخرى - لمحاكمة الإرهابيين الأجانب الذين ترفض دولهم إعادتهم، خصوصًا الفرنسيين، وهي محكمة كنا سندعمها.. لكن المعطيات تغيّرت».
ولكن بعدما أصبحت محاكمة الدواعش في الأراضي العراقية، تقول بيلوبي «أنا لا أرى حلًا آخر سوى إعادة هؤلاء الناس إلى فرنسا.. كل مقاتل إرهابي سيعود إلى فرنسا سيُحاكم كما كنّا نفعل دائمًاً.
وتتمسك فرنسا، بإجراءات قضائية لإعادة أطفال الدواعش، وتقول الحكومة الفرنسية إنه من غير المقبول أن يكون أطفال صغار جدًا لإرهابيين فرنسيين، محتجزين في مخيمات لدى القوات الكردية.
ولكنها تقصر عودة الأطفال على موافقة الوالدة لاستعادة الأطفال دون والديهم، ويتوقف القرار على دراسة «كل حالة على حدة».
وفي يونيو الماضي، قالت وزارة الخارجية الفرنسية: إن 12 طفلًا يتيمًا من الإرهابيين الفرنسيين، نُقلوا إلى بلادهم، وكان أكبر هؤلاء الأطفال 10 سنوات، ما يعزز توجه عدم استقبال البالغين، كما تتحفظ على عودة الأمهات اللائي اتُهم بعضهن بالعمل كدعاية لداعش.