مجزرة كنيسة «سيدة النجاة» العراقية
السبت 31/أكتوبر/2020 - 07:06 ص
طباعة
حسام الحداد
في مثل هذا اليوم الحادي والثلاثين من أكتوبر 2010 قامت منظمة دولة العراق الإسلامية التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، بما سمي بمجزرة سيدة النجاة،
عندما اقتحم مسلحون كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك بالكرادة في بغداد أثناء أداء مراسيم القداس. انتهت الحادثة بتفجير المسلحين لأنفسهم وقتل وجرح المئات ممن كانوا بداخل الكنيسة.
وقد لقى أكثر من اثنين وخمسين شخصا مصرعهم أثناء اقتحام قوات الأمن العراقية كنيسة سيدة النجاة لتحرير الرهائن الذين تم احتجازهم من قبل مسلحين.
تفاصيل العملية:
شهدت عملية تحرير رهائن كنيسة سيدة النجاة في العاصمة العراقية بغداد حمام دم، إذ قتل 52 عراقياً من بينهم رهائن وعناصر قوات امن عراقية في وقت أعلنت مصر عن رفضها الزج باسمها في الاعتداء الإجرامي.
قال وكيل وزارة الداخلية العراقية الفريق حسين كمال إن 52 شخصا قضوا ليل الأحد عندما داهمت قوات الأمن كنيسة سيدة النجاة لإنقاذ أكثر من 120 كاثوليكياً عراقيأً كانوا محتجزين، موضحاً أن 67 شخصا أصيبوا أيضا خلال العملية.
وأضاف كمال أن «الحصيلة هي للمدنيين والعناصر الأمنية. نحن لا نميز بين الشرطة والمدنيين لأنهم جميعا عراقيون»، موضحا أن العدد لا يتضمن المهاجمين الذين قتلوا خلال العملية.
وفي التفاصيل، أصيب مسيحيو العراق بصدمة كبيرة لتمكن مسلحين من تنظيم دولة العراق الإسلامية (إحدى فصائل تنظيم القاعدة) من اقتحام كنيسة بوسط بغداد واحتجاز العشرات من المصلين المسيحيين، في مشهد مأساوي لم يكن الأول الذي يتعرض له المسيحيون منذ الغزو الأميركي للعراق العام 2003.
تهديد ورعب
ورغم تهديد المسلحين الذين اقتحموا كنيسة سيدة النجاة وسط حي الكرادة المكتظ بقتل جميع الرهائن في حال اقتحام القوات العراقية للكنيسة قررت السلطات العراقية تنفيذ عملية اقتحام سريعة قبل أن يتمكن المسلحون من تصفية جميع الرهائن.
واستغرقت عملية تحرير الكنيسة أكثر من ساعتين وسط إجراءات أمنية مشددة وإغلاق تام لمحيط الكنيسة. وشارك في العملية المئات من قوات الجيش والشرطة إلى جانب قوات متخصصة في مكافحة الإرهاب يطلق عليها «الفرقة الذهبية».
وبحسب الرواية الحكومية فإن المسلحين يرتدون أحزمة ناسفة ومدججين بالأسلحة الآلية والقنابل اليدوية دخلوا حي سوق الأوراق المالية العراقية ومن بعدها دخلوا كنيسة سيدة النجاة القريبة.
وهي واحدة من أكبر دور العبادة الكاثوليكية في بغداد، محتجزين 120 مسيحيا عراقيا كرهائن لحظة تجمع العشرات داخلها لحضور قداس يوم الأحد، ومهددين بعدم تركهم إلا إذا جرى الإفراج عن سجناء من تنظيم «القاعدة» في العراق ومصر. وأفاد مصدر بالشرطة الاتحادية بأن «عملية الإنقاذ كانت صعبة للغاية».
وتابع أن «المهاجمين كانوا بين الأطفال مع أسلحتهم... معظم الضحايا قتلوا أو جرحوا أثناء اقتحام القوات الأمنية المكان». وتعد عملية اقتحام كنيسة سيدة النجاة هي الأكبر منذ قيام مسلحين بتهديد آلاف العوائل المسيحية في الربع الأخير من العام 2008 في مدينة الموصل بمغادرة منازلهم ما اضطرهم للجوء إلى الكنائس للاحتماء بها فيما فر المئات إلى خارج البلاد.
انتقاد لدور الأمن
وفي تتابع للأحداث، ورغم أن السلطات العراقية تنفذ إجراءات أمنية في محيط الكنائس تشمل وضع كتل أسمنتية لمنع وقوع أعمال عنف أو انفجارات تستهدف دور العبادة المسيحية، إلا أن وزير الدفاع العراقي عبدالقادر العبيدي، الذي قاد عملية الكنيسة، قال: «كانت لدينا معلومات واضحة تفيد بأن هناك استهدافا، ويبدو أن هناك نوعا من الإهمال وهذا سنتابعه بتحقيق خاص».
إلى ذلك، انتقد النائب الكاثوليكي يونادم كنا مهنية قوات الأمن التي شاركت في عملية الإنقاذ، مشيرا إلى أن عدد الضحايا المدنيين كبير.وقال كنا: «أنا أقدر بشدة تضحياتهم (القوات)، فقد قتل العديد من عناصر الأمن أو أصيبوا، ولكن من المفترض أن يكون هناك قدر أكبر من الاحترافية في إنجاز (المهمة)».
الدافع انتقامي
وأعلنت دولة «العراق الإسلامية» ذراع تنظيم «القاعدة» في العراق مسؤوليتها عن الهجوم وذكر التنظيم في بيان نشر على مواقع إسلامية متشددة على الانترنت أن الهجوم كان عملا ضد الكنيسة القبطية في مصر.
مصر تدين
من جانبها، أكدت مصر إدانتها الشديدة للاعتداء على كاتدرائية السريان الكاثوليك في بغداد ورفضها الزج باسمها في مثل هذه الأعمال الإجرامية.
وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية حينها حسام زكي إن مصر تدين بشدة العمل الإرهابي الهمجي الذي استهدف الكاتدرائية العراقية.وأكد رفض مصر القاطع الزج باسمها أو بشؤونها في مثل هذه الأعمال الإجرامية.
إجراءات أمنية مصرية مكثفة
كثفت قوات الأمن المصرية إجراءاتها الأمنية حول جميع الكنائس والكاتدرائيات في العاصمة القاهرة. ومختلف المحافظات عقب تهديدات تنظيم مسلح في العراق موال للقاعدة باستهداف الكنائس في مصر.
وقال مصدر أمني مصري إن وزارة الداخلية المصرية نظمت حملات مرورية مكثفة حول الكنائس والكاتدرائيات لمنع أي انتظار للسيارات أمامها، كما قامت قوات الأمن بزيادة التدقيق في هويات مرتادي الكنائس.
وحينها عقد المجمع المقدس بالكنيسة المصرية اجتماعا لبحث تهديدات تنظيم «القاعدة» باستهداف الكنائس المصرية.وكان تنظيم «دولة العراق الإسلامية» الموالي لـ «القاعدة» قد أمهل الكنيسة القبطية المصرية 48 ساعة للإفراج عن مسلمات «مأسورات في سجون أديرة» في مصر حسب بيان للتنظيم الذي أعلن أنه نفذ عملية العراق نصرة لأخواتنا المسلمات المستضعفات الأسيرات في أرض مصر المسلمة.
وبث التنظيم أيضا تسجيلا مصورا منسوبا إلى مقاتل يقود مجموعة انتحارية ويهدد بدوره الكنيسة القبطية في مصر إذا لم يتم إطلاق سراح زوجتي الكاهنين المعتقلتين كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين.
وجاء في التهديد أنه إذا لم يلب الأقباط مطلب التنظيم «ستفتحون على أبناء ملتكم بابا لا تتمنونه أبدا ليس بالعراق فحسب بل في مصر والشام وسائر بلدان المنطقة فلديكم عندنا مئات الآلاف من الأتباع ومئات الكنائس وكلها ستكون هدفا لنا إن لم تستجيبوا».
ردود أفعال
البابا يدين
أدان بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر العنف العبثي والوحشي ضد أشخاص عزل في العراق.وقال البابا خلال الصلاة الملائكية في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان: «اصلي من اجل ضحايا هذا العنف العبثي، عنف من الوحشية لدرجة انه يستهدف أشخاصا عزلا مجتمعين في بيت الله الذي هو بيت محبة وتسامح».
وأضاف: «اعبر عن تضامني الحار مع الطائفة المسيحية (العراق) التي ضربت مجددا». وتابع البابا القول: «أمام دوامة العنف التي لا تزال تمزق شعوب الشرق الأوسط، أود أن أجدد ندائي من اجل السلام».
ألمانيا تطالب بحماية المسيحيين
أعربت الحكومة الألمانية عن صدمتها إزاء الهجوم الذي قامت بها مجموعة مسلحة داخل كنيسة سيدة النجاة العراقية.وقال الناطق باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت في برلين إن الحكومة الألمانية حزينة ومصدومة إزاء هذا الهجوم الإرهابي الجديد في العراق.
وشدد زايبرت على ضرورة حماية الأقليات ووجود حكومة قادرة على التصرف في العراق. وأكد على أن حرية العقيدة والديانة من أساسيات السياسة الخارجية الألمانية.