بـ «إبادة الأرمن وليبيا».. أردوغان يفشل في الوقيعة بين فرنسا والجزائر
الإثنين 03/فبراير/2020 - 01:34 م
طباعة
محمد يسري
استضافت الجزائر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان 27 يناير 2020، على خلفية إلحاح أنقرة بإجراء هذه الخطوة؛ تعويضًا لفشل رئيسها في التوصل لنتائج مرضية خلال زيارته التي أجراها في وقت سابق إلى تونس، والتي كان يعول عليها كثيرًا في أن تكون رقمًا في محور أو تحالف يضمن له تحقيق مطامعه الاقتصادية والتوسعية في ليبيا.
وحاول أردوغان تقديم إغراءات اقتصادية للجزائر لتكون بديلًا لما فقده في تونس واصطحب معه 150 رجل أعمال، وأشار في كلمته التي ألقاها بمناسبة استقباله في الجزائر إلى أن له قاعدة كبيرة من رجال الأعمال في الجزائر في إشارة توحي بتلاعبه بورقة الاقتصاد كأدة ضغط على الجزائر، لكن رد الفعل الجزائري جاء مخيبًا لآمال أردوغان في تحقيق ما كان يهدف إليه من استقطاب الجزائر إلى محوره ومساعدته في وضع قدميه في ليبيا وقلب أفريقيا، مؤكدة أنها لن تجازف بالانحياز إلى حكومة الوفاق ولن تنضم إلى محور أو تحالف يدفع بها للتدخل في الشؤون الليبية بشكل مباشر وأنها ستبقى على الحياد، الأمر الذي أغضب الرئيس التركي وجعله يرد الصفعة للجزائر، من خلال الوقيعة بينها وبين فرنسا، وفي الوقت نفسه يكتسب لنفسه نقطة على حساب باريس والاتحاد الأوروبي. بصفة عامة.
إثارة الفتنة بين فرنسا والجزائر
بعد عودة الرئيس التركي أردوغان من الجزائر إلى بلاده فكر في كيفية إحراج الجزائر وتوريطها في أزمة جديدة مع أوروبا وتحديدًا دولة فرنسا، ونشرت وكالة الأناضول التركية تصريحًا لأردوغان قال فيه: إنه دار بينه وبين الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، حديث أطلعه فيه الأخير على معلومات تفيد بقتل فرنسا 5 ملايين جزائري.
وطالب أردوغان من الرئيس الجزائري تزويده بالوثائق المتعلقة بهذه «المجازر» كي يطلع الرئيس الفرنسي عليها كونه لا يعرف أن بلاده قتلت ملايين الجزائريين، وفقًا لتصريحات نقلتها وكالة الأناضول الرسمية التركية عن أردوغان، الأمر الذي يطرح التساؤل التالي: ما الهدف من هذه التصريحات ولماذا الآن؟
يهدف الرئيس التركي من إثارة هذه القضية تحقيق أمرين وهما:
الأمر الأول: ابتزاز ومساومة فرنسا وأوروبا بصفة عامة، مقابل التغاضي عن واحدة من كبرى الإشكالات التي تواجه انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي وهي ورقة مذابح الأرمن، وكانت فرنسا احتفلت لأول مرة بذكرى الإبادة الجماعية التي اقترفتها القوات العثمانية بحق الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى، في 24 أبريل 2019 التي اعترفت رسميًّا بها عام 2001، وتحقيقًا لوعد انتخابي، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اختيار يوم 24 أبريل يومًا وطنيًّا في بلاده لإحياء ذكرى «الإبادة الأرمنية».
وبالتالي فإن محاولة أردوغان الحصول على وثائق جزائرية عن حقبة الاحتلال الفرنسي للجزائر في هذا التوقيت ليست إلا ردًا على هذا الاعتراف الفرنسي ومحاولة مساومة باريس وابتزازها بهذه الورقة من أجل سحب الاعتراف بإبادة الأرمن التي تقف عقبة أمام انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي.
الهدف الثاني: ويتعلق بالجزائر، عن طريق إثارة الفتنة بينها وبين فرنسا التي تتميز علاقة البلدين الآن بالهدوء والتعاون، خاصة بعد الرفض الجزائري الرسمي بأن تكون الجزائر ضمن المحور التركي لتحقيق الهيمنة الاقتصادية والسياسية على ليبيا والشمال الأفريقي، وهو ما فطنت إليه الجزائر التي أصدرت وزارة خارجيتها بيانًا أكدت فيه، تفاجئها من تصريحات الرئيس التركي، مشيرة إلى أن حديث الرئيس الجزائري مع أردوغان أخرج عن سياقه.
وجاء في البيان الذي نقلته وكالة الأنباء الجزائرية: « وبداعي التوضيح، تشدد الجزائر على أن المسائل المعقدة المتعلقة بالذاكرة الوطنية التي لها قدسية خاصة عند الشعب الجزائري، هي مسائل جد حساسة، لا تسهم مثل هذه التصريحات في الجهود التي تبذلها الجزائر وفرنسا لحلها».