" المجلة " تفتح ملف الإرهاب في أوروبا ..و خطورة دور أردوغان
الثلاثاء 10/نوفمبر/2020 - 08:30 ص
طباعة
روبير الفارس
خطورة الذئاب المنفردة في أوروبا ودور خليفة الإرهاب أردوغان هو حديث الساعة ومحور الاهتمام في المراكز البحثية والمجتمع المدني والإعلام العالمي من هذا المنطلق .فتحت مجلة المجلة التي تصدر في لندن ملف الإرهاب في أوروبا من خلال تقرير للباحث والمترجم محمد جاسم المتخصص في قضايا الإرهاب وانطلق التقرير من تصريح
وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، الذي قال فيه أن فرنسا «في حالة حرب ضد الإرهاب»، وأنها «تقاتل أعداء الداخل والخارج»، مؤكداً أن سلطات البلاد بصدد «شن حرب على أعداء الجمهورية»، بسبب توترات الأعمال الإرهابية الآتية حتماً، إذن «المسألة ليست معرفة هل سيكون هناك اعتداء، بل متى سيقع». وبالنظر لما عرفته فرنسا في الأسابيع الماضية، حيث حصلت ثلاثة أعمال إرهابية «في باريس وكونفلان سانت هونورين ونيس، فضلاً عن محاولة قتل الكاهن اليوناني الأرثوذكسي في مدينة ليون، فمن المرجح جداً أن يكون دارمانان مصيباً في توقعاته، رغم القوانين والتشريعات والإجراءات التي اتخذت منذ عام 2015 مع مقتلة صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة التي نشرت رسوماً كاريكاتيرية مسيئة للنبي.
وقد استغل إردوغان خطاب ماكرون الأخير، ولعب على بعض التوصيفات والعبارات، ليقوم بتصريحات تحشيد داخلي وخارجي ضد فرنسا، وليس مستبعدًا أن شبكات عمل إردوغان داخل فرنسا وخارجها، دفعت منفذ العملية وغيرها بالتحريض على الإرهاب.
قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أثناء عرضه، في 2 أكتوبر 2020، مشروع قانون حول «الانعزالية»يهدف خصوصاً إلى «هيكلة الإسلام»في فرنسا، إنّه يجب على المجلس الفرنسي للديانة الإسلاميّة، المحاور الرئيسي للسلطات، أن يؤسّس، خلال ستّة أشهر، مسار «تأهيل تدريب الأئمّة»،وتنظيم «شهادات»اعتماد لهم، ووضع «ميثاق يؤدّي عدم احترامه إلى العزل». وسيُتيح تدريب الأئمّة تحقيق هدف آخَر بالنسبة إلى الحكومة الفرنسيّة، يتمثّل في إنهاء التعاون مع 300 إمام من تركيا والمغرب والجزائر.
وذكر التقرير
إلاجراءات السريعة التي ا تخذها الحكومة الفرنسية ومنها
حظر جمعيىة بركة سيتي:«بركةسيتي»هي واحدة من المؤسسات الدينية التي حظرتها فرنسا، يوم 04 أكتوبر 2020، في إطار محاربتها للتنظيمات المتشددة في البلاد، وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان قال في وقت سابق، في تغريدة على «تويتر» إن مجلس الوزراء حلّ جمعية «بركة سيتي»التي تتهمها الحكومة بأن لها «علاقات داخل التيار المتطرف»،وبـ«تبرير الأعمال الإرهابي»وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وعن
إيقاف تمويل المساجد جاء بالتقرير
يعتبر ملف التمويل الأجنبى للجمعيات والمساجد معضلة لأجهزة الأمن الفرنسية، فرغم تكوين «المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية»،فإن المشكلات المرتبطة بالتمويل والدعم الخارجى للمراكز الدينية لم تحل ويمكن حصرها في ثلاثة محاور رئيسية :
ـ تمويل إعداد الأئمّة في فرنسا لوقف التعامل مع أئمة يأتون من الخارج ويحملون معهم طروحات وتفسيرات منافية لنمط العيش في المجتمع الفرنسي.
ـ تمويل تشييد المساجد للحدّ أيضاً من الاعتماد على المال الخارجي وما يعنيه من امتداد لنفوذ الطرف المموّل إلى الداخل الفرنسي
ـ العمل على إيجاد هيئة تمثيلية تعكس تعددية المسلمين في فرنسا ولا تقتصر على تمثيل المسلمين المنتمين إلى جمعيات دينية أو مساجد، كما هو الحال مع المجلس الحالي.كما
كشفت صحيفة «لوبينيون»في 9 نوفمبر 2018 أن تعديل قانون 1905، الذي سبق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن اقترحه خلال شهر أبريل 2018، والمتعلق بالفصل بين الكنيسة والدولة في فرنسا، وتحديثه بما يتوافق مع الفترة الحالية، دخل مراحله الأخيرة، ولم تخف المنظمات الإسلامية تخوفها من هذا التعديل.
تعاني فرنسا إلى جانب دول أوروبا، من نقص في برامج محاربة التطرف مجتمعيا، برامج الوقاية من التطرف أو منع النزوح إلى التطرف، وبرامج نزع «التطرف العنيف»الذي يشمل الجماعات التي حصلت على الخبرات القتالية، إلى جانب داعش في سوريا والعراق ودول أخرى.
استغلال الدين كأداة لاستقطاب الشباب
حذرت أجهزة الاستخبارات الأوروبية من أن تهديد الهجمات الإرهابية في الاتحاد الأوروبي لا يزال مرتفعا جدا، كما ظهر في الهجمات التي وقعت في2015 وأن الجماعات الإسلاموية «الجهادية»المتطرفة لا تزال تشكل تهديدا كبيراً، وتسعى إلى تنفيذ عمليات هجمات إرهابية في أوروبا.
وكشفت الحكومات الأوروبية استغلال الدين كأداة لاستقطاب الشباب وتجنيدهم، واستخدامه كوسيلة سياسية لفرض تفسير النصوص الدينية بما يخدم مصالحها، وشددت على الحاجة الملحة لمواجهة الفكر المتطرف باعتباره الأساس الذي تبرز به هذه الجماعات أعمالها، يمثل المتطرفون العائدون من مناطق القتال في سوريا والعراق تهديدا أمنيا للدول الأوروبية.
وقد باتت الجماعات المتطرفة الإسلاموية، تراهن على تنفيذ عمليات إرهابية خاصة في دول أوروبا، بعد خسارة تنظيم داعش معاقله في سوريا والعراق خلال عام 2017 وعام 2018. التحقيقات كشفت أن التنظيم طلب من أنصاره عدم الالتحاق بالتنظيم في سوريا والعراق، من أجل بقائهم في دول أوروبا والغرب لتنفيذ عمليات إرهابية.
بات المتطرفون الذين يتطرفون بأنفسهم على شبكة الإنترنت من خلال الدعاية والمحتوى المتطرف، خطراً أكبر على دول التكتل الأوروبي. بالرغم من الجهود التي بذلتها دول الاتحاد الأوروبي في مكافحة محاربة التطرف على الإنترنت. وكانت المفوضية قد تقدمت باقتراح يقضي بضرورة حذف أي محتوى إرهابي أو محرض على العنف خلال ساعة واحدة بعد ظهوره على شبكة الإنترنت. وقد
كشفت إحدى الدراسات الألمانية، إلى أن المسلمين الشباب الذين ينضمون إلى المجموعات الإسلاموية المتطرفة المستعدة لممارسة العنف لا يفهمون في الدين الإسلامي، واعتمد الباحثون من جامعتي أوسنابروك وبيلفيلد، وكلتاهما في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، على البيانات المستمدة من التطبيقات التي يستخدمها المسلمون الشباب في ألمانيا في اتصالاتهم مع المجاميع الإسلامية المتطرفة، وظهر من تحليل هذه البيانات أن المنجذبين للدعاية المتطرفة ليسوا من مرتادي المساجد المنتظمين ولا من العارفين بشؤون الدين الإسلامي، بل إن فرائض الدين الإسلامي غير معروفة بالنسبة للكثير من هؤلاء الشباب.
وتشير دراسات ميدانية قام بها باحثون في السوسيولوجيا بجامعة أمستردام الهولندية فى يناير 2015 إلى أن الجماعات الإسلاموية المتطرفة في هولندا تقوم بحسابات دقيقة في تحديد طبيعة تحركاتها واستغلال كافة الوسائل لتجنيد واستقطاب الشباب، وأن تلك المنظمات المتطرفة لم تفتح المجال أمام الجاليات المسلمة للتعرف على حقيقة الشريعة الإسلامية المنفتحة، ولكنها احتكرت الحديث باسم الدين لتصور الإسلام كما تريده وتقدمه للشباب المغترب، فيعتقد أن أصوله الدينية هي تلك الصور التي يستهلكها، وفي حقيقة الأمر، فإن المسألة مختلفة تماما.
وذكر ميشال كيفر، من معهد الدراسات الإسلامية في جامعة اوسنابروك، أن هؤلاء الشباب يكوّنون «إسلاماً خاصاً»بهم يستمدون تعاليمه من الإنترنت، وأن تصورهم عن الإسلام لا يجمعه جامع مع الإسلام الحقيقي.
وترى شروتر، الخبيرة الألمانية، أن الدين أصبح «يشكل معيارا للهوية عند الشباب في وقتنا الحاضر ودفع بالهوية العرقية إلى التراجع أمامه»، وأضافت شروتر أن الشروط والقوانين الدينية أصبحت أكثر تشددا، ولذلك ينشغل الكثير من الشباب المسلم في ألمانيا بالتفكير يوميا قبل أداء عمل ما والتساؤل عما إذا كان عمل هذا الشيء حلالا أم حراما،التصدي للارهاب محليا.
ومع تزايد الهجمات الإرهابية في الغرب، تحاول دول أوروبا، مجتمعة أو على مستوى وطني، باتخاذ خطوات جادة للتصدي لهذه الهجمات، ومواجهة التطرف. تشكل الجماعات الاسلاموية «الجهادية»خطرا على أمن ومجتمعات أوروبا، فقد أصبحت هذه الجماعات تستخدم أساليب جديدة وتقنيات معاصرة في نشر أفكارها.
التهديد بوقوع هجمات في عام 2020 لا يزال قائما، وذلك بحسب تقرير جديد لشركة «غلوبال ريسك إنتل»الاستخباراتية، حسب ما نشره موقع «الحرة واشنطن»في 25 فبراير 2020. وقال التقرير إنه من غير المرجح أن يضمحل الإرهاب بشكل تام في المستقبل القريب، حيث لا تزال الظروف، التي تجعل مناطق معينة مواتية للإرهاب، قائمة ومهددة للاستقرار.وقد جدد المجلس الأوروبي في تقرير نشره موقع المجلس في 13 يناير 2020، ما يسمى بقائمة الاتحاد الأوروبي للجماعات الإرهابية، التي تحدد الأشخاص والجماعات والكيانات الخاضعة لتدابير تقييدية بهدف مكافحة الإرهاب.
من أجل الحد من مخاطر الإرهاب الإسلاموي «الجهادي»في أوروبا، فإن الحكومات الأوروبية ملزمة بشكل كبير وسريع بتعزيز القواعد والقوانين الصارمة من أجل منع انتشار وتوسع الأشكال الجديدة للإرهاب. كما أن الحكومات الأوروبية ملزمة بتعزيز وتكثيف عمليات المراقبة والتفتيش على الحدود الخارجية بشكل خاص.وقال تقرير الباحث محمد جاسم
إن وجود إرهاب غير مركزي، جاء بسبب التشظي وثقافة الإرهاب التي اكتسبتها وسائل التواصل الاجتماعي والدعاية «الجهادية»، بواسطة الإنترنت، وهو بات الأخطر، وتحول إلى تحدٍ كبير أمام الاستخبارات، والتي اعترفت بأن مثل هذه الأعمال لا يمكن إيقافها أبدا.
إن استراتيجية تنظيم داعش والجماعات المتطرفة، الآن، تقوم على التحول من مسك الأرض إلى منظمة سرية تنفذ عمليات انتحارية إرهابية في عواصم دولية وعربية بالاعتماد على الخلايا النائمة، فما عاد تنظيم داعش يحتاج إلى إرسال عناصره إلى أوروبا والغرب بقدر ما أنه يراهن على أنصاره ومؤيديه في الداخل، وهنا يكمن التحدي لأجهزة الاستخبارات.