سجون هزلية وبرامج ضعيفة.. عملية «داعش» في لندن تفتح ملف تأهيل العائدين
الأربعاء 05/فبراير/2020 - 02:52 م
طباعة
مصطفى كامل
كشف الحادث الإرهابي الذي وقع الأحد 2 فبراير 2020، بجنوب العاصمة البريطانية لندن، عن هشاشة برامج ومناهج التأهيل المتعلقة بالإرهابيين العائدين من داعش القابعين داخل سجون الدول الغربية، بالرغم من الأمور الأمنية العالية التي اتخذتها تلك الدول بوضع البرامج الخاصة بإعادة تأهيلهم مرة أخرى لدمجهم في المجتمع، إذ تعد تلك السجون حاضنة مناسبة لظهور العنف والتطرف، نظرًا لرفض العديد من العائدين عدم المشاركة في أي برنامج، بالإضافة إلى أن تلك البرامج التي تقدمها الدول الأوروبية داخل السجون تعاني الهشاشة والضعف وتفتقد إلى المرجعية الدينية الموثوق بها لدى المسلمين؛ بحسب دار الإفتاء المصرية.
أكد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، أن الهجوم الذي وقع في جنوب مدينة لندن البريطانية 2 فبراير 2020، يشير إلى ضعف برامج التأهيل المتعلقة بالإرهابيين داخل السجون الغربية، حيث إن المتهم الذي لقي حتفه قد أطلق سراحه في وقت مبكر من عقوبة مدتها ثلاث سنوات في نهاية يناير الماضي، حيث كان يقضي عقوبة بالسجن لحيازته مواد متطرفة وتوزيعها، فيما أشار المسئولون باستمرار نهج سلوك المنفذ المتطرف في السجن، في حين تعتبر تلك الحادثة الأولى بعد حادثة الطعن على جسر لندن نهاية نوفمبر 2019، وكان المنفذ أيضًا قابعًا بالسجون البريطانية بتهمة التطرف والإرهاب.
وأوضح المرصد في بيان له الثلاثاء 4 فبراير، أن برامج التأهيل في السجون الغربية والأمريكية تحتاج إلى إعادة دراسة وتدقيق؛ لافتًا إلى أن تلك الحادثة ليست الأولى من نوعها لمن خضعوا لبرامج التأهيل في السجون وتم الإفراج عنهم بعد ذلك، مؤكدًا أن تلك البرامج تعاني من الهشاشة والضعف وتفتقد إلى المرجعية الدينية الموثوق بها لدى المسلمين، وهو ما يطرح مزيدًا من الجدل حول تشريعات التطرف والإرهاب في تلك البلدان، بالإضافة إلى ضرورة مراعاة مراجعة تلك التشريعات في ضوء تحقيق العدالة والمساواة وعدم استغلالها أو توظيفها بشكل عنصري أو تمييزي ضد المسلمين أو المهاجرين.
على جانب آخر، قالت والدة منفذ عملية الطعن «حليمة فاراز» إن «سوديش أمان» هو أكبر أبنائها الخمسة، وكان مهذبًا ولطيفًا، ويستمع لأشياء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أدت إلى غسل دماغه، وقبل زجه بالسجن لم يكن متدينًا، وعندما خرج بات متدينًا جدًا، وأصبح متطرفًا في السجن.
وخلال تقرير لصحيفة «تايمز» الأمريكية، شكك مطلع ديسمبر 2019، في فاعلية برامج إعادة تأهيل الإرهابيين المحتجزين في سجون بريطانيا، والتي تهدف لمكافحة التطرف، حث حذرت الصحيفة –آنذاك- من خطورة عدم فاعلية برامج إعادة التأهيل لا سيما عقب حادث الطعن على جسر لندن الذي وقع نهاية نوفمبر 2019، ونفذه سجين سابق يدعى «عثمان خان» وأودى بحياة شخصين وتبنى تنظيم داعش الإرهابي الهجوم، حيث رفض في البداية المشاركة في أي برنامج لمعالجة سلوكه الإرهابي، لكنه فعل ذلك في نهاية المطاف أثناء وجوده في سجن شديد الحراسة.
وأشارت الصحيفة خلال تقريرها إلى أن سياسة الحكومة البريطانية الرئيسية بتخصيص وحدات فصل في السجون مشددة الحراسة لاحتجاز المتطرفين ذوي الخطورة العالية تواجه صعوبات، مشيرةً إلى أن بريطانيا فتحت مركزين فقط من 3 مراكز مخطط لإقامتها، لاحتجاز 30 سجينًا بحد أقصى، ولعدم وجود عملية إحالة من سجن لآخر، احتجزت سجون المتطرفين من 3 إلى 6 نزلاء فقط منذ إنشائها.
فيما كشفت دراسة أعدتها وزارة العدل البريطانية خلال عام 2019، أن التحدي الرئيسي الذي يواجه الوحدات هو أن العديد من السجناء رفضوا المشاركة في أنشطة المراكز؛ لا سيما التدخلات لدعم الابتعاد عن التطرف ومعالجة سلوكهم الإجرامي، حيث أقرت «العدل» بأن هناك أدلة محدودة حول ماهية عمليات التقييم والتدخل الأكثر فاعلية بالنسبة للجناة المتطرفين.
وأوضحت الدراسة أن منفذ هجوم جسر لندن شارك في برنامج «التدخل السليم المتعلق بالهوية» -وهو إحدى دورات مكافحة التطرف الرئيسية في السجن، وتمت تجربته عامي 2010 و2011-، وكان أول برنامج لتقويم سلوك مرتكبي الجرائم يشجع على الامتناع والانسحاب" من السلوك الإجرامي المتطرف؛ لكن تعرضت الدورة لانتقادات شديدة من قبل مديري السجون السابقين الذين يقولون إنهم أبلغوا بأن السجناء يعرفون كيفية التلاعب بالنظام بردودهم.
وشددت لندن عقب هجوم الطعن الذي وقع جنوب العاصمة البريطانية، حيث وعدت الحكومة بإعادة النظر بشكل عاجل في القانون المتعلق بالإرهابيين، إذ أكد روربت باكلاند، وزير العدل أنهم بصدد طرح قانون طارئ لإنهاء الترتيب الحالي الذي يسمح بالإفراج عن المدانين بالإرهاب تلقائيًا بعد قضاء نصف مدتهم داخل السجون موضحًا أن أي عملية إفراج مبكر ستخضع لتقييم مخاطر من مجلس العفو، وأن الإجراءات الجديدة ستطبق على السجناء الحاليين.
فيما قال بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، إنه من الصعب جدًا إعادة تأهيل الإسلاميين، متسائلًا عن سبب الإفراج التلقائي لمنفذ الهجوم دون إشراك مجلس العفو، حيث أعرب عن قلقه بشأن فعالية برامج إصلاح المتطرفين داخل السجون وخارجها قائلًا: «لا نريد العودة إلى نظام يستدعي الكثير من الرقابة المنهكة جدًا جدًا لأجهزتنا الأمنية... فيما يمكن العمل على تشديد شروط السجن؛ كما أن المشكلة التي يجب أن نقوم بحلها هي الإجراءات التي يحصل فيها الكثير من الأشخاص تلقائيًا على إطلاق سراح مشروط بدون التحقق منهم».