ثلاثون عامًا من «الإخوان».. السودان من بلد مسالم إلى دولة راعية للإرهاب تحت حكم البشير

الخميس 30/يناير/2020 - 08:45 م
طباعة ثلاثون عامًا من «الإخوان».. أحمد عادل
 
عبر ثلاثين عامًا من القهر من «1989 - 2019» تحوَّل السودان تحت حكم الرئيس المعزول، عمر البشير إلى مفرخة كبرى للإرهابيين؛ ما وضع السوادن المسالم إلى احتلال مرتبة متقدمة، في قوائم الدول الراعية للإرهاب، ولم تكن قناة الجزيرة القطرية ببعيدة عن الحدث؛ حيث قدمت الدعم الإعلامي للبشير والإخوان .

كارلوس الثعلب
البداية، منذ نحو 20 عامًا، عندما استضاف الرئيس المعزول، عمر البشير، أخطر إرهابي في العالم، «إلييتش راميريز سانشيز»، المشهور بـ«كارلوس الثعلب»، الذي نفذ عمليات قتل وتخريب في فرنسا، وغيرها من الدول الأوروبية، واعتقلته المخابرات الفرنسية، من قلب الخرطوم، في العام 1994، في واقعة هزت العالم كله.
ومن بين أخطر وأشهر العمليات التي تتصدر سجل كارلوس الحافل، اقتحامه مع خمسة مسلحين، بينهم ألمانيان، اجتماعًا لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، في فيينا، نهاية عام 1975؛ ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص، واحتجاز 70 شخصًا، من بينهم 11 وزيرًا ومندوبًا.
وتمكن المهاجمون من الحصول على طائرة، نقلتهم والرهائن إلى الجزائر؛ حيث أطلق سراحهم، وتلقى كارلوس فدية، مقدارها، 50 مليون دولار، وسلم نفسه للسلطات الجزائرية، التي أفرجت عنه بعد عدة أيام.
وقبل هذه الحادثة، كاد رجال الأمن الفرنسيون، أن ينجحوا في اعتقاله، في شقة بباريس، إلا أنه تمكن الإفلات، وقتل ثلاثة رجال أمن ومخبر، بحسب شهادته، فيما تقول السلطات، أنه قتل ضابطين فرنسيين ومخبر.
وفي عام 1994، استطاعت أجهزة الاستخبارات الفرنسية، بالتعاون مع المخابرات الجزائرية، تحديد مكان الثعلب، على إثر تحليل صور لحفلات في الخرطوم، ونجحت الأجهزة حينها في خطفه من السودان، بعد مطاردة، استمرت لأكثر من عقدين، من قبل عدة أجهزة استخبارات أوروبية وأمريكية.

أسامة بن لادن:
في عام 1990، انتقل أسامة بن لادن «القيادي بتنظيم القاعدة»؛ للعيش في السودان، واستمر هناك حتى 1996م، واستطاع خلال تلك الفترة، تأسيس فرع للتنظيم، ضم العديد من مسلحي القاعدة، الذين استقروا هناك.
تمكن بن لادن من شراء العديد من الأراضي الزراعية، وإنشاء شركات عدة، في العاصمة الخرطوم، قربته كثيرًا من حكومة عمر البشير وحسن الترابي، المنتمي للحركة الإسلامية، التي كان لها علاقات واضحة مع القاعدة، ونقل جزء كبير من أرصدته ومعداته إلى السودان، واستثمر بقوة في مشاريع طرق وإنشاءات ومزارع وغيرها.
لم تبخل حكومة البشير، التي جاءت بعد انقلاب 1989، بقيادة حسن الترابي، مؤسس الجبهة القومية، وهي ذراع جماعة الإخوان في السودان، على مساعدة تنظيم القاعدة في تأسيس فرعه الجديد بالخرطوم، فقدمت له شتى أنواع الدعم الإستراتيجي واللوجيستي؛ ليتمكن زعيم تنظيم القاعدة، من شراء أجهزة اتصالات وأسلحة حديثة، دخلت إلى السودان، باسم قوات الدفاع الشعبي، التي أسستها الجبهة القومية، في أعقاب انقلاب 1989م، واستخدمها البشير في قتال الجماعات المتمردة في الجنوب.
كما توافد إليها عناصر، تسمى «جماعة الجهاد الإسلامي المصرية»؛ حيث بدأ البشير في مناوأة النظام المصري، الذي بدأ يتأكد، أن الانقلاب في السودان، كان إخوانيًّا خالصًا.
بدأ بن لادن سلسلة شركاته، بـ«وادي العقيق»، والثانية «لادن العالمية»، العاملة بالاستيراد والتصدير، ثم أسس «طابا انفستمنت» للتجارة، وكان يحول أموالها من الجنيه السوداني إلى الدولار، و كانت عائداتها مخصصة؛ للإنفاق على تدريب ورعاية وإيواء الإرهابيين وعناصر تنظيم القاعدة وجماعة الجهاد المصرية.
شركته الأخيرة «هجرة للبناء»، تخصصت في مجال المقاولات، وهي التي أنشأت الطريق الذي يصل بين الدمازين ومدينة الكرمك بطول 83 ميل.
وأنشأ بن لادن شركة «قدرات للنقل»، و«الثمار المباركة»، التي اتخذت من مزرعة ضخمة، حجمها 50 ألف فدان، في مدينة الدمازين، مقرًّا لها.

الجهاد المصري 
كما احتضن المعزول البشير، عناصر تنظيم الجهاد المصري، الذي نفذت عدة عمليات إرهابية في مصر، في فترة التسعينيات، منها محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري الأسبق، اللواء حسن الألفي، ومحاولة اغتيال رئيس الوزراء المصري الأسبق، عاطف صدقي عام 1993، ثم كانت الصاعقة الكبرى، وهي تورط البشير في محاولة اغتيال الرئيس مبارك، التي وقعت أحداثها في إثيوبيا عام 1995، بتخطيط من قبل عناصر الجماعة الإسلامية، وتنظيم الجهاد تحت رعاية البشير وأجهزته الأمنية.

داعش
آوى السودان في عهد البشير عددًا من عناصر تنظيم داعش الإرهابي، الذين كانوا يتدربون في معسكرات لهم بالمدن السودانية، وخططت العناصر حينها، إلى ضرورة استقطاب أكبر عدد من العناصر الطلابية من الجامعات، أبرزها استقطاب مجموعة من الطلبة في جامعة «مأمون حميدة»، التي يدرس بها أبناء الطبقة الميسورة في السودان؛ حيث التحق 11 شابًّا وفتاة، من الجامعة بتنظيم داعش، كانوا يدرسون في مجالات «الطب والصيدلة والهندسة وعلوم الحاسوب وتقنية المعلومات والكيمياء الحيوية والعضوية»، ويحملون جميعًا الجنسية البريطانية.

 إيواء الإرهابيين
أسهمت السياسة التي اتبعها نظام المعزول، عمر البشير، طول فترة حكمه في السودان، إلى وضع البلاد على قوائم الدول الراعية للإرهاب، في منتصف التسعينات، واستتبع ذلك حصار اقتصادي، منعت بموجبه الصناديق الإقليمية والعالمية، من الاستثمار في السودان؛ ما دفع حكومة السودان، في فبراير 2019، تحت رئاسة معتز موسى، ومرورًا بعبدالله حمدوك، رئيس الوزراء الحالي في البلاد، إلى الخروج من مأزق الأزمات التي تواجه البلاد، بضرورة تسليم أغلب العناصر الإرهابية، التي كان يرعاها نظام البشير، طيلة فترة حكمه.

شارك