«الأموال السوداء».. اقتصاد الدوحة يترنح أمام ضربات تجفيف منابع دعم إخوان السودان
السبت 08/فبراير/2020 - 01:28 م
طباعة
محمد يسري
تعتبر «الأموال السوداء» إحدى أبرز الوسائل التي تعتمد عليها قطر في دعم جماعة الإخوان لنشر الفوضى والإرهاب في المنطقة، وتعد جمهورية السودان واحدة من أبرز الدول التي أفاقت مؤخرًا على تلك الكارثة التي كانت أحد أسباب الإطاحة بالرئيس المخلوع عمر البشير ونظامه في أبريل 2019.
وبدأت المفاجآت التي كشفت عنها منظمات وأجهزة رقابية في السودان تظهر تغلل الأموال القطرية السوداء في مفاصل الدولة، واختلاطها بمراكز دعم النظام السابق، ورغم استمرار محاولات الدوحة في الدفع بهذه الأموال بعد الثورة السودانية إلا أنه بدأت تحدث موجات ارتدادية تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد القطري ذاته.
وترصد السطور التالية رحلة مقاومة السلطات في السودان الجديد لتلك الأموال السوداء.
تجميد أموال المنظمات الإخوانية
بدأ السودان في اتخاذ إجراءات وقائية للحد من تغلغل الأموال السوداء في مفاصل الدولة، عن طريق الكيانات الإخوانية المقربة من النظام السابق، وشملت الإجراءات تجميد أنشطة الكثير من الجمعيات والمؤسسات التي تتخفى خلف العمل الإنساني والنقابي والرياضي والدعوي، وكذلك المراكز البحثية التي يترأسها رجال الإخوان في السودان.
وفي 23 من نوفمبر 2019 أصدرت مفوضية العون الإنساني بالسودان قرارًا بتجميد تسجيل 24 منظمة محسوبة على نظام المعزول عمر البشير، بينها: مؤسسة سند الخيرية التابعة لزوجة الرئيس المعزول «وداد بابكر»، والاتحاد الوطني للشباب، واتحاد المرأة، والاتحاد العام للطلاب السودانيين، ومنظمة حسن أحمد البشير الخيرية (شقيق الرئيس البشير)، ومنظمة السالكين، ومؤسسة صلاح ونسي، وجمعية بنت البلد الخيرية.
وكشفت المفوضية أن هذه المنظمات تتلقى دعمًا مباشرًا من تنظيم الحمدين القطري، وأكدت تقارير المنظمة أن هذه الكيانات تلقت نحو 750 مليون دولار من قطر خلال الخمسة أعوام الأخيرة، وقالت المفوضية إن تلك الكيانات مخالفة لأحكام قانون تنظيم العمل الطوعي والإنساني لسنة 2006 ولائحة تسجيل المنظمات الوطنية والأجنبية، ومنظمات المجتمع المدني الخيرية لسنة 2013.
حل الكيانات الطلابية الإخوانية
تعتبر الاتحادات الطلابية في المدارس والجامعات، أحد أهم أدوات الغطاء السياسي الإخواني المدعوم من قطر في السودان، والذي كان يهيمن على مفاصل الحياة الجامعية طيلة حكم نظام المعزول البشير.
وفي أكتوبر 2019، أصدر عبد الله حمدوك، رئيس الحكومة السودانية، عدة قرارات تضمنت تطهير الجامعات من اللوبي الإخواني، طالت 64 من رؤساء مجالس إدارات ومدراء جامعات سودانية، وتعيين آخرين بدلا منهم، وتضمن القرار الأول إعفاء رؤساء مجالس إدارات 28 جامعة، منها جامعات الخرطوم، والنيلين، وأم درمان، ونص القرار الثاني على إعفاء مديري 35 جامعة، وأعفى القرار الثالث نواب مديري 4 جامعات.
وفي ديسمبر 2019، قررت وزارة التعليم السودانية، حل إدارات النشاط الطلابي التي يسيطر عليها تنظيم الإخوان بالمدارس، وأكدت وكيلة وزارة التربية والتعليم في السودان، تماضر الطريفي عوض الكريم، أن إدارات النشاط الطلابي تمثل إحدى الواجهات الإخوانية، وتعمل على استقطاب الطلاب في مراحل التعليم العام، وتجندهم لصالح تنظيم الحركة الإسلامية السياسية، تحت غطاء تقديم العون.
تجميد أرصدة النقابات المهنية
ومثل الاتحادات الطلابية سيطر الإخوان على النقابات والاتحادات المهنية طيلة عهد النظام السابق، وفي 16 ديسمبر 2019، أصدر بنك السودان المركزي، قرارًا بتجميد وحجز أرصدة وحسابات النقابات والاتحادات المهنية التي تم حلها أخيرًا، ضمن خطة تفكيك نظام الإخوان الإرهابي.
وأوضح البنك المركزي، في تعميم للمصارف، أن الإجراء يأتي وفقا لقرار لجنة إزالة التمكين، ومحاربة الفساد، واسترداد الأموال، والخاص بحل النقابات والاتحادات المهنية، واتحاد أصحاب العمل.
محاولات قطرية لإنقاذ الموقف
ومع تضييق الخناق على الدعم القطري للإخوان في السودان، بدأت الدوحة في محاولة فتح مجالات جديدة لتعويض خسائرها عن طريق فتح قنوات المراسلة المصرفية، تحت إشراف إخوان الخرطوم، بالتعاون مع البنك المركزي القطري، إذ كشفت مؤسسة «صلتك» القطرية عن مبادرة لدعم التمكين الاقتصادي لحوالي أكثر من ألف شاب سوداني، وتهدف المبادرة إلى تمويل أكثر من 2 مليون شاب ابتداءً من العام الحالي ولمدة ثلاث سنوات، وبشراكة مع مصرف الادخار والتنمية الاجتماعي، الأمر الذي تنبه له مصرفيون سودانيون، وأكدوا أن هذه المبادرة تعتبر «حصان طروادة» لإعادة دعم الإخوان عبر القطاع المصرفي.
اهتزاز بورصة الدوحة
وبسبب الإجراءات السابقة التي ضيقت الخناق على قنوات الدعم القطري لإخوان السودان، تأثرت بورصة الدوحة، ونشر موقع «قطريليكس» القطرى المعارض تقريرًا حول ذلك في 6 يناير 2019، تحت عنوان: «بسبب فضائح قطر في السودان، مُحصِّلة حَمْراء لبورصة الدوحة» وقال التقرير إن السوق القطرية شهدت انهزامات بسبب سياسات تميم بن حمد الإرهابية، وإنفاق أموال الدولة على مشاريعه التخريبية؛ ما أدى إلى تراجع البورصة القطرية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، نتيجة عدم ثقة المستثمرين في السوق القطرية.
وشهدت البورصة «محصلة حمراء» خلال الأسبوع الأخير، بضغط هبوط جماعي للقطاعات، وخسارة بالقيمة السوقية، وفضائح النظام في السودان.
وهبط المؤشر العام بنسبة 2.27 بالمائة ليغلق تعاملات الأسبوع الحالي عند النقطة 10204.62، ليفقد 237.39 نقطة عن مستويات الأسبوع السابق المنتهي في 30 يناير 2020.