استمرار الهروب من "طالبان "والفوضى في مطار كابول
رغم إصدار السفارة الأمريكية لدى أفغانستان لبيان
طلبت فيه من الأشخاص الذين ليس لديهم وثائق قانونية بعدم الذهاب إلى المطار، لا يزال
هناك آلاف الأشخاص من مختلف المقاطعات يتجمعون بالقرب من المطار أو سفارات دول مختلفة،
باحثين عن فرصة للهروب من أفغانستان قالت صحيفة الشعب الصينية
انه في الوقت الحالي، معظم الأفغان المتجمعين خارج
المطار ليس لديهم جوازات سفر أو شهادات هوية ووثائق أخرى، والعديد من الأشخاص الذين
يحملون وثائق قانونية فشلوا في دخول المطار بسبب الفوضى. وجدير بالذكر أن القوات الأمريكية
المتمركزة في المطار كانت تصدر طلقات تحذيرية في الهواء من وقت لآخر لتفريق وإبعاد
الحشود.
قال مواطن أفغاني: " لم تقدم القوات الأجنبية
أي معلومات، لكنها أطلقت أعيرة نارية تحذيرية واستخدمت الغاز المسيل للدموع. نحن جئنا
إلى هنا بجوازاتنا القانونية، لكننا تعرضنا للضرب وطردونا من المطار."
ألقى أحد عناصر طالبان كلمة أمام الشعب الأفغاني
المجتمع هنا في انتظار الصعود على متن طائرة الإجلاء ودعاهم إلى البقاء في أفغانستان،
وانتقد عدوان الجيش الأمريكي على أفغانستان منذ 20 عاما وإهانتهم لكرامة الأفغان.
قال أحد عناصر حركة طالبان الأفغانية: " أنا
أفغاني وكلنا أفغان. أين هي كرامة الأفغان الآن؟ أين إحساسنا بالشرف؟ الآن ليس لدينا
وظائف ولا دخل، ولا يمكننا السماح للأمريكيين بالبقاء هنا بعد الآن، وعليهم المغادرة."
لكن الخوف من حركة طالبان يزداد يوما بعد يوم منذ دخول حركة طالبان العاصمة الأفغانية
كابول،واضافت صحيفة الشعب قائلة إن الأفغان
الذين دخلوا المطار بذلوا قصارى جهدهم وحتى ضحوا بأرواحهم، فقط أرادوا مغادرة الوطن
الأم من خلال هذا الممر الخطير. الأمر الأكثر حزنا هو صورة مأساة سقوط الأفغان من طائرة
عسكرية أمريكية وصورة تسليم الطفل للجنود الأمريكيين من قبل أسرته عبر سياج من الأسلاك
الشائكة.
تعكس هذه القصص المحزنة أيضا الموجة الناشئة من
اللاجئين الأفغان بعد التغيير المفاجئ للوضع في أفغانستان. بدأت الولايات المتحدة والدول
الأوروبية تشعر بالقلق من أن أزمة اللاجئين ستعيد نفسها.
في الوقت الحاضر، هناك ما يقرب من ثلاثة أنواع من
اللاجئين الأفغان: أحدهم هو اللاجئون بسبب الحرب؛ والنوع الثاني هو الأشخاص الذين يشعرون
بالقلق من تصفيتهم من قبل الحكومة الجديدة، بما في ذلك المترجمون وموظفو الخدمات اللوجستية
الذين عملوا في السابق مع الجيش الأمريكي والمسؤولون الحكوميون السابقون. هناك أيضا
بعض الأشخاص الذين يقلقون بشأن تدابير الرقابة الدينية والاجتماعية الصارمة التي ستتخذها
الحكومة الجديدة؛ النوع الثالث هو اللاجئون لأسباب اقتصادية، أي أولئك الذين تدفعهم
عوامل اقتصادية مثل الفقر وحاولوا مغادرة أفغانستان.
ترتبط الموجة الجديدة من اللاجئين بشكل مباشر بالتغيرات
المفاجئة في الوضع السياسي الناجم عن الانسحاب السريع للولايات المتحدة، حيث انهارت
الحكومة الأفغانية، وتولت حكومة بقيادة طالبان السلطة، مما يثير الخوف لدى بعض الناس.
لقد كان العقدان الماضيان بمثابة "عشرين سنة ضائعة" لأفغانستان. لم يساعد
الاحتلال الأمريكي أفغانستان على بناء البنية التحتية المحلية والزراعة والتنمية الصناعية،
بل على العكس فقد ازداد اعتمادها الاقتصادي على الآخرين. فمعظم الاقتصاد الوطني والإيرادات
المالية تأتي من المساعدات الخارجية وصناعة الخدمات التي جلبتها قوات الناتو. إن انسحاب
القوات الأمريكية وما يقابله من تخفيضات في المساعدات سيجعل الاقتصاد الأفغاني يواجه
خطر الانهيار.
لذلك، فإن مفتاح حل مشكلة اللاجئين الأفغان هو تشكيل
حكومة شاملة والبدء في إعادة الإعمار الوطني. وفي الوقت نفسه، من المهم بنفس القدر
أن يمد المجتمع الدولي يد العون في الوقت المناسب. لكنه للأسف، في مواجهة موجة اللاجئين
الأفغان التي تلوح في الأفق، بدأت الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية في التهرب
من المسؤولية ومحاولة "إلقاء اللوم". لقد وعدت الولايات المتحدة فقط بقبول
10000 "لاجئ سياسي" أفغاني خدموا في الجيش الأمريكي، وهؤلاء الأشخاص جميعهم
"متعاونون" خدموا لمصلحتها. خوفا من عودة موجة اللاجئين السوريين المماثلة
التي حدثت في عام 2015، وإثارة مرة أخرى معارضة قوية من الناخبين، تتردد الدول الأوروبية
في مسألة قبول اللاجئين الأفغان.
ووصفت بعض وسائل الإعلام أن أوروبا بدأت "إغلاق
أبوابها أمام لاجئين أفغان محتملين"، حتى أن بعض الدول أعربت "بسخاء"
عن استعدادها لقبول ما يصل إلى 10 لاجئين أفغان. والشيء الأكثر عبثية هو أن بعض السياسيين
بدأوا يطالبون بما يسمى "المسؤولية الدولية المشتركة" ويطالبون الدول المجاورة
لأفغانستان بتحمل "المسؤولية الأساسية" عن قبول اللاجئين. بصفتها الدول المسؤولة
مباشرة عن الفوضى في أفغانستان، لا يجوز أن تتنصل الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية
من مسؤولياتها وترك الفوضى على الشعب الأفغاني والدول المجاورة. وهذا سيجعل اعتماد
هذا البلد على الذات أكثر بعدا في المستقبل المنظور، وسيحمل الأمن الإقليمي والتنمية
عبئا ثقيلا.