الانتخابات التشريعية في إيران.. توسع نفوذ المحافظين وإقصاء تام للمعارضين

الأحد 23/فبراير/2020 - 06:56 م
طباعة الانتخابات التشريعية نورا بنداري
 
انتخابات تشريعية هي الأهم في تاريخ إيران؛ خاصة أنها تأتي عقب الأحداث التي شهدتها البلاد خلال عامي 2019 ومطلع 2020؛ من تزايد وقع العقوبات الأمريكية، وانهيار الاقتصاد، والاحتجاجات الشعبية على سياسة نظام الملالي التقشفية، وصولًا إلى مقتل قائد فليق القدس «قاسم سليماني» في غارة أمريكية.
أثرت تلك الأحداث على مسار العملية الانتخابية البرلمانية، التي انطلقت في 21 فبراير 2020، إذ شهدت نسب إقبال ضعيفة بنحو 40% وفقًا لنتائج غير رسمية نشرتها وكالة أنباء «فارس»، إذ لا تقل طيلة 40 عامًا مضت عن 50%.
وبحسب النتائج الأولية التي أعلنتها لجنة الانتخابات، صباح الأحد 23 فبراير 2020، فاز المحافظون بـ191 مقعدًا من بين 241 محسومة، بينما حصل الإصلاحيون على 16، والمستقلون على 34.
وتشير النتيجة إلى أن فوز المحافظين كان متوقعًا؛ خاصة بعد أن استبعد «مجلس صيانة الدستور» (المخول له اختيار المرشحين للدخول للسباق الانتخابي) أوراق 6850 من بين 14 ألفًا غالبيتهم من المعتدلين والإصلاحين البارزين من الانتخابات، لأسباب منها -بحسب المجلس- الفساد وعدم الولاء للإسلام.

أكاذيب الملالي
كعادته عمل النظام الإيراني على محاولة التلميح بأن تدني نسب المشاركة ليس له علاقة باستبعاد غالبية المرشحين، وإنما يرجع السبب وفقًا للمرشد «علي خامنئي» في 23 فبراير 2020؛ إلى «الضخ الإعلامي الذي مارسته وسائل إعلام أجنبية منذ أشهر وكثفته مع اقتراب موعد الانتخابات؛ لإحباط الإيرانيين، وثنيهم عن المشاركة في الانتخابات التشريعية»، وزعم «خامنئي» أن هذه الوسائل لم تتوان عن استغلال أدنى فرصة، وتحججت بفيروس «كورونا» من أجل ثني الشعب الإيراني عن المشاركة في الانتخابات، وفقًا للموقع الرسمي للمرشد.
وتُطرح التساؤلات حول مصير البرلمان المقبل في ظل سيطرة المحافظين ومرشحي الحرس الثوري عليه، وكيف سيتعامل المحافظون مع الملفات الخارجية؛ خاصة الاتفاق النووي، وهل يمهد البرلمان المقبل لاحتمالية فوز المحافظين في الانتخابات الرئاسية.

الدبلوماسية أم المواجهة؟
وفقًا لرؤى تحليلية إيرانية وغربية؛ فإن اشتداد حدة العقوبات الاقتصادية كانت سببًا في عدم مشاركة الإيرانيين في الانتخابات، وهذا الأمر قد يجبر البرلمان المقبل على عدم التصعيد مع الولايات المتحدة، واللجوء إلى الدبلوماسية بدلًا من المواجهة في محاولة لكسب ثقة الشعب مرة أخرى بعد أن فقد جزءًا كبيرًا منها في احتجاجات نوفمبر 2019 وانتخابات برلمان 2020، وبروز توقعات تفيد بأن الأوضاع الاقتصادية ستواصل التدهور خلال 2020؛ في ظل استمرار واشنطن في فرض عقوبات جديدة كان آخرها على خمسة مسؤولين من هيئة مجلس صيانة الدستور لاستبعادهم المرشحين الإصلاحيين.
وتجدر الإشارة إلى أن البرلمان ليس له تأثير كبير على الملفات الخارجية؛ خاصة ملف الاتفاق النووي؛ لأن الكلمة النهائية للمرشد ودور البرلمان فقط هو التصديق عليها، وفي حالة وجود برلمان محافظ يؤيد المرشد، يسهم هذا بشكل كبير في إسكات الأصوات المعارضة، وهذا ما يريده نظام الملالي.

التطلع نحو الرئاسة
وتؤشر بداية مسرحية الانتخابات باستبعاد المرشحين الإصلاحيين، ودخول أغلبية المحافظين البرلمان المقبل؛ إلى رغبة المحافظين في انتزاع مقعد الرئاسة من التيار الإصلاحي بقيادة الرئيس الحالي « حسن روحاني»؛ ولذلك فإن فوزهم يمثل أرضية صلبة تعبد الطريق أمام فوزهم في الانتخابات الرئاسية 2021.

الديكتاتورية العسكرية
يؤشر أيضًا فوز مرشحي الحرس الثوري في انتخابات البرلمان الإيرانى، وأنباء فوز رئيس بلدية طهران السابق «محمد باقر قاليباف» برئاسة البرلمان، وهو قائد سابق في القوات الجوية للحرس الثوري؛ إلى زيادة نفوذ الحرس وتغلغله في الشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد.
وتقول صحيفة «نويه زوريشر» السويسرية في تقرير لها الأحد 23 فبراير 2020؛ أن النظام الإيراني يرسخ الديكتاتورية العسكرية على حساب الشعب، بعد تفصيله الانتخابات البرلمانية في إيران لصالح معسكر واحد وهو الجناح المتشدد، كما أصبحت مصالح الحرس الثوري هي التي تقود النظام وليس رجال الدين، رغم وجود «خامنئي» رجل الدين على رأس الدولة.
وإضافة لما تقدم؛ أوضحت «رجحت أزاده زميريراد»، الخبيرة في مؤسسة العلوم والسياسة في ألمانيا؛ في تصريحات صحفية، أنه من المتوقع اندلاع احتجاجات ضد نظام طهران خلال الفترة المقبلة بعد عزوف الناخبين عن الانتخابات التشريعية، وسيطرة المتشددين المتوقعة على البرلمان الجديد.

ماذا بعد وصول المحافظين؟
يوضح محمد عبادي، الباحث المختص في الشأن الإيراني، أن فوز المحافظين والمتشددين كان متوقعًا، وحصولهم على الأغلبية يشير إلى أن الدولة ستسير على خط واحد، المرشد مع رجال الدين، والحرس الثوري، وإسكات أي صوت معارض حتى لو كان ضعيفًا لا يُسمع.
وبين الباحث في الشأن الإيراني، في تصريح له، أن البرلمان الإيراني ليس له تأثير كبير على الملفات الداخلية والخارجية، ففي نوفمبر 2019 لم يكن البرلمان يعلم بقرار رفع أسعار البنزين، فالفصل في هذه الملفات للمرشد؛ ومن ثم فإن التأثير الكبير للمحافظين سيكون منصبًّا حول التضييق على حكومة «حسن روحاني» وإظهارها فاشلة، وإجراء المزيد من الاستجوابات البرلمانية لوزرائها؛ ويتم تحميلها نتائج الحصار الاقتصادي.

شارك