ترقب دولي لمحاكمة إرهابيين الملالي في بلجيكا

الإثنين 12/أكتوبر/2020 - 12:14 ص
طباعة ترقب دولي لمحاكمة روبير الفارس
 
وسط ترقب دولي 
تنطلق نهاية نوفمبر المقبل، بمدينة أنفرس البلجيكية، محاكمة المجموعة الإيرانية المتهمة بالمحاولة الإرهابية التي كانت تستهدف اجتماعاً كبيراً للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية "مجاهدي خلق"، الذي ترأسته مريم رجوي، نهاية يونيو عام 2018 في مدينة فيلبانت الواقعة شمال باريس.
ووفق تقارير استخبارية فرنسية وأوروبية، فإن القنبلة شديدة الانفجار التي كان من المخطط لها أن توضع داخل أو قريباً من مكان التجمع الذي ضم ما لا يقل عن 25 ألف شخص بينهم شخصيات عالمية معروفة، وفقا لـ "الشرق الأوسط".
من بين المتهمين الأربعة الذين سيمثلون أمام المحكمة الفيدرالية في أنفرس، تبرز شخصية أسد الله أسدي، وهو دبلوماسي إيراني معتمد في سفارة إيران في فيينا، وقد قبض عليه في ألمانيا بعد عدة أيام من المحاولة الإرهابية. 
وأسدي، وفق التحقيقات التي قامت بها الأجهزة الاستخبارية للدول الأوروبية الثلاث المعنية مباشرة بالمحاولة "بلجيكا، وفرنسا، وألمانيا"، التي تعاونت في هذه القضية، فإن مهمة أسدي لم تكن أبداً دبلوماسية، إذ إنه كان يعمل لصالح المخابرات الإيرانية وكانت تتركز على ملاحقة المعارضين والمنشقين الإيرانيين في جنوب أوروبا. 
وبحسب هذه التقارير، فإن السفارة الإيرانية في فيينا كانت تعد مركزاً رئيسياً لهذه المهمة، إذا ثبتت التهم على الإيرانيين الأربعة، فإن العقوبة ستكون السجن المؤبد. 
وبين التحقيق، وفق تصريحات جاك راس، رئيس جهاز المخابرات البلجيكية، أن الخطة الإرهابية لم تكن بمبادرة شخصية من أسد الله أسدي، بل تم تصورها في إيران وبدفع منها. 
وبحسب التقارير المتوافرة، فإن التحقيق الذي قامت به المخابرات البلجيكية يتطابق تماماً مع التحقيق القضائي الذي سيفضي إلى المحاكمة نهاية الشهر المقبل.
كان مقرراً، وفق ما تكشف عن الخطة، أن تنفجر القنبلة المصنوعة من مادة "تي آي تي بي" شديدة الانفجار التي اكتشفتها الشرطة البلجيكية مع صاعقها في سيارة مواطنين إيرانيين؛ هما رجل وزوجته، وهي تزن 500 جرام خلال انعقاد مؤتمر المعارضة الإيرانية. 
وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن هذه القنبلة التي تنفجر عن بعد، بالغة التعقيد ويتطلب تحضيرها مهارات خاصة. 
واللافت أن تعطيل العملية تم صباح 30 يونيو أي قبل ساعات قليلة من موعد التفجير. 
ووفق مكتب الادعاء في مدينة بامبيرغ الألمانية، في مقاطعة بافاريا، فإن أسدي مسؤول كبير في المخابرات الإيرانية، وهو من سلم القنبلة إلى الزوج الإيراني أمير سعدوني وزوجته نسيمة ناعمي في مطعم بيتزا، في عاصمة دوقية لوكسمبورج.
وقد قبض على أسدي في ألمانيا، قريباً من الحدود النمساوية، لدى محاولته العودة إلى النمسا، حيث يتمتع بالحصانة الدبلوماسية. 
وقد طالبت إيران التي نفت أساساً المحاولة الإرهابية بإخلاء سبيله، بحجة تمتعه بالحصانة المذكورة. 
وكان الرد الألماني أنه قد قبض عليه في بلد غير البلد المعتمد لديه وخارج مهماته الدبلوماسية، وعمدت برلين لاحقاً إلى تسليمه إلى السلطات البلجيكية. كذلك فعلت فرنسا بتسليمها مواطناً إيرانياً من بين ثلاثة أشخاص قبضت عليهم إلى السلطات نفسها، والأربعة هم الذين سيمثلون أمام المحكمة.
وبحسب جهاز أمن الدولة البلجيكي، فإن أسدي تابع لـ "المكتب 312"، ولجهاز المخابرات في وزارة الاستعلام والأمن التي يصنفها الاتحاد الأوروبي من بين المنظمات الإرهابية وفق لائحته الخاصة. وخلال تدريباته العسكرية، درب أسدي على فبركة المتفجرات وتركزت مهمته في فيينا على جمع المعلومات عن المعارضين بالتعاون مع وزارة الخارجية الإيرانية.
وفيما خص محاولة الاعتداء على تجمع "مجاهدي خلق"، فإن التحقيق بيّن أن أسدي حضر له خلال عام كامل، إذ ثبت مجيئه إلى مدينة أوفير سيور واز الواقعة شمال باريس التي كان يتخذها "مجاهدو خلق" مقراً لهم في أوروبا، وكذلك في مقر المعارضة في فيلبانت وفي الفنادق القريبة التي تنزل فيها عادة كبار الشخصيات.
ومن الذين حضروا تجمع 30 يونيو 2018؛ رودي جولياني، رئيس بلدية نيويورك السابق ومحامي ومستشار الرئيس دونالد ترمب، ونيوت غينغريش، رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري السابق، وإيف بونيه، مدير المخابرات الفرنسية السابق، ونواب في البرلمان الأوروبي ومسؤولون سابقون من بريطانيا وفرنسا وبلجيكا وغيرهم كثيرون… وأظهر التحقيق أن أسدي تلقى مبالغ مالية كبيرة وقام بعدة سفريات إلى إيران، واجتمع مع الزوجين الإيرانيين في مدن عديدة آخرها في لوكسمبورج
من جانبها، أشارت صحيفة "لوموند" الفرنسية المستقلة، إلى أن أسدي رفض التعاون مع التحقيق البلجيكي، لا بل إنه ذهب إلى تهديد بلجيكا بأفدح العواقب في حال الحكم عليه. 
وهدد أسدي المحققين البلجيكيين بالانتقام من خلال مجموعات موجودة في العراق ولبنان وسوريا واليمن، وحتى من إيران نفسها، لا بل أيضاً في بلجيكا، في حال تم الحكم عليه ورفض إخلاء سبيله. 
وبيّن التحقيق، وفق "لوموند"، أن الشرطة البلجيكية عثرت في سيارة المرسيدس العائدة للمواطنين الإيرانيين، إضافة إلى القنبلة التي تسلماها من أسدي، على 35 ألف يورو وعلى ثلاثة هواتف جوالة. 
ويبدو أن أمير سعدوني كشف كثيراً مما يعرفه، ومن ذلك أنه كان يعمل مع أسدي منذ عام 2007. إلا أنه سعى للتخفيف من أهمية دوره وأكد جهله بأن ما كان ينقله كان قنبلة يمكن أن توقع مئات الضحايا. 
أما الشخص الرابع فهو مهراد عارفاني وقد قبض عليه قريباً من موقع تجمع المعارضة الإيرانية وتم تسليمه إلى بلجيكا. ورغم نفيه معرفته بأسدي، فإن التحقيق بيّن أن الرجلين كانا على تواصل دائم، وأن مهمة عارفاني هي جمع المعلومات عن المعارضة الإيرانية.
وفي شهر  أكتوبر من عام 2018، أصدرت وزارات الداخلية والخارجية والاقتصاد الفرنسية بياناً وجهت فيه صراحة اتهامات واضحة للسلطات الإيرانية بالمسؤولية عن المحاولة الإرهابية، وتحديداً وزارة المخابرات والأمن التي فرضت عليها عقوبات وعمدت إلى تجميد حساباتها وحسابات المسؤول عنها سعيد هاشمي مقدم. 
وسعت طهران لدى باريس لتحييد نفسها، نافية أي علاقة لها بالعملية المذكورة ووعدتها بتوفير معلومات "موضوعية" تبعد عنها الشبهات ومتهمة المعارضة الإيرانية باختلاقها. بيد أن هذه المعلومات لم تصل أبداً. 
ورغم ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي أصدر بياناً باسم أعضائه الـ28 في شهر فبراير من العام الماضي، ندد فيه بأعمال وصفها بالإرهابية وتعود مسوؤليتها لإيران، وحصلت في ألمانيا والدنمارك وهولندا وألبانيا.
وقبل ذلك، وفي أواخر 2018، أعلنت الحكومة الهولندية أن إيران تقف وراء اغتيال اثنين من المواطنين الهولنديين من أصل إيراني في هولندا في السنوات الأخيرة؛ أحدهما القيادي الأهوازي أحمد مولى، والثاني المعارض الإيراني محمد رضا صمدي كلاهي، المقرب من منظمة "مجاهدي خلق". 
وقد فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على قسم الشؤون الداخلية بوزارة الاستخبارات الإيرانية، وصنف كلاً من نائب وزير الاستخبارات الإيراني سعيد هاشمي مقدم، بالإضافة إلى أسد الله أسدي على قائمة العقوبات. 
وسيواجه الإيرانيون الأربعة تهم محاولة القتل على علاقة بتنظيم إرهابي إلى جانب تهم أخرى. وإضافة إلى الادعاء البلجيكي العام، فإن ما لا يقل عن 15 شخصاً من الذين حضروا تجمع المعارضة الإيرانية تقدموا بادعاءات شخصية.

شارك