«إدلب» تضع ثلاثة سيناريوهات للعلاقات «الروسية ـــ التركية»
الثلاثاء 04/فبراير/2020 - 01:36 م
طباعة
محمود البتاكوشي
يبدو أن الدعم الروسي للقوات السورية في «إدلب»، أحدث شرخًا عميقًا في العلاقات بين أنقرة وموسكو، ويعد أكبر دليل على ذلك الاتهامات المتبادلة بين الجانبين؛ إذ أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن روسيا لا تلتزم ببنود اتفاقيتي «أستانا»، أو «سوتشي»، وأنه طلب من الجانب الروسي، التخلي عن القصف في إدلب وغيرها.
وكان الرد الروسي على تلك التصريحات صادمًا؛ إذ أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أن أنشطة المجموعات المتطرفة ازدادت في إدلب، وانتهكت هذه المجموعات مرارًا، اتفاقية وقف إطلاق النار، وأعلن لافروف أيضًا، أن بلاده ستدعم «الجيش العربي السوري» على أكمل وجه، وذلك في إشارة منه إلى دعم أردوغان للجماعات الإرهابية.
دعم أردوغان للتنظيمات الإرهابية، جريمة لا يستطيع إنكارها، فقد اجتمعت المخابرات التركية مع المجموعات الإرهابية في معبر «باب الهوى»، وتم مطالبة المجموعات تلك بالقتال حتى الموت، وقامت المخابرات التركية بتزويدها بصواريخ «تاو» الأمريكية.
الدعم الروسي، منح قوات النظام السوري في إدلب، آخر معاقل الفصائل المسلحة، التفوق النفسي في ساحة المعركة، من خلال السيطرة على كل من الطريقين المهيمنين (م 4 وم 5)، اللذين يتميزان بقيمة تجارية وإستراتيجية، الأمر الذي يضرب المصالح التركية في مقتل، ويهدد بزيادة عدد اللاجئين السوريين في تركيا.
وفي محاولة تركية للرد على الدعم الروسي للجيش العربي السوري، أعلن «أردوغان» دعمه الجيش الأوكراني، بمبلغ 200 مليون ليرة، أي ما يوازي 50 مليون دولار؛ لشراء الأسلحة، في ضوء الحرب المستمرة بين كييف وموسكو، كما أكد الرئيس التركي، أن بلاده لم ولن تعترف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم؛ لأنها ضمتها بطريقة غير شرعية، مشيرًا إلى أن أنقرة تتابع عن كثب أوضاع أتراك القرم.
وأشار أردوغان إلى أن تركيا دافعت عن وحدة الأراضي الأوكرانية، في كافة المحافل الدولية، لافتًا إلى أنقرة تدعم جميع الجهود الرامية؛ لإيجاد حل سلمي للوضع القائم في شرق أوكرانيا.
ولفت «أردوغان» إلى أنه سيوقع عدد من الاتفاقيات الجديدة، في عدة مجالات مع نظيره الأوكراني، مشيرًا إلى أن العلاقة بين البلدين جيدة، في كافة المجالات.
أردوغان المتناقض
تعكس تصريحات «أردوغان» تناقضه الواضح، ففي الوقت الذي يعزز التعاون مع موسكو، يحاول التواصل مع أوكرانيا؛ من أجل كسب ود الولايات المتحدة وأوروبا وتحقيق أحلامه، بالانضمام للاتحاد الاوروبي، إضافةً إلى الانتقام من روسيا؛ بسبب مواقفها في سوريا، وتنفيذ ضربات جوية على مواقع تابعة للجيش العربي السوري في محافظة إدلب شمال غربي سوريا.
فشل الهدنة التى تم إبرامها في يناير الماضي بين روسيا وتركيا لوقف اطلاق النار في محافظة إدلب السورية، أدى لتصاعد الخلافات بين الجانبين، خاصةً أن قوات الجيش العربي السوري المدعومة من روسيا، تحاصر عددًا من نقاط المراقبة التركية في إدلب، البالغ عددها 12 نقطة.
سيناريوهات الأزمة
يمكن تصور أن التطورات الراهنة، ستنعكس على العلاقات الروسية- التركية على المدى القريب، إلا أن ذلك سيرتبط بمدى استجابة الأطراف المعنية؛ للتفاهم حول إدلب، ومصير التواجد التركي هناك، وعلى هذا، فمن الممكن حدوث التالي.
استمرار التصعيد: دعم تركيا للإرهاب في سوريا ودول أخرى، يدفع روسيا إلى وضع مزيد من العقبات أمام محاولات تركيا الاحتفاظ بقواعدها العسكرية في إدلب.
هدنة جديدة: قد يعيد الطرفان النظر في آليات التعامل مع تطورات الأزمة الحالية، بما يمكن أن يزيد من احتمالات إجراء اتصالات بينهما؛ لنزع فتيل التوتر المتبادل.
صفقة جديدة: قد يتفق الطرفان، على إنشاء منطقة آمنة في «إدلب»، على غرار المنطقة الآمنة «التركية- الأمريكية» شرق الفرات، وهو المطلب الذي تبنته تركيا في المرحلة الأولى من اندلاع الصراع السوري، لكن لم يحظ بتأييد، إلا أن ذلك سيتوقف على مدى تجاوب موسكو مع هذا المطلب.
بناءً على ذلك يمكن القول: إن العلاقات «الروسية – التركية» تواجه اختبارًا مرحليًّا، سيحدد مدى صلابة التحالف القائم بين الجانبين.