ماذا تستفيد "داعش" من مبايعة جماعة جهادية خارج نطاق نفوذها؟
الثلاثاء 11/نوفمبر/2014 - 08:22 م
طباعة

خلال الأسابيع التي تلت الإعلان عن تأسيس «دولة الخلافة الإسلامية» واختيار أبي بكر البغدادي «خليفة للمسلمين»، توالت الأنباء عن بيعات للبغدادي بصفته «خليفةً»، وذلك من فصائل عديدة موجودة في أكثر من بلد.
مبايعات من مناطق مختلفة

تأتي مبايعة جماعة أنصار بيت المقدس لـ"داعش" بعد انضمام عدة تنظيمات جهادية بالمنطقة سبقتها في مبايعة داعش كنيجيريا وتونس وليبيا ومباركات من القاعدة في اليمن وطالبان بباكستان.
رسميًا أعلن "أبو أسامة المصري" في بيان صوتي لجماعة أنصار بيت المقدس بثته على حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" مبايعة التنظيم لأبي بكر البغدادي "قائد تنظيم الدولة"، معلنين بذلك أن جماعة الأنصار فرع لتنظيم "داعش" بسيناء في مصر وأنها جزء من الدولة الإسلامية حسب وصفهم بالبيان.
أكد "المصري" في تسجيله أن جماعته كانت في قتال مع الكيان الإسرائيلي إلى أن تدخل الجيش بهجمات على سيناء لمنعهم من ذلك، فكان لزامًا عليهم الدخول في تلك الحرب الدائرة التي وصفها بأنها "جولات"، كما وجه رسالة إلى المصريين منتقدًا سلمية الحراك الدائر وأنه لا جدوى لهم منها، كما دعا المسلمين أجمعين إلى مبايعة أبي بكر البغدادي "زعيم تنظيم الدولة " والموصوف بأمير المؤمنين حسب البيان.
كذلك أعلن تنظيم "مجاهدي جزيرة العرب"، مبايعة عناصر تنظيم القاعدة في اليمن، لأبو بكر البغدادي خليفة للمسلمين.
وقال في بيان له: "نعلن مبايعة الخليفة إبراهيم بن عواد بن إبراهيم القرشي الحسيني، على السمع والطاعة، في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر في أهله، إلا أن نرى كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان".
ودعا التنظيم الملسمين في كل مكان لمبايعة البغدادي، مؤكدين أنهم جيش زعيم "داعش" موجود في اليمن وبلاد الحرمين "السعودية".
ونشر التنظيم فيديو مصورا يبين فيه مبايعة مجاهدي جزيرة العرب لزعيم "داعش"، مؤكدين رفع رايات الجهاد في بلاد الحرمين.
وهدد تنظيم مجاهدي اليمن السعودية بحرب ضروس مستهدفين أفراد القوات المسلحة السعودية، مؤسسات المملكة العربية السعودية، مؤكدين أن حربهم هي نصرة للإسلام والمسلمين، وفقا للفيديو المنشور.
كما أعلن أمير كتيبة أبي محجن الطائفي التابعة لتنظيم القاعدة في ليبيا مناصرته لأمير دولة الإسلام في العراق والشام «داعش» أبوبكر البغدادي وتأييده ومباركته له، متمنيًا أن تعم دولته ربوع الأرض، واصفًا ما يفعله بالجهاد المبارك.
وأرسل أمير كتيبة أبي محجن الطائفي لـ«داعش» خمسين شخصًا وصفهم بالمجاهدين، منهم الطبيب ومنهم مهندس النفط، ومنهم العسكري ومنهم الاستشهاديون، ووعد في بيان نشر على الحساب الرسمي للكتيبة على موقع «تويتر» بالمزيد من الدعم.
ونصح أمير كتيبة أبي محجن المقاتلين في «داعش» بعدم غيبة من سماهم بمشايخ الجهاد،و من المتوقع أن تميل غالبية فروع «أنصار الشريعة»، سواء في تونس أو ليبيا، إلى التقارب مع «داعش» وبناء علاقات قوية معه، رغم أنه لم ترد أي معلومات عن مبايعتهم، ولكن من المعروف أن قيادات في «أنصار الشريعة» في تونس تحديداً قدمت إلى سوريا وبايعت البغدادي، وعلى رأس هؤلاء الشيخ كمال رزوق وبلال الشواشي، والأخير كان «أميراً في جبهة النصرة» قبل أن ينشق عنها ويؤسس «كتيبة العقاب» المستقلة، لكنه بعد إعلان «الخلافة» بايع وطلب من أنصاره الامتثال بفعله.
ومن خراسان بايعت مجموعة من حركة «طالبان باكستان»، يقودها الشيخ أبو يزيد عبد القاهر الخراساني، بحسب بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي ولم يتم نفيه حتى الآن.
وفي خطوة مفاجئة، وصل الأمير العام لـ«الكتيبة الخضراء» السعودي عمر سيف والمسئول الشرعي العام لـ«جيش المهاجرين والأنصار» السعودي أبو عزام النجدي إلى أحد مقار تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»- «داعش» في ريف حمص وبصحبتهما «المسئول الشرعي العام للكتيبة الخضراء» أبو عبد الرحمن النجدي وقيادي أردني مع 30 مقاتلاً آخرين، وفور وصولهم أعلن عمر سيف، عبر حسابه على «تويتر»، مبايعته لمن أسماه «خليفة المسلمين» أبي بكر البغدادي، مؤكداً أن "البيعة شملت كل من صحبه من القياديين والمقاتلين".
تمدد "داعش"

قبل عام أو نحوه، حققت داعش مكاسب وسيطرت على مساحات هائلة من الأراضي تشمل الكثير من شرق وشمال وغرب سوريا وشمال العراق، وفي 10 يونيو الجاري حققت أكبر انتصار في تاريخها حتى الآن، من خلال سيطرتها على "حلب العراق"، أو الموصل ومعظم محافظة نينوى المحيطة، وفي اليوم التالي بدأت في التقدم نحو العاصمة بغداد، مستولية على العديد من البلدات في طريقها، اعترف وزراء في الحكومة العراقية بأن الكارثة تحدث بالفعل، وبعد عقد من الاحتلال الأمريكي للعراق، تبدو البلاد هشة ومثيرة للشفقة أكثر من أي وقت مضى.
وتنتشر داعش اليوم على امتداد قوس كبير في الشمال السوري، يبدأ من الحدود العراقية السورية ويمرّ في دير الزور والرقة التي باتت تسيطر عليها بشكل كامل، وصولاً إلى جرابلس ومنبج والباب وإعزاز شمال حلب، إضافةً إلى شمالي إدلب قرب الحدود التركية، وتسعى دائماً للتوسع في نفوذها عبر قضم مستمر للمناطق المحيطة بالأراضي التي تسيطر عليها، وما تلبث أن تعلنها تابعة للدولة الإسلامية.
ورصد معهد "كويليام" البريطاني لمكافحة التطرف، بالأرقام عدد المنضمين إلى تنظيم "داعش" الإرهابي، من كل دول العالم، بناء على معلومات قدمها مسئولون غربيون، بالإضافة إلى إجراء مقابلات مع مجموعة من الباحثين في هذا المجال.
وتضمن التقرير الذي يتألف من 71 صفحة، أحدث حصيلة لعدد التكفيريين الأجانب الذين يقاتلون حاليا في سوريا والعراق، وبلغت هذه الحصيلة 16337 شخصا.
وهناك تقرير يكشف حجم انتشار فكر داعش في مختلف دول العالم وليست الدول العربية والإسلامية فقط، بل امتد للدول المتقدمة والغنية، ولم يتوقف الامر على الدول النامية أو الفقيرة، وهو ما يبرز خطورة التنظيم.
ماذا تستفيد "داعش"؟

تعطي هذه البيعات مؤشرات على مسار الأحداث في المنطقة، بما يشوبه من تعقيد يقارب الفوضى أحياناً لدرجة يغدو معها من الصعب تمييز الصفوف ومعرفة من مع من ومن ضد من، يدفع الكثيرين إلى إبداء أقصى درجات الحرص والحذر وعدم الاستهتار بالأنباء التي تتحدث عن تمدد «داعش» وانتشاره من بلد إلى بلد، ولو عبر مجموعات صغيرة أو خلايا نائمة.
ويستشهد هؤلاء بأبي مصعب الزرقاوي، وأنه عندما قدم إلى العراق في العام 2003 لم يكن معه سوى 13 شخصاً، ومع ذلك نجح في تأسيس ما أصبح اليوم أقوى تنظيم في المنطقة.
ولا يمكننا إغفال أن القتال والتوسع، هو الأداة الوحيدة التي يحتاج إليها «داعش»، وبالتالي فإن المسافة البعيدة التي تفصل المجموعات التي بايعت عن الشام والعراق، يمكنها تقديم خدمات جليلة إلى تنظيم الدولة.
1ـ تأتي أهم الادوار التي يمكن ان تلعبها الخلايا والتنظيمات التي بايعت "داعش" جمع التبرعات المالية من خلال عناصرها غير المعروفة لدى الأجهزة الأمنية في البلاد المختلفة.
2ـ التنسيق لإخراج الراغبين في «النفير» والالتحاق بأرض «الجهاد» من تجهيزهم للسفر عبر عدد من الدول، وتتيح شبكات التواصل الاجتماعي والاتصالات سهولة التواصل بين هذه التنظيمات في مختلف الدول لإلحاق الراغبين من أعضاء هذه التنظيمات إلى أرض "الجهاد" الداعشي.
3ـ تتيح التنظيمات التواصل مع رجال دين في بلادهم وإقناعهم بوجهة نظر التنظيم، فيحشدون لأفكاره ويجندون المزيد من ابناء الشعب لصالح تنظيم الدولة الاسلامية، ما يجعله مصدر قوة للتنظيم وشوكة في حكومة أي دولة بها هذه الخلايا ويعطي للتنظيم طابعًا دينيًا قويًا ويصبغه بالصبغة الدينية" الخلافة".
4 ـ ويمثل الدور الاستخبارتي الأمني لمصلحة «داعش»، أخطر الأدوار التي تلعبها هذه التنظيمات والخلايا، من جمع المعلومات عن خصومه وتقديمها إليه ليستخدمها في الوقت المناسب، لاسيما أن الجهاز الأمني لـ«الدولة الإسلامية» يوصف بأنه الأقوى بين الفصائل وأكثرها فاعلية بين أمثاله في الفصائل الأخرى.
5- تعتبر هذه المجموعات الاحتياطي الاستراتيجي لتنظيم "داعش" في هذه الدول، فإذا كانت هذه الخلايا قادرة علي إلحاق العشرات والمئات من التنظيم إلى داعش، فإن هذه الخلايا قادرة على مواجهة الدول التي تحارب تنظيم الدولة في الداخل، مما يقلل تركيزها على محاربة التنظيم في العراق وسوريا، أي أن هذه التنظيمات ستشغل الحكومات المختلفة وخاصة حكومات المنطقة بمحاربة خلايا وتنظيمات التنظيم بهذه الدول عن محاربة التنظيم في العراق وسوريا.
6- يري التنظيم ان هذه المبايعات تمثل الخروج من "الجهاد المحلي" إلى "الجهاد العالمي" غير القابل للاحتواء أو الاختراق أو القضاء عليه في حالة اصبح ظاهرة موجود في مختلف دول العالم وخاصة دول المنطقة.
7- تقدم هذه المبايعات دعما معنويا، لـ"داعش"، فكل انتصارات تنظيم الدولة والمنظمات والخلايا التابعة لها يعطي الدعم لاستمرار القتال والاتجاه نحو حلم تأسيس مجتمع ودولة الخلافة، مع إضفاء طابع العالمية على دولة الخلافة، وتجميع الجهود، والطاقات، والانتساب لشيء أكبر من مجرد "تنظيم".
8- تشجع مثل هذه الأخبار عن البيعة لزعيم "داعش" باقي التنظيمات الجهادية على الانضواء تحت راية تنظيم الدولة، ما يجعلها كتلة واحدة تحت إمرة قائد واحد، الأمر الذي يمثل تهديدًا لدولة كبرى وفقيرة في حال استهدفها التنظيم.
وأخيراً، فإن اتساع خريطة البيعة لزعيم "داعش" من عشرات التنظيمات والخلايا سوف يغير مفهوم الجهاد لدى هذه التنظيمات من صورته المحلية الي صورته العالمية، بوجود أرض تمثل "الخلافة" يقود من خلالها حربًا فكرية وإعلامية وعسكرية واقتصادية، ضد تحالفات إقليمية ودولية تسعي لإسقاطها وهي ما يعني أن التنظيم يريد أن يغير من مرحلة التنظيمات ولجماعات إلى مرحلة الدولة، من خلال اكتساب مزيد من الدعم المعنوي والمادي والمعلوماتي عبر مثل هذه المبيعات.