منجية السوايحي :"الإسلام السياسي" لم يدرك معنى مدنية الدولة
-الحوار بين الأديان ليس بالأمر السهل وتعترضه تحديات وخاصة من جماعة التطرف العنيف
-كجامعية مستقلة
لا أنتمي لأي حزب اقول أن ماقام به الرئيس سعيد كان ضروريا لتونس ولشعبها في تلك اللحظة
ولدت الدكتورة منجية النفزي السوايحي في مدينة نابل، ودرست المرحلة الابتدائية بمدينة سليانة ثم مدينة مكثر من ولاية الكاف، ثم
عادت لمدينة نابل لتكمل الدراسة الثانوية، وبعد الحصول على البكالوريا انتقلت للدراسة
في جامعة الزيتونة بتونس العاصمة، وتزوجت في هذه السنة لتستقر في العاصمة وتحصلت على الإجازة في العلوم
الإسلامية ،وواصلت الدراسات في المرحلة الثالثة لتتحصل على الدكتوراه ،وتم انتدابها
في المعهد العالي لأصول الدين مساعدة للتعليم العالي في اختصاص علوم القرآن والتفسير،
وبعدها ارتقت إلى رتبة أستاذ تعليم عال وبعدها الحصول على شهادة التأهيل الجامعي في
العلوم الإسلامية بإجماع أعضاء اللجنة، وارتقت إلى رتبة أستاذ محاضر، وبعدها إلى رتبة
أستاذ تعليم عال وأخذت هذه المراحل أكثر من 15 سنة، ثم تحصلت على صفة أستاذة متميزة يونيو 2021 بإجماع مجالس الجامعات التونسية.
إضافة إلى هذا فقد كانت رئيسة وحدة بحث القرآن الكريم لمدة 8سنوات، ومديرة مدرسة
الدكتوراه بالمعهد العالي لأصول الدّين، كما اشتغلت على الحوار بين الأديان والحضارات، مقاومة التطرف
العنيف ومن مؤلفاتها كتاب "التأويل من آليات الاجتهاد"، و"الأنسنة والحوار
والتعايش في الإسلام"، و"قراءة نسويّة للإسلام"، و" الاختلاف في
الثقافة الإسلامية"،و"مسائل ميراث المرأة في الإسلام"، نشر منظمة أوكسفام،كيباك
.
الدكتورة منجية قامت مؤخرا بزيارة لمصر للمشاركة في فعاليات الاكاديمية الدولية
للحوار وكان لنا معها هذا الحوار
-في البداية لا
يمكن التحاور مع اكاديمية تونسية ولا نعرف موقفها من ردة الفعل حول قرارات الريس قيس
سعيد؟
-إن القرارات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد كانت
ضرورية لتونس وطالب بها جل الشعب نظرا للعنف الذي تفشى في مجلس النواب إلى درجة تجاوزت
العنف اللفظي إلى العنف المادي بالضرب والركل وسيلان الدم وتعطيل مصالح الشعب، وكان
هذا التصرف الأرعن يتكرر من مجموعة معينة في المجلس في كل الجلسات حتى كرههم الشعب
ونادى لأكثر من مرة بحل المجلس، فكان تجميده من طرف الرئيس قيس سعيد استجابة للشعب
وحماية لهؤلاء النواب من هجوم الشعب عليهم في المجلس، ولما أعلن الرئيس عن تلك القرارات
يوم 25 يوليو خرج الشعب محتفلا في الشوارع بتلك القرارات في كامل ولايات الجمهورية
التونسيىة (المحافظات)
وهناك من نعته بالانقلاب وهناك من نعته بالإنقاذ وسمه ما شئت ففي تلك اللحظة
اعتبره الشعب إنقاذا من نظام سياسي لم يهتم بحاجيات الشعب ولم يفكر إلا في مصالح الحكام
والأحزاب ومصالح أتباعهم،
وأنا رأي كجامعية مستقلة لا أنتمي لأي
حزب أن ماقام به الرئيس سعيد كان ضروريا لتونس ولشعبها في تلك اللحظة، ولكن أنا ضد
احتكار كل السلط في يد فرد واحد، ولذلك لابد من وضع خطة لعودة مؤسسات الدولة بوجوه
جديدة عبر الصندوق همها الشعب التونسي، وتعديل
قانون الانتخابات للحدّ من تغول مجلس النواب وتعطيل سير الحكومة فتونس عرفت أكثر من
حكومة في مدة عشر سنوات دورها تصعيد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وإغراق
البلد في المديونية التي تجاوزت كل الحدود، و حان الوقت لخروج البلاد من هذه الأزمة.
-ماهي أسباب فشل
النهضة وحركات الاسلام السياسي عندما تصل للحكم ؟
لا يمكن عن أسباب فشل النهضة وحدها فالنهضة ومن شاركها في الحكم لايمتلكون الخبرة
السياسية لتسيير البلد، لأنهم لما تولوا الحكم ونجحوا بالانتخابات عزلوا الكفاءات التي لها خبرة في التسيير وعوضوها بمن لا خبرة لهم وبالطبع
سيفشلون، كذلك المحاباة في التعيينات والتشغيل والتغول وحب السيطرة من هؤلاء الحكام
،وعم العجز في التسيير في التعليم تسريب 120ألف طفل كل سنة من السنة الأولى أساسي،
تأخر على مستوى الصحة وانتشار بعض الأمراض، وموت أطفال في المستشفى، وموت أكثر من
20 ألف بالكورونا وهؤلاء يتخاصمون على المناصب ،وانتشار العنف والجريمة، والإرهاب والاغتيالات
وتصاعد البطالة بعد وعود من حكموا بتشغيل ألاف
من المعطلين وكانت وعودا غير كاذبة ،وإغراق البلاد في المديونية، وغلاء المعيشة غلاء
لا قدرة للشعب عليه ومع كل هذه الأوضاع التعيسة يطل على الشعب أحد ممثلي النهضة في
شهر يوليو الماضي ويطالب رئيس الحكومة بـ3000 آلا مليار تعويضات وإن
لم يسدد قبل حلول 25 يوليو 2021 سيأكل شباب النهضة الأخضر واليابس في تونس والحال
أن قتلى كورونا أكداسا مكدسة والدولة عاجزة عن توفير الأوكسجين للمرضى والمستشفيات
تعج بالمصابين بكورونا ولم يفكر هذا السيد في الشعب ولامن معه، فماذا ينتظرون من الشعب،
وبعد 25 يوليو اعترفت النهضة في وسائل الإعلام
أنها أخطأت في الحكم.
وأعتقد أن الإسلام السياسي لم يدرك معنى مدنية الدولة والعدالة في التسيير،
وأنه محاط بنظام دولي، وأن الشعوب تحتاج الحرية والديمقراطية والعيش الكريم، فلا ديمقراطية
مع التغول، ومع الوعود الكاذبة، ومع غلاء المعيشة، ومع المحاباة، ومع عدم احترام الشعب
،وعدم صيانة الأوطان والدفاع عنها.
-ما هو هدف كتابك
الأنسة والحوار والتعايش في الإسلام؟
هدف هذا الكتاب هو الدعوة إلى الحوار بين الأديان للحد من الصراعات الإيديولوجية
التي تتسبب فيها القراءات المتشددة للنصوص الدينية، ويزعم أصحابها أن لهم الأفضلية
وأنهم على حق وباقي الناس تبع لهم، فإن خالفوهم حاربوهم واستعمروهم واستولوا على أراضيهم
وبيوتهم باسم الدين ،
وأهم محاور هذا الكتاب هي:
"الأديان والمواطنة نظرة إسلامية"، "المقاربة الإسلامية في الوفاق:القرآن
الكريم" و"السلوك الحضاري مع الآخرين"، و"الحرية الدينية نظرة
إسلامية"، و"إبراهيم خليل الرحمان وخليل الإنسان"، و"التقارب بين
الشرق والغرب:قصة سليمان وبلقيس"، و"قصة يوسف وزوجة العزيز".
-هل هناك ثمار فعلية
لحوارات الأديان على أرض الواقع؟
الحوار بين الأديان ليس بالأمر السهل وتعترضه تحديات وخاصة من جماعة التطرف العنيف، ولكنه ممكن
بحكم تجربتي في هذا المجال فالثمار في أرض الواقع موجودة ويكفي أن يجلس أتباع الأديان
معا ويتحاورون في القيم المشتركة بينهم ويتبادلون الزيات واللقاءات ويتعرفون على بعضهم
البعض كي يقع كسر جدار الصمت حول الحوار البناء والحد من العنف،
-ما هو واقع تعدد
الأديان في تونس وكيف حال التعايش بينهم؟
في تونس نجد تعددا للأديان وإن كانت النسب ضعيفة فاليهود والمسيحيون موجودون
إلى جانب بعض الأديان الوضعية، وفيما يتعلق بالتعايش فأحسن نموذج لحسن التعايش هو تعايش
اليهود مع المسلمين في "جربة"، فأنت لا تستطيع أن تفرق بينهم ،وهم وحدة بشرية
متجاورة و متسامحة ومتعايشة، وكذلك المسيحيون .
-كيف يستفيد المواطن
العادي من هذه الحوارات؟
الاستفادة كبيرة جدا ومفيدة أنت تعرف يا روبير أن النزاعات المسلحة، والعمليات
الإرهابية أغلب ضحاياها من المواطن العادي والتفجيرات في الأسواق والمؤسسات شاد على
ذلك، كذلك زواج المواطن العادي المسلم من امرأة
كتابية يستفيد منه المواطن العادي وقد تمنعه أسرته من ذلك بسبب جهلها بدين الكتابية،
كذلك قبول المختلف عنه والتعايش مع كجار فتكون
القاعدة من الحوار إلى الحوار وسط عالم اليوم أصبح اليوم قرية صغيرة.