علاقة داعش بـ«صفقة القرن».. ما وراء إصدار التنظيم الأخير؟
الأربعاء 29/يناير/2020 - 11:33 م
طباعة
نهلة عبدالمنعم
قبل ساعات من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لبنود ما أسماه «خطة السلام» بين إسرائيل وفلسطين، أعلن المتحدث الرسمي لـ«داعش» أبو حمزة القرشي عن كلمة صوتية جديدة للتنظيم، فهل هناك ثمة علاقة بين الحدثين المهمين للشرق الأوسط وما سر تزامنهما أو تعاقبهما؟.
ففي 27 يناير 2020 قال أبو حمزة القرشي في التسجيل الصوتي الأخير للتنظيم: إن عيون عناصر الخلافة لا تزال موجهة صوب القدس، لافتًا إلى أن المرحلة القادمة ستشهد تكثيف الاستهداف للإسرائيلين واسترداد ما أخذوه عنوة، داعيًا إلى إفشال الخطة الأمريكية تجاه فلسطين وإسرائيل.
وبعد هذا التسجيل بساعات أعلن ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو عن بنود الخطة الأمريكية لحل القضية الأشهر في الشرق الأوسط فيما عرف إعلاميًّا بـ«صفقة القرن»، التي تضمنت القدس عاصمة كاملة لإسرائيل، ودولة فلسطينية رافضة للإرهاب إلى جانب بعض التفاهمات الأخرى.
ملاحظات الخطاب الأخير
وبناء على ذلك، يتضح وجود أمرين أولهما التعاقب بين كلمة داعش وكلمة واشنطن، وبالأخص أن كلمة التنظيم الإرهابي كانت أولًا، كتمهيد خفي لما سيقال، وثانيهما أن الرئيس ترامب ربط بين الدولة الفلسطينية الجديدة وانعدامية الإرهاب، ما يعني أن أي شكل للاعتراض على القرارات السياسية الأخيرة من المحتمل أن يصنف كتطرف.
وهنا يتبادر سؤال حول ماهية الدوافع وراء إصدار داعش الصوتي وتضمنه لهجوم على إسرائيل، فمن خلال زاوية المنفعية السياسية والتسليم بأن تحركات داعش بالأخص مرتبطة دومًا بتكتيك سياسي معتمد على السياق الظرفي، فمن المحتمل أن يعول على الإصدار كمدخل لتبرير أي هجوم عسكري رسمي تجاه أي تنديد بالقرار السياسي الأخير وإفساح المجال أكثر لإلصاق تهم الإرهاب بالكتل الفلسطينية إذا ما اعترض على الصفقة الأخيرة.
وأما في ضوء التكسب الإعلامي من الرواج الإخباري للقصة الأمريكية على مواقع التواصل الاجتماعي فمن المحتمل أن يكون التنظيم قد أراد استثمار الظرف السياسي لمزيد من الترويج لوجوده في ظل خفوت عملياته وكثرة خسائره إلى جانب إكساب أنشطته صبغة إسلامية عبر إقحام القضية الفلسطينية والقدس في خطابه الإعلامي الموجه.
ولكن من الضروري عدم إغفال حقيقة عدم استهداف الجماعات الإرهابية وبالأخص داعش لأي أهداف إسرائيلية منذ إعلان أبو بكر البغدادي تأسيس التنظيم في 2014 ، حتى أن التنظيم اختار استهداف الجنود المصريين دون الإسرائيليين على الحدود القريبة ما يوحي بتوظيف القضية الفلسطينية لاستمالة المشاعر والتعبئة فقط.
وهو مسار يعتبره البعض مردود عليه فهناك من يدفع بأن داعش وفقًا للمراحل السبع للتمكين العالمي يقصي إسرائيل للنهاية من أهدافه، إذ يستهدف في المقدمة إسقاط الأنظمة العربية والمصالح الأمريكية بالمنطقة وإرباك اقتصادها داخليًا ثم الهجوم على إسرائيل في المرحلة الأخيرة من حكم العالم، وهو ما عبر عنه براين فيشمان في كتابه المهم «الخطة الرئيسية.. داعش والقاعدة وإستراتيجية الجهاد لتحقيق النصر النهائي».
شيطنة المقاومة
لمناقشة الأطروحات السالفة مع رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني، محمد أبو سمرة الذي استنكر الإصدار الأخير لداعش مؤكدًا أنه مجرد فبركة إسرائيلية لكي تقول للعالم أن أي عملية مقاومة فلسطينية محتملة من تنفيذ داعش.
وتستهدف من ذلك شيطنة المقاومة الفلسطينية ووسمها بالإرهاب؛ مضيفًا أن داعش هو صناعة أمريكية وإسرائيلية وغربية أيضًا، لافتًا إلى أن العالم شاهد علاج العناصر الداعشية التي خربت الشقيقة سوريا في مستشفيات إسرائيل، لذلك يعتبر أبو سمرة أن داعش تسير فقط في خدمة واشنطن وتل أبيب.