هكذا تستخدم قطر المال السياسي لاستمالة المهمشين ودعم العنف في السودان
الثلاثاء 28/يناير/2020 - 02:27 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
تتبنى قطر إيديولوجية معتمدة على تصعيد تيارات «الإسلام السياسي» لمنصات الحكم بدول الشرق الأوسط كمرحلة أولية، وتخصص في سبيل ذلك ثروتها المالية عبر منظمات العمل الخيري التي تعمل كغطاء سياسي بالدول المستهدفة.
وتعد السودان من أبرز الدول المستهدفة بالمال القطري حاليًا لما تخضع له من تجربة انتقالية تسعى الدوحة لصياغة بعض مفرداتها، بما يحقق أجندتها ويضمن وصول ذراعها السياسية المتمثلة في «جماعة الإخوان» إلى سدة الحكم، واستمالة العامة من خلال أموال وخدمات خيرية مغلفة بالتجرد الظاهري من المنفعة.
جاءت شحنة المستلزمات الطبية القطرية المارة من السودان إلى ليبيا، كمثال على استخدام المساعدات الخيرية، كممر لتوصيل السلاح والمعونات للأذرع التابعة، ففي 20 يناير 2020 كشف موقع «السودان اليوم» عبر مصادره العسكرية الخاصة تمكن ضباط الدعم السريع من ضبط شحنة محملة ببنادق آلية ونصف آلية في دارفور.
بتتبع سير الشحنة تم اكتشاف إعلان قطر من خلال أذرعها الإعلامية «الجزيرة» و«الخليج أونلاين» عن منحة طبية للسودان، لكن العربات لم تكن محملة فقط بالمستلزمات الصحية، لكن بالأسلحة المتجهة في حقيقتها إلى حكومة الوفاق فى ليبيا وميليشياتها التابعة لقطر وتركيا.
وفيما يخص الأنشطة الخيرية لقطر في السودان والمستهدفة لعموم الشعب، فإن «مؤسسة قطر الخيرية» تضطلع بهذه المهام بشكل كبير ولكن ظاهريًا، ففي أكتوبر 2019 أعلنت عن منحة بقيمة 3 ملايين ريال قطري من أجل حملات طبية لضحايا الفيضانات بالسودان، إلى جانب مساعدات غذائية وإسكانية.
وعن طريق فرعين للمؤسسة أحدهما بالخرطوم والآخر في نيالا بدارفور، تلعب قطر الخيرية دورًا كبيرًا في المنطقة المضطربة، ففي تقرير نشره موقع صحيفة «الشرق» القطرية بعنوان "قطر تبني قرى العودة الطوعية"، تبين أن الامارة دفعت 33 مليون دولار عبر بوابتها الخيرية لبناء مراكز صحية وسكنية إلى جانب مساجد ومراكز تعليمية وثقافية فى دارفور.
ومن «دارفور» إلى طلاب ومواطني اليمن، ففي أكتوبر 2018 أعلنت «مؤسسة قطر الخيرية» تقديم مساعداتها لهم، ما يبرز إشكالية خطيرة ولكنها مكررة في جميع النماذج الإخوانية القطرية في أي بلد، وهي اللعب على المهاجرين والأقليات في المناطق المضطربة سياسيًّا وأمنيًّا.
ليست قطر الخيرية هي الذراع التطوعية الوحيدة لإمارة تميم، بالسودان، لكن هناك «مؤسسة عيد الخيرية» التي أسهمت بشكل رئيسي في مشروع القرى بدارفور إلى جانب إرسال قوافل طبية وخدمية، وهناك أيضًا «مؤسسة عفيف القطرية» التي تهتم بتمويلات للسودان.
ونتيجة للوعي الرسمي لقيادة السودان الحالية تجاه المال السياسي القطري المتدفق نحو البلاد في صورة مساعدات إنسانية، قرررت السلطات في نوفمبر 2019 إغلاق نحو 27 مؤسسة تابعة للتنظيم الدولي للإخوان في البلاد منها «أنا السودان، وتنميات الإنسانية وسند الخيرية ومؤسسة معارج للسلام والتنمية» وغيرهم.
والملاحظ أن الجمعيات الخيرية القطرية بالسودان تعمل فى إطار متحد لكنه متعدد الأسماء، ويظهر ذلك في صورة نشرتها مؤسسة عيد القطرية الخيرية عن مساعدات أرسلتها للسودان، لكن العربات المحملة بالإمدادات كانت تحمل لافتة باسم «جمعية ذي النورين» المدرجة في نوفمبر 2019 على لائحة الحظر السوداني للمؤسسات القطرية بالبلاد، ما يعني أن مؤسسات الداخل القطري تمتلك أذرعًا تدعي أنها سودانية خالصة، ولكن الحقيقة أنها غطاء للتمويل القطري لجماعاتها بالسودان بغية الاستقطاب والتوظيف السياسي عند الضرورة.