بإستراتيجية التخفي.. «القاعدة» يخطط للتغلغل في اليمن بعد مقتل «الريمي»
الثلاثاء 11/فبراير/2020 - 04:07 م
طباعة
أحمد سلطان
نهاية الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقتل قاسم الريمي زعيم تنظيم القاعدة في اليمن في غارة جوية نفذتها طائرة بدون طيار أمريكية، معتبرًا مقتله صفعة قوية للتنظيم المدرج على قوائم الإرهاب.
وبالرغم أن مقتله، سيعيق تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية لفترة من الزمن، فإنه من غير المتوقع أن يؤدي «غياب الريمي» إلى اختفاء التنظيم الإرهابي، أو توقفه عن تخطيط وتنفيذ الهجمات الإرهابية.
دلالات مقتل «الريمي»
تشير عملية اغتيال قاسم الريمي إلى وجود اختراق على مستويات عليا داخل تنظيم القاعدة في اليمن، وهو ما سمح لأحد المصادر البشرية (بحسب تعبير المسؤولين الأمريكيين) بأن يكشف مكان اختباء زعيم القاعدة في مديرية وادي عبيدة في مأرب بوسط اليمن، ويتواصل مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «CIA» ليبلغهم عن مكان الصيد الثمين الذي وضعت الخارجية الأمريكية على رأسه 10 ملايين دولار.
كما يكشف اغتيال «الريمي» عن فشل الممارسات الأمنية والاستخبارية التي يعتمدها التنظيم خلال الفترة الماضية، لاسيما في ما يخص مكافحة التجسس والتجسس المضاد، وهما الأمران اللذان حاول التنظيم أن يظهر أنه بارع فيهما عبر 3 إصدارات مرئية مطولة - خلال الفترة الماضية- نُفذت تحت إشراف قاسم الريمي، وسميت بـ«هدم الجاسوسية».
وتمكن التنظيم إبان فترة الريمي، من اعتقال خلية جواسيس بين أعضائه كانت مسؤولة عن زرع الشرائح ووضع المتفجرات لقادة التنظيم البارزين مثل ناصر الوحيشي، ونصر الأنسي، وغيرهم، وبث مشاهد إعدام الجواسيس في سلسلة هدم الجاسوسية.
وتوضح العملية الأخيرة، استمرار حالة التدهور التي يعيشها تنظيم القاعدة في اليمن، خلال السنوات الماضية، خاصةً بعد مقتل عدد من قادته ومسؤوليه الإعلاميين البارزين، إذ تراجع مستوى تهديد التنظيم خلال السنوات الماضية، وفقًا للتقديرات الأمريكية.
ما بعد اغتيال زعيم القاعدة باليمن
تؤكد عدد من الدوائر الرسمية الأمريكية وعلى رأسها «الاستخبارات»، أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مازال قادرًا على تخطيط وتنفيذ هجمات إرهابية ضد الولايات المتحدة والدول الغربية، إذ أن التنظيم في أوج فترات ضعفه تمكن من تخطيط وتنفيذ هجوم «بينساكولا» الإرهابي أواخر عام 2019، رغم الإجراءات الأمنية المشددة المتبعة داخل القواعد العسكرية الأمريكية.
كما سيمثل غياب «الريمي» خسارة كبرى لتنظيم القاعدة، نظرًا للدور الذي لعبه الريمي داخل التنظيم، حيث كان حلقة وصل بين «تنظيم القاعدة» المركزي وبين أفرعه (حركة الشباب الصومالية، وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وعناصر القاعدة في سوريا)، لاسيما في الفترة التي تلت إطلاق الحملة العالمية ضد الإرهاب عقب 11 سبتمبر، وأسفرت عن تفكيك كثير من شبكات القاعدة الفاعلة.
ويمكن القول إن مقتل قاسم الريمي، أنهى قصة خليفة محتمل لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري حتى قبل أن تبدأ، باعتبار أن «الريمي» كان أحد الأسماء المرشحة بقوة لـ«خلافة الظواهري» في قيادة التنظيم خاصةً بعد مقتل حمزة بن لادن نجل مؤسس التنظيم اسامة بن لادن.
إستراتيجية «قاعدة اليمن» بعد «الريمي»
يعد تنظيم القاعدة في اليمن الأكثر براعةً بين فروع القاعدة المختلفة في تحقيق «التوازن الإرهابي» بين الأهداف المحلية داخل الجزيرة العربية، وبين الأهداف العالمية لاسيما داخل الولايات المتحدة وغيرها من الدول.
ففي حين كان التنظيم يتمدد داخل اليمن ويسيطر على بعض المناطق، كان يخطط أيضًا لتنفيذ هجمات كبرى داخل الغرب، ونجح في تنفيذ تفجير إرهابي بماراثون بوسطن، إضافةً الى هجوم «بينساكولا» الذي تم مؤخرًا، كما خطط لتفجير طائرة أمريكية باستخدام عبوة ناسفة مزروعة في ملابس داخلية ارتداها عضو التنظيم عمر الفاروق النيجيري، وخطط لنسف طائرة أخرى عبر أحبار طوابع مفخخة.
وربما يستمر التنظيم خلال الفترة المقبلة في «إستراتيجيته طويلة الأمد» التي تسعى لكسب تأييد القبائل اليمنية (السنية)، وتوسيع نفوذه في محافظات أبين ومأرب وشبوة، مع الاستمرار في تكتيك «البقاء في الخفاء» الذي يعتمد على خلق تنظيمات موازية وتمكين شيوخ القبائل الداعمين لأيدولوجيا التنظيم أو من يمكن تسميتهم بوكلاء القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
ويضمن التنظيم عبر الإستراتيجية السابقة، تثبيت قدمه في معاقله الحالية والتمدد داخل مناطق جديدة دون دفع تكلفة كبرى من عناصره ومقاتليه.
كما سيحافظ التنظيم الإرهابي على سياسته في كسب ما يسميه بـ«الحاضنة الشعبية»، وذلك عبر ترويج خطاب إعلامي أقل تشددًا، ومحاولة التغلغل داخل المجتمع اليمني عبر تزويج مقاتليه وقادته من نساء القبائل اليمنية السنية الكبرى، فضلًا عن عدم تمسكه بقضية التطبيق الفوري للشريعة الإسلامية - من وجهة نظر التنظيم- خلافًا لتنظيم داعش الإرهابي.
ومن المتوقع أن يضطلع قادة آخرون في التنظيم الإرهابي بمهام قاسم الريمي خلال الفترة المقبلة، وعلى رأسهم سعد العولقي أمير التنظيم في شبوة اليمنية، وخالد باطرفي المعروف بأبي المقداد الكندي، وإبراهيم القوصي المعروف بـ«خبيب السوداني»، وسيبقى القادة الجدد على نفس نهج القادة السابقين، تمامًا كما حدث بعد تولى «قاسم الريمي» إمارة التنظيم بعد مقتل رفيقه «ناصر الوحيشي».