عملية «ستريتهام» تعيد «جسر لندن» إلى أذهان البريطانيين
الإثنين 03/فبراير/2020 - 09:01 م
طباعة
معاذ محمد
يبدو أن بريطانيا لم تعى الدرس من حادث "جسر لندن" الارهابي الذي وقع في نوفمبر 2019، ولم تتخذ الإجراءات الكافية لحماية مواطنيها، رغم تأكيد الحكومة البريطانية خلاف ذلك، ما أدى إلى تكرار المشهد ذاته في مقاطعة «ستريتهام» جنوب لندن، بطعن رجل لعدة أشخاص، الأحد 2 فبراير 2020.
ووقع حادث "جسر لندن" فى أواخر نوفمبر 2019، وأدى الى مقتل شخصين وإصابة ثلاثة آخرين في هجوم نفذه رجل بسكين على مجموعة من المارة قرب جسر لندن، قبل أن ترديه الشرطة البريطانية قتيلا.
وكشفت الشرطة البريطانية، الاثنين 3 فبراير، هوية منفذ الحادث، مشيرة إلى أنه يدعى "سوديش أمان"، 20 عامًا، وأطلق سراحه منذ حوالي أسبوع فقط، بعد قضائه نصف مدة عقوبته البالغة ثلاث سنوات وأربعة أشهر، لإدانته بارتكاب جرائم إرهابية، منذ أن كان في عمر السابعة عشر، وبحسب وكالة «رويترز»، أعلن تنظيم "داعش" الارهابي مسئوليته عن الهجوم.
عقب حادث جسر لندن، الذي أعلن "داعش" أيضًا مسؤوليته عنه، اكتشفت السلطات البريطانية أن منفذه يدعى «عثمان خان»، واتهم عام 2012 بالضلوع في مؤامرة استلهمت نهج تنظيم "القاعدة" لتفجير بورصة لندن للأوراق المالية قبلها بعامين، وتم الإفراج عنه في ديسمبر 2018 قبل أن يكمل المدة، بموجب قانون البلاد.
كما قتل في مارس 2017، 5 أشخاص وأصيب 50 آخرين في هجوم بلندن، وكشفت السلطات البريطانية أن منفذه يدعى خالد مسعود، وقضى فترات عقوبة في السجن قبل تحوله إلى متطرف، ما يرجح أنه تمت استمالته خلال قضائه العقوبة.
مفرخة الإرهابيين
وأثر حادث الجسر، قال بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني: إن المُدانين بجرائم إرهابية يجب ألا يسمح لهم بالخروج من السجن مُبكرًا، مشيرًا إلى أن إجراء الإفراج المبكر بتُخفيض فترة العقوبة للنصف أمر عديم النفع، مشددًا على أن بلاده لن ترضخ أبدًا.
وعلى الرغم من تأكيد «جونسون»، إلا أنه لم تتخذ قرارات حاسمة في هذا الشأن، خصوصًا أن حادث مقاطعة «ستريتهام»، هو تكرار لمشهد جسر لندن، من خلال شخص لم يقض فترة عقوبته بأكملها أيضًا.
وخلال السنوات القليلة الماضية، وصفت وسائل اعلام بريطانية، سجون المملكة المتحدة بأنها «مفرخة للإرهابيين»، خصوصًا وأنها تسببت في التقاء متطرفين ببعضهم، حتى وصل الأمر إلى التنافس والانقسام فيما بينهم للانضمام إلى أي من تنظيمي «داعش أوالقاعدة».
ومن جهته، أكد إيان أكيسون، المدير السابق بالسجون، في حوار نشرته صحفية «الجارديان» البريطانية، يناير 2019، إن هناك معضلة أخرى تواجه الحكومة داخل مقرات الاحتجاز، وتتمثل في عدم وجود برامج لتقويم سلوك المتطرفين بالداخل، مشددًا على ضرورة عزلهم؛ لمنع نشر العنف والتطرف.
يذكر أن الحكومة البريطانية غيرت في عام 2008، قوانين أحكام السجن الطويلة، ونصت على أنه يتم الإفراج عن المدانين بعد قضائهم نصف مدة العقوبة تلقائيًا، بدون مراجعة مجلس العفو.
وتم تغيير القانون مجددًا، في أواخر عام 2012، ونص على إمكانية الإفراج عن المحكوم عليهم بالسجن لأكثر من عشر سنوات، بعد قضاء ثلثي مدة حكمهم، بموافقة مجلس العفو.
الثأر لـ«البغدادي»
يقول هشام النجار، الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، إن معظم البلدان الأوروبية ومن بينها بريطانيا، تتساهل وتتسامح مع المدانين بجرائم إرهابية، من خلال قضائهم نصف العقوبة المقررة عليهم فقط، مؤكدا أن بريطانيا تعاني مشكلة كبرى، تتمثل في عدم الفصل في السجون بين المحكوم عليهم في قضايا لها علاقة بـ«الإرهاب»، وغيرهم المدانين بتهم إجرامية.
وأضاف «النجار» فى تصريح له أن تنظيم "داعش" ما زال يعتمد على خطة «الذئاب المنفردة» في العديد من الدول الأوروبية والإفريقية والعربية، انتقامًا لمقتل أبو بكر البغدادي، الزعيم السابق له، وأبو الحسن المهاجر، المتحدث باسمه.
واشار الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة إلى أن "داعش" يواصل عملياته المتفرقة، للتأكيد على وجوده وعدم انتهائه، كما يبحث عن مؤطي قدم جديد له، خصوصًا بعد خسارة معاقله في سوريا والعراق، بالإضافة إلى مقتل أبو بكر البغدادي، الزعيم السابق له.
يذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلن في 27 أكتوبر 2019 مقتل أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش، خلال غارة نفذتها قوات أمريكية خاصة.