«قطر الخيرية» في السودان.. التوظيف السياسي تحت ستار الدعم الإنساني
الأحد 09/فبراير/2020 - 02:16 م
طباعة
نورا بنداري
لا يزال النظام القطري يراهن على دور الجمعيات الخيرية، في تنفيذ إستراتيجيته؛ للسيطرة والتوسع في دول المنطقة العربية، والتمدد في دول القارة الأفريقية والعالم؛ إذ يسعى لتوظيفها تحت ستار العمل الخيري والإنسانى، في سبيل تحقيق ذلك.
وتقوم مؤسسة «قطر الخيرية» بهذا الدور في السودان، وتعمل بشكل أساسي على تقديم الدعم المادي، تحت ستار ديني؛ لصالح دعم جماعة الإخوان وبقايا نظام الرئيس السابق «عمر البشير»، الذي سمح لهذه المؤسسة بالتمدد في العديد من المحافظات السودانية.
أنشطة انسانية مزعومة
ساعد نظام «البشير» السابق، المنظمة القطرية على إيجاد موطئ قدم لها، في البلاد، ولذلك دشنت «قطر الخيرية» مكتبين لها، الأول: مقره الخرطوم، وهو الرئيسي، وافتتح عام 1994، أما الثاني: فمقره نيالا، عاصمة ولاية جنوب درافور، وافتتح في 2005.
وسعت «قطر الخيرية» في البداية؛ لرفع شعار العمل الإنساني والخيري، فقامت بتفيذ مشاريع إغاثية وإنسانية، مثل إنشاء قرية للأيتام والأرامل بولاية «نهر النيل»، شمال السودان، في أبريل 2017، بتكلفة 32 مليون ريال قطري «8.9 مليون دولار أمريكي»، وتوقيع اتفاقية لمشاريع خدمية وتنموية بين «قطر الخيرية» برئاسة «يوسف بن أحمد الكواري» وحكومة ولاية «نهر النيل».
ولم يقتصر نشاط «قطر الخيرية» على الأعمال الإنسانية، إلا أنها سعت لتنفيذ مشاريع اقتصادية واجتماعية وزراعية في ولايات دارفور، بتكلفة تقدر بأكثر من 7.3 مليون ريال، وزعم النظام القطري، أن هذه المشاريع؛ من أجل دعم التنمية والإعمار في غرب السودان، وفقًا لما أعلنته وسائل الإعلام السودانية مؤخرًا، إضافةً إلى قيام المنظمة القطرية بمشاريع شملت التعليم والصحة، وعلى نهج جماعة الإخوان، توجهت المنظمة القطرية للاستحواذ على الخطاب الديني في السودان، فشيدت ما يقرب من 27 مسجدًا في السودان.
مواجهة سودانية
وحتى يتسنى للمنظمات القطرية أن تعمل بحرية، ودون منافسة من أي منظمة أخرى، وإعطائها المساحة الكاملة؛ لتنفيذ أهدافها السياسية في السودان، قام النظام الإخواني، برئاسة «البشير» في 2009، بطرد تسعة منظمات دولية كانت تعمل في دارفور، بعد اتهامها بنقل معلومات لمحكمة الجنايات الدولية، التي أصدرت مذكرتي توقيف في السنة نفسها ضد «البشير»، بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية في الإقليم.
وبعدما كشفت السلطة الانتقالية الحاكمة في السودان المخطط القطري؛ الهادف للتوسع والتمدد في الخرطوم، من خلال جماعة الإخوان، أصدرت قرارًا في 24 يناير 2020، يسمح بعودة المنظمات الخيرية الدولية؛ للعمل في السودان؛ لقطع الطريق أمام الجمعيات القطرية المتجندة؛ لدعم فلول «البشير».
وأعلن مفوض العون الإنساني في السودان «عباس فضل الله»، أن المفوضية أصدرت قرارًا، بعودة كل المنظمات الدولية التي طردت في عهد النظام البائد، وإعادة تسجيلها؛ للعمل بالسودان؛ لتقديم العون للمحتاجين في البلاد، والتحرك دون قيود أو إذن، في كل المناطق؛ حتى التي تقع تحت سيطرة حركات الكفاح المسلح، وتعهد بإزالة القيود كافة، أمام حركة المنظمات، وتسهيل إجراءاتها ومهامها.
ولفت إلى أن المنظمات، تعد الذراع اليمنى للحكومة؛ لتكملة الخدمات، وملء الفراغ في الحاجة الإنسانية، وتقديم الخدمات المختلفة، كما أشار محللون سياسون سودانيون، إلى أن هذه الخطوة، تأتي في إطار رغبة القيادة السياسية الحالية، في فضح الدور التخريبي، الذي قامت به جمعيات قطرية، مصنفة على لوائح الإرهاب في السودان، علاوةً على كشف مخططاتها الرامية إلى إحياء القوى التابعة لفلول نظام «البشير».
إضافةً إلى قيام السلطة الانتقالية، بإصدار قرار في نوفمبر 2019، بإغلاق نحو 27 مؤسسة، تابعة للتنظيم الدولي للإخوان، بعدما تكشَّف حصول هذه المؤسسات على تمويلات قطرية، في صورة مساعدات إنسانية.
ومن الجدير بالذكر، أن دول المقاطعة العربية، أعلنت في يونيو 2017، بعد قطع علاقتهم الدبلوماسية مع الدوحة؛ بسبب دعمها للإرهاب، جمعية «قطر الخيرية» المنتشرة في العديد من البلدان العربية والأفريقية، كيانًا إرهابيًّا، وخوفًا من أن يتم إغلاق الجمعية القطرية في باقي البلدان، وإعلانها أيضًا كيانًا إرهابيًّا، سارعت الأذرع الإعلامية القطرية؛ لإصدار تقارير، توضح المشاريع الإنسانية، التي قامت بها «قطر الخيرية» في السودان.
أجندة سياسية
وفي إطار ذلك، فإن جميع هذه الأنشطة التي قامت بها «قطر الخيرية»؛ هدفها ليس العمل الإنساني، بل تعمل توظيفها لخدمة أجندتها السياسية والأيديولوجية، وقد وجدت في نظام الإخوان إبان عهد «البشير»، ما يساعدها على ذلك؛ إذ إن جماعة الإخوان تسير على هذا النهج، الذي يجمع بين العمل الخيري والسياسي.
وما يؤكد زيف ما تدعيه المنظمة القطرية، أن الأنشطة التي قامت بها خلال السنوات الماضية، لم تخدم سوى النظام السوداني السابق، ولم تسفر بأي نتيجة إيجابية على الشعب السوداني، الذي يعاني حتى الآن، من أوضاع سياسية واقتصادية وأيضًا اجتماعية صعبة.
لذا يمكن القول: إن الهدف الأساسي لإنشاء الدوحة أفرع لجمعياتها الخيرية في العديد من الدول، ليس بهدف تقديم الدعم الإنساني لشعوب هذه البلدان، وإنما تحقيق مصلحته السياسية في نهاية الأمر، وإيجاد موطئ قدم في هذه البلدان، ومحاولة جذب فئات الشعب المختلفة لصالحه، وهذه الإستراتيجية ساعدت تنظيم الحمدين بالتوسع في السودان، إبان نظام الإخوان السابق، إلا أن وعي وإدراك السلطة السودانية الحالية، بما تقوم به قطر، يعد عائقًا أمام النظام القطري وأذرعه الإخوانية في الخرطوم؛ لاستكمال مخططاته في القارة الأفريقية.