«أردوغان وإسرائيل».. تطور العلاقات العسكرية بين أنقرة وتل أبيب «2-3»
الثلاثاء 18/فبراير/2020 - 01:50 م
طباعة
محمود البتاكوشي
استعرضنا في الجزء الأول من ملف «أردوغان وإسرائيل 17 عامًا من العشق الممنوع»، كيف صنعت المخابرات الأمريكية والصهيونية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حتي يصبح رجلها في المنطقة، ويدعم قضاياهم ويحقق مصالحهم.
ونتناول في الجزء الثانى تطور العلاقات العسكرية بين تركيا وإسرائيل، وكيف تآمر حزب العدالة والتنمية الحاكم على القضية الفلسطينية.
التعاون العسكري بين تركيا وإسرائيل يفضح خيانة أردوغان لفلسطين
رغم الشعارات الإسلامية والتصريحات الحنجورية التي يرددها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تجاه القدس والقضية الفلسطينية فإن الواقع العملي يكذب ذلك، نرصد في هذا التقرير تفاصيل العلاقات العسكرية بين أردوغان والكيان الصهيوني على النحو التاني:-
ففي عام 2002، بمجرد تولي حزب العدالة والتنمية الحكم، وقعت تركيا مع إسرائيل عقدًا عسكريًّا بقيمة 999 مليون دولار، بهدف تطوير دبابات تركية ليصل عددها إلى 270 دبابة من طراز أم 90. وفي عام 2005، أشترت تركيا نظم محطات أرضية من شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية بتكلفة 294 مليون دولار وبموجب هذا الاتفاق، حصلت تركيا على 20 محطات أرضية تضم كل واحدة منها 4 أو3 طائرات بدون طيار.
وفي العام نفسه زار رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إسرائيل وبحث مع المسؤولين توقيع صفقة عسكرية تصل قيمتها إلى نصف مليار دولار، تنص على تحديث 4 طائرات حربية من طراز أف 4 فانتوم وفي مارس 2009، أبرمت السلطات العسكرية التركية صفقتين دفاعيتين مع إسرائيل، الصفقة الأولى لبرامج استطلاعية عالية التقنية، والثانية لأغراض التشويش على الرادارات، وفي عام 2008، تواصل التعاون العسكري بين البلدين، فقد تعددت زيارات المسؤولين العسكريين المتبادلة سواء على مستوى وزير الدفاع، أم على مستوى القوات الجوية والبحرية.
بالتوازي مع هذا في نفس العام جرت مناورات عسكرية جوية وبحرية مشتركة مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية واستمر التعاون الإستخباراتي بين تركيا وإسرائيل بشأن الأكراد، حيث تُعتبر الحرب القائمة بين تركيا والأكراد هي دافع من الدوافع التي دفعت أنقرة إلى التوجه نحو إسرائيل عسكريًّا لطلب المعدات المتطورة التي ترصد الأكراد في شمال العراق وسوريا.
كما تحتضن تركيا أكبر مصانع أسلحة للجيش الإسرائيلي، ووصل التعاون العسكري بالسماح للطيران العسكري الإسرائيلي بالتحليق في الأجواء التركية، حيث ينص الاتفاق على تبادل الطيارين 8 مرات في السنة؛ ويسمح للطيارين الإسرائيليين بالتحليق فوق الأراضي التركية لتدريب وصقل قدرات الطيارين الإسرائيليين ليصوبوا على رؤوس الفلسطينيين بدقة، في تناقض مربك لموقف الرئيس التركي وحزبه تجاه القضية الفلسطينية.
في يوليو 2014 أطلقت إسرائيل عملية «الجرف الصامد» ضد حركة حماس، وهو ما اضطر أردوغان للخروج بتصريحات عنترية كعادته، دعمًا وتأييدًا لعملائه في غزة، وقال إن «الهجوم الإسرائيلي على غزة تجاوز وحشية هتلر».
لكن المفاجأة أن حكومة أردوغان في هذا الوقت بالتحديد كانت تؤمن للجيش الإسرائيلي حصصه الغذائية من مختلف المؤن والأطعمة المعلبة التي يتزود بها الجنود والضباط الإسرائيليون، خلال عمليات القتال في غزة.
وهذا ما فضحته وزارة الدفاع الإسرائيلية بعد أن أزعجتها تصريحات أردوغان العنترية إذ أكدت في بيان أن المنتجات الغذائية التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي مستوردة من تركيا، وأشارت إلى وجود صفقات مماثلة عقدها أردوغان مع حكومة آرييل شارون الإسرائيلية عام 2002 وتستمر حتى عام 2022.
لم يقتصر الأمر على هذا فقط، إذ تبين أن نفط شمال العراق، أو النفط الكردي، يباع إلى إسرائيل عبر تركيا، ويستخدم كوقود للطائرات الإسرائيلية التي قصفت قطاع غزة، عام 2014، حيث أشار تقرير هيئة رقابة وتنسيق سوق الطاقة الصادر في أغسطس عام 2015 إلى زيادة مستمرة في صادرات النفط الإسرائيلي إلى تركيا.
وخلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في الفترة بين يوليو عام 2014 ومايو 2015 تزايدت صادرات النفط الإسرائيلي إلى تركيا بنسبة 84.95%، لترتفع من 118 ألف طن إلى 218 ألف طن.
التعاون العسكري بين تركيا وإسرائيل لم يتوقف عند هذا الحد بل امتد إلى استعانة أردوغان بالطائرات المسيرة الإسرائيلية خلال تدعيمه ميليشيات فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية إذ أسقطت قوات الجيش الوطني الليبي طائرتين مسيرتين من صناعة إسرائيلية، طراز "أوربيتر-3".
كما كشفت الصحافة التركية إحدى المسائل المسكوت عنها في خطابات السلطة الحاكمة في أنقرة، ففي ديسمبر 2012 أكد المتحدث الإعلامي باسم اتحاد حاملي الجنسية التركية في إسرائيل، رفائيل سعدي، أن هناك عددًا كبيرًا من المواطنين الأتراك يخدمون داخل الجيش الإسرائيلي وذلك بسبب توريط أردوغان جيش بلاده في حروب ونزاعات لا طائل من ورائها مع حزب العمال الكردستاني، جنوب شرقي البلاد وفي شمالي العراق، التي لا تزال تكبد الجيش عشرات الخسائر يومًا بعد آخر، فضلًا عن صراعاته المسلحة مع وحدات حماية الشعب الكردية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ناهيك عن صراعه مع قبرص في مياهها الإقليمية.. كل ذلك دفع الشبان الأتراك للهروب من هذا الجحيم الذي أشعله أردوغان دون أن يتمكن من إخماده.
الهجمة الشرسة التي أطلقها أردوغان على الجيش التركي عقب أحداث مسرحية انقلاب يوليو، ساهمت في عزوف الشبان الأتراك عن الخدمة في الجيش، وهو الأمر الذي يمكن عده ضمن مخطط أردوغان الطامح لتصفية الجيش التركي.