إدارة بنوك وغسيل الأموال.. شبكة إيران العنكبوتية لتمويل الإرهاب
الأحد 16/فبراير/2020 - 06:54 م
طباعة
شيماء حفظي
بدأت البحرين إجراءات محاكمة متهمين في مخطط غسيل أموال بالبلاد، بعد سنوات من التحقيقات بشأن تورط إيران في عمليات مشبوهة لتبييض مليارات الدولارات.
غسيل المستقبل
وأحالت النيابة العامة في البحرين الأفراد المتورطين في مخطط غسيل مليارات الدولارات عبر بنك المستقبل الذي تم تأسيسه في المملكة، والتحكم فيه من قبل بنكين إيرانيين مملوكين لإيران، هما البنك الوطني الإيراني (ملي)، وبنك صادرات إيران.
وبحسب بيان النائب العام البحريني، فإن عملية غسيل الأموال، استفاد منها مختلف الكيانات الإيرانية -بما في ذلك الكيانات المتورطة في تمويل الإرهاب أو الخاضعة للعقوبات الدولية– من خلال تنفيذ المعاملات الدولية مع تجنب التدقيق التنظيمي.
وكشف التحقيقات في عام 2018 أن بنك المستقبل ومساهميه المسيطرين قد تورطوا في انتهاكات ممنهجة وواسعة للقوانين المصرفية في البحرين، وشمل التحقيق موظفي بنك المستقبل، ومراجعة عشرات الآلاف من وثائق البنك بالتعاون مع وحدة التحقيقات المالية بوزارة الداخلية، وخبراء دوليين مستقلين، ومحللين جنائيين.
خدمة الرسائل السرية
وقد توصلت تلك التحقيقات إلى أن بنك المستقبل، الذي يعمل تحت إشراف البنك الوطني الإيراني (ملي)، وبنك صادرات إيران، قد نفذ آلاف المعاملات المالية الدولية مع توفير غطاءات للكيانات الإيرانية فيها، وتضمنت أحد أشكال الإخفاء الإزالة المتعمدة للمعلومات الأساسية عند تحويل الأموال عبر شبكة سويفت -وهي ممارسة غير مشروعة يشار إليها باسم «Wire Stripping» كما حدد التحقيق آلاف المعاملات التي تم تجريدها من البيانات، وبلغ مجموعها حوالي 5 مليارات دولار أمريكي.
وأعقب النائب العام بأن شكلًا آخر من أشكال الإخفاء ينطوي على استخدام خدمة الرسائل السرية كبديل لنظام سويفت، الذي أخفى عمدًا المعاملات من المنظمين البحرينيين؛ حيث سمحت هذه الإجراءات لبنك المستقبل بإخفاء ما مجموعه 2 مليار دولار أمريكي من المعاملات.
سيد الأدلة
عمليات غسيل الأموال لم تكن مفاجئة لإيران، بل إن الأمر وصل إلى أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اعترف في نوفمبر 2018 بأن عمليات غسيل الأموال في إيران حقيقة واقعية قائمة، وهنالك الكثيرون الذين ينتفعون من وراء ذلك.
وأضاف ظريف «إنني لا أتهم أي جهاز بالضلوع في ذلك، لكنني أعتقد أن الأفراد الذين لهم مصالح في هذه القضية، هم وراء الإيحاء بهذه التصورات (الهواجس)، المثارة ضد لائحة مشروع قانون الانضمام لمعاهدة FATF
ومجموعة العمل المالي الدولية "FATF"، هي هيئة حكومية دولية تتولى مهمة دراسة التقنيات، واتجاهات غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، وإعداد وتطوير السياسات المتعلقة بمكافحة هذه الظواهر.
ويعد غسيل الأموال، واحدة من أبرز طرق تمويل الجماعات الإرهابية، وأكثرها خطورة نتيجة عدم تمكن تتبع الأموال ومصدرها.
ورغم موافقة البرلمان الإيراني على مشروعي قانونين لتعديل التشريعات المتعلقة بتمويل الإرهاب وغسل الأموال، العام الماضي، إلا أن مجلس صيانة الدستور «هيئة تتألف من 12 عضوًا يعينهم المرشد الأعلى الإيراني، وله حق النقض على التشريعات التي يعتبرها مخالفة للأيديولوجيا المتشددة لنظام الملالي» قد رفضهما.
وتضمن مشروعا القانونين اللذان تم رفضهما تصديق إيران على الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب، وكذلك التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، ويُعد مجلس تشخيص مصلحة النظام بمثابة هيئة التحكيم المعنية بحل النزاعات بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور، ولكنه حتى الآن لم يتخذ أي إجراء في هذا الشأن الذي ينظر فيه عدة أشهر.
أسلوب إرهابي
ويثير مصطلح «غسيل الأموال» القلق بشكل متزايد، خاصة عندما يتعلق الأمر بتمويل العمليات الإرهابية، وهو ما تحاول الحكومات وأجهزة تتبع مصادر تلك الأموال مواجهته للحدِّ من التمويلات التي تصل إلى الجماعات المسلحة.
ويستخدم الإرهابيون أساليب كتلك المستخدمة في غسيل الأموال لصرف انتباه السلطات، وحماية هوية رعاتهم، والمستفيدين النهائيين من الأموال، ويرصد خبراء مكافحة الإرهاب، أن المعاملات المالية المرتبطة بتمويل الإرهاب تميل إلى أن تكون بمبالغ أقل مما هي عليه في حالة غسيل الأموال الكبيرة في الدول.
وبشكل أساسي يتم تحويل الأموال التي يراد تغيير نشاطها من خلال الجهاز المصرفي عبر الدول، خاصة من خلال الدول التي توفر سرية كبيرة على تعاملات عملائها، والتي يمكن أن تطلق عليها «ملاذات آمنة» لتحويل الأموال، بالإضافة إلى عمليات التحويل لأفراد ومؤسسات، واستخدام العملات الرقمية المشفرة.
ويصبح التدفق المالي أقل وضوحًا عندما يتم توجيهه إلى نشاط آخر غير الإرهابي، وهو ما يدفع التنظيمات لإخفاء عملية تحويل الأموال من مصادر التمويل الرئيسية إلى عمليات غسيل أموال، تحول دون الكشف عنها، كما يلعب كشف مصادر التمويل دورًا مهمًا في المساعدة على مكافحة تمويل الإرهاب، وقطع الإمدادات، عن التنظيم، وهو ما يحاول الإرهابيون تفاديه.