رئيس وزراء قطر.. آخر ضحايا الوجود التركي في الدوحة
الخميس 30/يناير/2020 - 09:41 م
طباعة
محمود البتاكوشي
«أخاف نندم على جيّة الأتراك ولا يطلعون بعدين».. هذه الكلمات كانت سببًا مباشرًا في الإطاحة برئيس الوزراء القطري السابق عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، الذي أبدى تحفظه من ارتماء أمير قطر تميم بن حمد، تحت أقدام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وصول هذه الكلمات الرافضة للتغلغل التركي في قطر لم تعجب تميم بن حمد، بل أشتم منها خوفًا على عرشه، من غضب أردوغان وجنوده الذين يعيثون في الأرض فسادًا تحت مزاعم القاعدة العسكرية التركية.
غضب رئيس الوزراء القطري السابق عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، من الوجود التركي لم يكن الأول من نوعه، إذا حدثت انشقاقات داخل الجيش القطرى اعتراضًا على الممارسات التركية، الأمر الذي قابله تميم بن حمد بالفصل من الخدمة ومن ثم السجن، الأمر نفسه تكرر مع اللواء ركن فهد الدوسري، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية، فعاقبه تميم بحبس عائلته وقتل أحد أفراده.
بحسب موقع Nordic Monitor، السويدي، نجح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تحصين جنوده الموجودين على الأراضي القطرية، وعدم محاكمتهم مهما ارتكبوا من جرائم، حيث سعى لتمرير اتفاقية المساعدة القضائية ففي حالة تورط القوات التركية في جريمة داخل قطر، يمكن لحكومة أردوغان الاحتجاج بهذا الاستثناء لرفض المساعدة القانونية والتسليم، وأدرجت الاستثناءات في المادتين 11 و14، اللتين تستبعدان التسليم إذا كانت الجريمة تعتبر عسكرية، من بين أسباب أخرى.
المنبوذ يسدد فاتورة غروره.. مؤتمر برلين يؤكد عزلة «أردوغان» وهشاشة سياسته
الوجود التركي في الدوحة ليس الأول من نوعه ففي عام 1893 أرسل العثمانيون جنودًا إلى قطر لقمع معارضة الحاكم المحلي قاسم بن محمد آل ثاني وبقي الجيش العثماني في قطر حتى سقوط الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وهي مدة أطول من بقائه في أي إمارة أخرى من الخليج.
التدخل التركي في قطر لم يقتصر على الوجود العسكري، بل امتد إلى السماح بإجراء عمليات الاستخبارات والمراقبة على أرضها، وفقًا لما كشفته وثيقة حكومية تركية سرية.
تُظهر الوثيقة أيضًا أنه تم السماح للجيش التركي باستخدام أي أصول عسكرية تحت تصرفه، بما في ذلك اختبار أنظمة الأسلحة المكتسبة حديثا، وزودت الحكومة التركية هيئة الأركان العامة بالسلطة للحفاظ على القاعدة في الدوحة ونشر القوات والمعدات العسكرية في قطر. تفاصيل التعميم رقم 2016/8832 ، الذي اعتمده مجلس الوزراء في 25 أبريل 2016 ، حول كيفية قيام الجيش التركي بالعمليات وعمليات نشر القوات في قطر، تم اعتماد المنشور كخريطة طريق لتنفيذ الاتفاقيات العسكرية التركية القطرية التي تحكم اتفاقية وضع القوات(SOFA) ودعم الدولة المضيفة للجيش التركي.
تمنح الوثيقة السرية هيئة الأركان العامة الحق في وضع قواعد الاشتباك للقوات، وإجراء أنشطة الاستخبارات والمراقبة وإبرام اتفاقات مع السلطات القطرية نيابة عن الجيش التركي لإدارة اللوجيستيات والتخطيط والتنسيق وأي مهمة أخرى مطلوبة لإنجاز المهمة، بناء عليه ستقرر هيئة الأركان العامة أنواع المعدات العسكرية والذخيرة وقوة النيران التي ستجلبها إلى قطر والتدابير الأمنية التي ستتخذها لضمان سلامة القوات.
وأوضح التعميم أن هيئة الأركان العامة ستحدد نطاق المهمة وتطبق قيودًا على كيفية تنفيذ القوات لإنجاز المهام عند الحاجة. ومن ثم إتاحة الأصول الجوية والبرية والبحرية التركية للقوات العليا لاستخدامها في دعم القوات التركية في الدوحة. أُذن للقائد التركي المسؤول عن قاعدة الدوحة بتوقيع عقود مع السكان المحليين للحصول على السلع والخدمات.
ووفقًا للاتفاقية يسمح للقوات التركية باستخدام الطائرات التي تملكها القوات المسلحة القطرية، وكذلك يتيح للطائرات التركية استخدام الجيش القطري لأغراض النقل، والانتشار والانسحاب والإجلاء، جميع المشتريات العسكرية من الخارج لاحتياجات قاعدة قطر ستكون خالية من أي ضرائب أو رسوم.
الغريب في الأمر أن النظام القطري أصيب بالفزع، عشية 15 يوليو 2016، ليلة الانقلاب المزعوم، الذي استثمره أردوغان لتصفية خصومه والسيطرة على مفاصل الدولة، فالسلطات القطرية شعرت بالقلق من أن القوات في القاعدة العسكرية التركية في الدوحة قد تشكل تهديدًا لأمن الدولة الخليجية الصغيرة.
أذرع «أردوغان» الخارجية للتجسس على الدول والمجتمعات «4/1»
ولهذا طالبت السلطات القطرية بقائمة تضم جميع الضباط الأتراك الذين وصلوا إلى القاعدة وغادروها، بالإضافة إلى تفاصيل الأسلحة والذخيرة.
انعكس القلق القطري في تقرير مفصل أرسله إلى مقر القيادة العسكرية في أنقرة الجنرال مراد إير، ضابط مخابرات، بموافقة قائد الأركان الفريق علي شاكان.
ذكرت الرسالة، التي تم إرسالها في 17 يوليو 2016 من الدوحة، أن السلطات القطرية تم طمأنتها بعدم وجود مخالفات أو تمرد في القاعدة التركية.
وأضافت المذكرة أنه لتهدئة مخاوف القطريين، أجرت القوات التركية مناورات مشتركة مع القوات المسلحة القطرية.
كما تم إطلاع السفير التركي في الدوحة، أحمد ديميروك، على وضع القوات كالعادة، وتمت مراقبة التطورات الدبلوماسية والسياسية في قطر من قبل ضباط أتراك وتم إبلاغهم إلى المقر العسكري في أنقرة، الأمر الذي يعكس مدى الضعف القطري أمام تركيا.
وجود القاعدة العسكرية التركية في قطر يعني عمليًا فرصة ميدانية للجيش التركي التدريب في الصحراء، ما يسمح للقوات البحرية التركية بإنجاز عمليات مكافحة القرصنة وعمليات أخرى في الخليج العربي والمحيط الهندي وبحر العرب، وقد تشكل القاعدة مركزًا للعمليات التركية المستقبلية ما وراء البحار.