النظام الإيراني يفشل في اختبار الانتخابات البرلمانية
الأحد 23/فبراير/2020 - 02:24 م
طباعة
إسلام محمد
فشل النظام الإيراني في اختبار الانتخابات البرلمانية التي كانت الجمعة 21 فبراير 2020، رغم أن النتيجة في صالح المرشحين المدعومين من المرشد الأعلى علي خامنئي لكن هذه المرة كانت لها حسابات أخرى تجعلها مختلفة عن أي استحقاق ديمقراطي سابق.
ففي ظل الانهيار الحاد في شعبية نظام الملالي قبيل الانتخابات البرلمانية الحادية عشر وفشل المسئولين في كسب رضا المواطنين لجأ مجلس صيانة الدستور -الذي يعين المرشد نصف أعضائه بشكل مباشر والنصف الآخر عن طريق رئيس القضاء المعين أيضًا- إلى استبعاد أكثر من نصف المرشحين أي أكثر من 7 آلاف شخص بسبب ميولهم السياسية.
ولم يتم استبعاد المرشحين لأنهم يطالبون بسقوط النظام مثلا أو ما شابه بل لأنهم لديهم ميول إصلاحية أي أنهم جزء من الفريق الذي يهيمن على الحكومة والذي يمثله الرئيس حسن روحاني والذي رغم كونه معارضا لبعض آراء المتشددين لكنه يظل أحد المكونات المهمة في بنية النظام.
وبعدما فشلت الدعاية الحكومية في التأثير على المواطنين الذين قاطعوا انتخابات مجلس الشورى ومجلس خبراء القيادة اللتان أجريتا في اليوم نفسه حاول قادة طهران أن يتجنبوا الحرج الناجم عن تلك المقاطعة عبر التعتيم على نسب المشاركة.
وتعد نسبة المشاركة الانتخابية هذه المرة هي الأهم فالنتيجة كانت معروفة سلفا بعدما تم استبعاد الإصلاحيين والمستقلين وتكوين قائمة موحدة من المتشددين لكن نسبة المشاركة اعتبرت بمثابة استفتاء على شعبية النظام ذاته، ولهذا كانت الأجهزة الحكومية على اختلافها تركز على ضرورة النزول باعتباره في حد ذاته واجبا قوميا بل بالغ المرشد علي خامنئي واعتبره واجبا مقدسا وفرض عين وجهاد في سبيل الله!
ولم تمنع تلك الفتاوى المتشددة أجهزة الدولة من الاستعانة بخطابات متناقضة فعلى سبيل المثال تم الاستعانة بـ لافتات تمجد في الدولة الإخمينية القديمة قبل الإسلام؛ باعتبارها تمثل جذور الدولة الفارسية الحالية وهو الأمر الذي يناقض خطاب القادة الدينيين الذين طالما اعتبروا هؤلاء الملوك طواغيت ولكن يبدو أن للضرورة أحكامها لديهم في ظل فشلهم في مخاطبة غالبية الإيرانيين بخطاب يمس قناعاتهم ويدخل عقولهم.
بل لجأ المرشحون لوسائل رخيصة كتوزيع المأكولات والحلوى على الفقراء والمحرومين في سبيل كسب أصواتهم كرشوة انتخابية مسموح بها من جانب رجال الدين المقربين من نظام ولاية الفقيه.
وبحسب وكالة فارس، فقد بلغت نسبة التصويت نحو 40% في كل أنحاء البلاد وتعد هذه النسبة على ما فيها من مبالغات وتشكيك ضئيلة، فهي لم تقل في تاريخ الجمهورية الإيرانية عن 50% على الإطلاق ما يعكس عمق المأساة وهو الأمر الذي دعا معارضون للتاكيد على أن تلك الانتخابات هي الأخيرة وأنه تدلل على أن شعبية النظام تحتضر.
وجاء فوز المحافظين في هذه الانتخابات باهتًا في ظل رفض آلاف الطلبات للإصلاحيين وبعد تمديد وقت التصويت 5 مرات متتالية لإتاحة مشاركة أكبر عدد ممكن من الناخبين الذين تم جمعهم عبر ميليشيات الباسيج التابعة للحرس الثوري وهي تضم أعدادا كبيرة في صفوفها من المدنيين مهمتهم حشد المواطنين ولم تعلن السلطات الإيرانية حتى الآن رسميًّا عن نسبة المشاركة خوفا من إعلان الحقيقة.
ومن المقرر أن تحدد نتائج تلك الانتخابات هامش المناورة الذي سيتمتع به الرئيس حسن روحاني حتى نهاية ولايته في العام المقبل إذ من الممكن أن تؤثر تشكيلة مجلس الشورى الجديد على سياسة الانفتاح التي يتبعها الرئيس خارجيًّا، والتي اثبتت فشلها في ظل برلمان يهيمن عليه الإصلاحيون.