تصريحات أردوغان حول سوريا.. تركيا تسقط في فخ الحلفاء
الأربعاء 12/فبراير/2020 - 03:07 م
طباعة
علي رجب
أدلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتصريحات شديدة اللهجة حول الحكومة السورية، وانتقد روسيا لعدم وفائها بوعودها، بعد مقتل 13 جنديا وضابط أمن مدني تركي في هجومين منفصلين في مدينة إدلب السورية خلال أسبوعين.
تأتي هذه التصريحات الجديدة بعد أن أكد أردوغان أن العلاقات التركية الروسية وثيقة للغاية أثناء عودته من مؤتمر برلين حول ليبيا في 19 يناير الماضي، الأمر الذي يكشف أن العلاقات بين البلدين لم تكن على ما يرام في أي وقت.
في الوقت الذي كان الجميع ينتظر بفضول ليرى كيف سيجد أردوغان مخرجًا لأزمة إدلب وكيف سيتحاسب مع النظام السوري دون المواجهة مع روسيا في ظل التنافس بين الطرفين في جميع القضايا الدبلوماسية تقريًا، وعلى رأسها في سوريا وليبيا وشرق المتوسط وقبرص، تدخلت الولايات المتحدة في الموضوع.
لقد بعثت الولايات المتحدة واحدة تلو أخرى رسائل تعزية ودعم لتركيا في أعقاب مقتل خمسة جنود أتراك في هجوم وقع يوم الثلاثاء. إذ أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو أن بلاده تقف إلى جانب حليفتها تركيا في حلف الناتو تجاه كل من روسيا والنظام السوري، في حين وصف المبعوث الأمريكي جيمس جيفري الجنود الأتراك المقتولين في إدلب بـ"شهدائنا".
رسالة الدعم التي تلقاها أردوغان من الولايات المتحدة تعني بالنسبة له طوق النجاة. لأنه من الصعب للغاية بالنسبة لأردوغان القيام بأي عملية ضد قوات الأسد دون إذن من روسيا: فإما أنه سيسحب قواته بعد إظهار عضلاته أو سيخوض حربًا مع الأسد آخذا بنظر الاعتبار إمكانية مواجهة روسيا. لكن لا شكّ أن الحرب مع الأسد تعني الحرب مع روسيا، وقوة تركيا لا تكفي ذلك.
بعد الحادث الأخير في إدلب تبذل تركيا جهدا كبيرا لإشراك حلف شمال الأطلسي الناتو في الموضوع، حيث طلب وزير الدفاع خلوصي آكار دعمًا صريحًا من الحلف في هذا الصدد.
اعتمد أردوغان في سياسته الخاصة بسوريا منذ فترة طويلة على إقامة توازن بين الولايات المتحدة وروسيا. فعندما واجه مشكلة مع أحدهما اقترب من الآخر على الفور. غير أنه فقد هذه الموازنة مع انسحاب الولايات المتحدة من شمال سوريا في أكتوبر من العام الماضي.
روسيا تعارض قيام تركيا بإرسال قوات إلى إدلب وتجري فيها عمليات بدعوى أن أردوغان لم يلتزم بالتعهدات التي قطع على نفسه في إطار اتفاقية سوتشي في 17 سبتمبر 2018 حول تطهير العناصر الإرهابية من المنطقة منزوعة السلاح في مدينة إدلب.
فوق ذلك فإن روسيا، تليبة لطلب النظام السوري، تلمّح إلى ضرورة إخلاء تركيا 12 نقطة مراقبة في المنطقة، إلا أن الأخيرة تؤكد أنها لن تخلي تلك النقاط التي تقع أربع منها في المنطقة الخاضعة لسيطرة قوات الأسد.
أردوغان يحشد قوات جديدة في إدلب من جانب؛ ويهدد نظام الأسد حتى ينسحب من المناطق التي سيطر عليها في الأشهر القليلة الماضية من جانب آخر.
لم يتمكن أردوغان من فرض هذه التهديدات على روسيا حتى الآن. وعاد الوفد الروسي، الذي التقى بمسؤولين أتراك مرتين في أنقرة دون التوصل إلى اتفاق.
تستعد روسيا الآن لاتخاذ خطوة وفقًا للخطوات التي سيعلنها أردوغان اليوم والخطوات التي ستتخذها الولايات المتحدة. وكان أردوغان أعلن أمس أنه سيلقي خطابًا أكثر تفصيلًا حول المدة التي منحها نظام الأسد حتى نهاية شهر فبراير وخريطة الطريق التي سيتبعها.
لذا فإن أردوغان إذا ما أدلى بتصريحات تُغضب روسيا فإن ذلك سيدل على أن أردوغان يعتمد على الولايات المتحدة في هذه الجراءة والشجاعة.
لكن حجم الدعم الذي ستقدمه الولايات المتحدة لتركيا غير واضح حتى الآن. لذلك، يحتاج أردوغان إلى إيجاد حل دون إثارة غضب روسيا. قد يكون الحل الوحيد هو التراجع خلف طريقيM4 و M5السريعين. وقد يتحقق ذلك بصورة تدريجية، غير أن كلا من النظامين الروسي والسوري يطلبان في المقام الأول فتح الطريق السريع الذي يربط حلب بدمشق واللاذقية.