تيار نصرة الشريعة.. رهان قطر والإخوان على ضرب استقرار السودان
الجمعة 07/فبراير/2020 - 02:09 م
طباعة
محمد يسري
بمجرد سقوط نظام الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، بدأت التيارات الموالية لتنظيم الإخوان، المدعومة من تركيا وقطر في بذل كل ما في وسعها؛ لإفشال أي محاولة لاستقرار الدولة، ومهاجمة كل خطوة جادة على طريق الإصلاح، تحت شعارات تحمل في ظاهرها الدفاع عن الإسلام، وفي باطنها مؤامرات، بدعم مباشر وغير مباشر، من تنظيم الإخوان وأذرعه، في الداخل والخارج.
وظهر ذلك واضحًا، في الأصوات المعادية للفترة الانتقالية بالسودان، التي تهاجم أي إجراء تجريه الحكومة أو الجيش، ويقف على رأس المهاجمين، تيار ما يسمى «نصرة الشريعة»، وهو خليط من دعاة السلفية السرورية، التي تستمد فكرها من قشور المنهج السلفي، ومنهج الإخواني «سيد قطب» التكفيري، ويخلطون الديني بالسياسي والسياسي بالديني، وأبرز هؤلاء، عبدالحي يوسف، مفتي الإخوان، المقرب من نظام البشير، ومحمد علي الجزولي، الذي كانت تربطه علاقات وثيقة، بأسامة بن لادن، مؤسس تنظيم القاعدة، وأعلن أتباعه مبايعته على الجهاد، ضد الدولة السودانية.
ورقة الحاكمية
يتلاعب أصحاب تيار نصرة الشريعة- كعادة الإخوان- بورقة الحاكمية، «نظرية ابتكرها التيار الإخواني القطبي، وترجع إلى فرقة الخوارج»، في السودان، ويتفق هؤلاء على معارضة اتفاق المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير، حول الفترة الانتقالية في السودان، بدعاوى استبعاد الشريعة الإسلامية من الحكم، في محاولة لإفشال السلطة الانتقالية، وإعاقة أهدافها.
ويستغل أصحاب هذا التيار المساجد؛ لنشر أفكارهم بين أتباعهم المخدوعين في الشعارات الإسلامية، خاصةً خلال خطب الجمعة، أو المظاهرات، ومن الخطب الشهيرة التي أظهرت نوايا هذا التيار، ورفعوا فيها شعار الحاكمية خطبة «النداء الأخير»، التي ألقاها الداعية المتطرف «محمد علي الجزولي»، بعد اقتحامه مسجد جامعة الخرطوم بالقوة، في منتصف ديسمبر 2019م، والتي أعلن خلالها، ما أسماه الجهاد ضد الدولة السودانية، وأخذ خلالها البيعة من أنصار جماعة الإخوان ومؤيدي نظام المخلوع «عمر البشير»؛ للجهاد ضد الدولة، وأثارت الخطبة الاشتباكات بين طلاب الجامعة، أدت لتدخل قوات الشرطة.
ويرتبط اسم «الجزولي»، الموالي للإخوان، بتأييده لتنظيمي «داعش» و«القاعدة» الإرهابيين، ويدير مؤسسة تسمى «مركز المعالي للتدريب والاستشارات»، ويمارس خلالها أنشطته، تحت غطاء التنمية البشرية، وهو ضيف دائم على قناة «الجزيرة» القطرية، كما أعلن ولاءه أيضًا لـ«داعش»، واتهم عددًا من عناصر الحكومة الانتقالية، بالردة والتكفير، وقال في خطبته الشهيرة: «إن الإسلام في حربه مع الكفار، لا يفرِّق بين الجيوش النظامية والمواطنين المدنيين».
مفتي الإخوان.. أميرًا للمؤمنين
في أكتوبر 2019، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، تسجيلًا مصورًا، لمبايعة واحد من أخطر عناصر التيار السروري في السودان، وهو عبد الحي يوسف، مفتي الإخوان، المقرب من البشير، واعتبره أنصاره أميرًا للمؤمنين، الأمر الذي أثار موجة انتقادات حادة ليوسف، وخرج بعدها ليلًا؛ لنفي البيعة، والتنصل مما حدث، خلال خطبة الجمعة.
والمعروف، أن عبدالحي يوسف درس على يد شيوخ «السرورية القطبية»، في الجامعة الإسلامية، بالمدينة المنورة، التي تخرج فيها خلال أوائل ثمانينات القرن الماضي، ويقود ثورة مضادة؛ لتصوير الأحداث الجارية في السودان، باعتبار أن قيادات الفترة الانتقالية، في مواجهة وعداء مباشر مع الدين، وليسوا مع الثورة على الفساد.
الهجوم على الدستور
رغم أن الدستور السوداني، عام 2005، نص على حق المواطنة، وظل معمولًا به طيلة حكم عمر البشير، الموالي للإخوان، إلا أن «عبدالحي يوسف»، مفتي الإخوان بالسودان، لم يوجه أي اعتراض لنظام البشير، على هذا الوضع، طيلة حكمه، ثم بدأ الهجوم على الوثيقة الانتقالية؛ متذرعًا بأنها ضد الشريعة الإسلامية؛ لأنها تعلي قيم المواطنة، واتخذ «عبد الحي» الوثيقة ذريعةً للهجوم على الحكومة الانتقالية، وإثارة أتباعه المنخدعين فيه، والتلاعب بمشاعرهم، باعتبار أن الحكومة تهاجم الإسلام.
أصابع قطر
ويرتبط تيار نصرة الشريعة، بعلاقات وثيقة مع تنظيم الحمدين بالدوحة، كما يمتلك عدد من قياداته، مراكز وقنوات، مدعومة من قطر، وكانت صحيفة «الأخبار»، التي تصدر في الخرطوم، نشرت تحقيقًا في وقت سابق، كشف فيه امتلاك الإخواني السروري «عبدالحي يوسف» باقة قنوات فضائية، على القمر القطري «سهيل سات»، ناطقةً بأكثر من لغة، وموجهةً لأكثر من دولة أفريقية، منها الصومال ونيجيريا، يساعده فيها عدد من الأجانب، وتبث من حي كافوري بالخرطوم.