تحدٍّ جديد لواشنطن.. «الردع» تحت الاختبار بعد الاعتداء على السفارة الأمريكية في بغداد

الثلاثاء 28/يناير/2020 - 02:24 م
طباعة تحدٍّ جديد لواشنطن.. إسلام محمد
 

جاء هجوم الإثنين 27 يناير 2020، على السفارة الأمريكية في بغداد؛ ليشكل تحديًا واختبارًا أمام معادلة الردع الأمريكية الـجديدة، والتي تم إرساؤها بعد تصفية قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني؛ لتورطه في الاعتداء على السفارة.

وسقطت 3 من أصل 5 صواريخ كاتيوشا، داخل حيز السفارة الأمريكية بالعاصمة العراقية، ولم يصب سوى 3 أشخاص، بحسب مصدر أمني محلي، فيما استهدف القصف أيضًا، محيط السفارة بصاروخين، و بدأت المروحيات في إخلاء الموجودين في السفارة.

وعلى إثر الهجوم المفاجئ، طالبت الخارجية الأمريكية حكومة بغداد، بالوفاء بالتزاماتها وحماية منشآت الولايات المتحدة في العراق من الاعتداء.

كما أعلن متحدث الخارجية الأمريكية، أنه منذ سبتمبر 2019، وقع أكثر من 14 هجومًا، من جانب الميليشيات التابعة لإيران ضد الأمريكيين في العراق، مضيفًا، أن الوضع الأمني ما زال متوترًا، وأن الجماعات المسلحة التي تدعمها إيران لا تزال تمثل تهديدًا.



يذكر أنه منذ أكتوبر 2019، تم إطلاق أكثر من109 صواريخ، على مواقع القوات الأمريكية، في أنحاء مختلفة بالعراق.

وتشير أصابع الاتهام في جميع تلك الهجمات، إلى ميليشيات الحشد الشعبي، التي تتبع فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، والذي اغتيل قائده قاسم سليماني، في مطار بغداد، في الثالث من يناير الحالي؛ لأسباب لها صلة بتلك الهجمات.

ومنذ اغتيال سليماني ورفاقه، الذين كان أبرزهم مهدي المهندس، نائب رئيس الحشد الشعبي، التابع لطهران، لم تجرؤ الأخيرة على شن أي هجمات ضد أهداف أمريكية، باستثناء الرد الهزيل، الذي استهدف قاعدة عين الأسد، بتنسيق مسبق مع واشنطن؛ لحفظ ماء وجه نظام الملالي، دون أن يوقع القصف أي قتلى، وأعلن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف آنذاك، أن رد بلاده على مقتل سليماني، قد انتهى.

لكن السؤال الذي طرح نفسه، هو ماهية الخط الأحمر بالتحديد، الذي تعتبر واشنطن اختراقه سببًا كافيًا؛ لاستهداف الإيرانيين عسكريًّا، كما حدث مع سليماني؟ إذ إن أول هجوم عسكري أمريكي مباشر ومعلن ضد الجيش الإيراني، كان استهداف قواعد تابعة لميليشيا حزب الله العراقي في سوريا والعراق، راح ضحيتها عدد من الضباط الإيرانيين؛ انتقامًا لمقتل مواطن أمريكي، في قصف لميليشيات الحشد الشعبي.

لكن الميليشيات صعدت ضد واشنطن، وجمعت رجالها، واعتدت على سفارة الولايات المتحدة الأمريكية؛ ما حدا بالأخيرة لاغتيال سليماني وأبي مهدي المهندس وآخرين برفقتهم، وهو الحدث الذي أعاد التوازن والفعالية لمعادلة الردع الأمريكية، وتم إعلان، أن الخط الأحمر الذي انتهك وتسبب بكل هذا التصعيد، هو قتل مواطن أمريكي.



وفهمت إيران الدرس جيدًا، فقصفت قاعدة عين الأسد، بتنسيق مسبق، وبدون إيقاع أي قتلى، كرد شكلي، ينهي الأمر، ولا يتسبب في حدوث تصعيد، لكن استهداف السفارة الأمريكية مرةً أخرى، يطرح علامات استفهام، سوف تجد إجابتها، في رد الفعل الأمريكي على الواقعة؛ لتعريف الخط الأحمر الأمريكي، بصورة واضحة، وتبيان ما إذا كان هناك حاجة لرد عسكري أم لا، وهو الأمر الذي سيسهم في تشكيل المشهد في المنطقة، طيلة الفترة المقبلة.

 

شارك