أنباء "مقتل البغدادي".. حرب نفسية لـ"داعش" أم خطوةٌ في صالح قوات التحالف؟

الأربعاء 12/نوفمبر/2014 - 07:55 م
طباعة أنباء مقتل البغدادي..
 
رغم تدوال العديد من الأنباء حول مقتل أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وعدد من قيادات الصف الاول، إلا أنه حتي الآن لا يوجد أي تأكيد من قبل التنظيم، وربما لهدف يريد تحقيقه من وراء التعتيم الكامل حول مقتل " البغدادي".

تعتيم حول المشهد

تعتيم  حول المشهد
بقيت المعلومات حول استهداف قادة "داعش" متضاربة، وتفتقر إلى أدلة لها مصداقيتها، الأمر الذي قد يشير إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما اضطر إلى الاستعجال لبدء مرحلة جديدة تحت تأثير ضغوط، قد لا يكون للساحة العراقية أو السورية علاقة بها. ومن غير المستبعَد أن يكون لذلك صلة باستحواذ الجمهوريين على غالبية مقاعد الكونغرس، ورغبة أوباما في وضعهم أمام الأمر الواقع، لا سيما أن ذلك ترافق مع إرسال دفعة جديدة من الجنود الأمريكيين إلى العراق، ليتضاعف عددهم هناك ويصل إلى حوالي 2900 جندي.
فتضاربت الأنباء والخبر واحد، حيث أعلنت العديد من الجهات والمصادر مقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، أبو بكر البغدادي، نشر موقع منسوب لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، يحمل اسم مؤسسة الاعتصام، في تغريدة له على تويتر، خبر مصرع زعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي.
وجاء في التغريدة، التي تداولها مغردون نقلاً عن "مؤسسة الاعتصام"، إحدى الأذرع الإعلامية والدعائية للتنظيم، تزف الدولة الإسلامية خبر استشهاد أبو بكر البغدادي القرشي".
ذكر التليفزيون العراقي، أمس الإثنين، أن أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، أصيب في غارة جوية نفذتها القوات الجوية العراقية، وفقًا لمعلومات أصدرتها وزارة الداخلية

حرب نفسية

حرب نفسية
ويأتي التضارب في إطار الحرب النفسية التي يجيدها التنظيم، فخلافاً لمسارعته في يونيه الماضي إلى الإقرار بمقتل القائد العسكري لـ"غزوة الموصل" أبو عبد الرحمن البيلاوي، لاذ "داعش" بصمت مطبق، وتكتم شديد، تجاه التقارير الإعلامية التي تحدثت عن مقتل عدد من كبار قادته وإصابة زعيمه، فلم يصدر عنه أي نفي أو تأكيد لهذه التقارير.
وبالرغم من أن هذا الصمت سمح للرواية الوحيدة المتوافرة بأن تحتلّ وسائل الإعلام، ومن ثم التعاطي مع الخبر على أنه صحيح، إلا أن ذلك لا ينفي أن أصحاب هذه الرواية لم يستطيعوا حتى الآن تقديم ما يثبت صحة روايتهم، مع أنهم يتداولون أسماء محددة، ولها وزنها في التنظيم، مثل أبو مهند السويداوي وأبو زهراء المحمدي وأبو علاء العفري، علاوة على تأكيد بعضهم إصابة زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي.
وسواء صحت هذه الأنباء أم لم تصحّ، فإن تأثيرها سيبقى في إطار الساحة الإعلامية والحرب النفسية، ولن يتعدى ذلك، إذ من غير المتوقع أن يترك خبر مقتل البغدادي، فضلاً عن إصابته، آثاراً سلبية كبيرة على بنية التنظيم أو هيكليته القيادية؟
وقال الجنرال الأمريكي المتقاعد جيمس ماركس إن "التنظيم سيشهد تحولاً، كما ستظهر قيادات جديدة على الساحة"، مضيفا: "علينا أن نضع في الاعتبار أن قيادات داعش نشأت من قوات الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وهم مدربون بشكل جيد، ومحترفون للغاية".
وبحسب ماركس، فالاحتمال الأغلب أن البغدادي نفسه أو مجلس الشورى، الذي يعالج الشئون الدينية والعسكرية للتنظيم، خطط لهذا السيناريو مسبقاً.
من غير المستبعَد في حال عدم صحة مقتل أو إصابة قادة "داعش"، أو أن يكون من جرى استهدافهم من درجة أخفض في درجات القيادة، أن يستغل  تنظيم الدولة الإسلامية هذا الأمر لنصب كمين إعلامي، عبر ترك وسائل الإعلام تسترسل في الحديث عن مقتل قادته وتأثير ذلك عليه، ثم يقوم بنفي ذلك عبر مقاطع مصورة تقلب السحر على الساحر، خاصة أن بعض الأسماء المذكورة تكرر خبر مقتلها أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية، مثل أبو مهند السويداوي.

مستقبل التنظيم

مستقبل التنظيم
وفي ما يتعلق بخليفة "البغدادي" القادم، قالت لورين سكواير، الباحثة في معهد دراسات الحرب بأمريكا: "يُرجح أن يكون لدى داعش قائمة محددة من الخلفاء المحتملين للبغدادي، فنحن أمام منظمة شديدة التعقيد ولديها هرمية قوية وبالتالي فإن البغدادي يمكن أن يكون قد اختار خليفته بنفسه أو أن مجلس الشورى حدد ذلك مسبقا.
فالتنظيم خلال السنوات العشر الماضية تعرض إلى مقتل الكثير من قادته، أهمهم أبو مصعب الزرقاوي، الأب الروحي له ومؤسسه الحقيقي، وكذلك كلٍّ من أبو عمر البغدادي، أول "أمير" لـ"دولة العراق الإسلامية" ووزير حربيته أبو حمزة المهاجر (أبو أيوب المصري)، ولم يؤد ذلك إلى انهيار التنظيم أو تزعزع أركانه.
كما أن مجلس شورى "الدولة الإسلامية"، مستفيداً من تجربة شغور منصبين مهمين فيه بعد مقتل أبو عمر وأبو حمزة، أدخل تعديلا مهما على هيكلة التنظيم القيادية، من خلال استحداث منصب "نائب الأمير"، والذي يشغله حالياً شخص لا يجري تداول اسمه كثيرا، هو أبو عبدالله البغدادي، وبالتالي فإن مقتل أبي بكر البغدادي لن يؤدي إلى إحداث شغور في القيادة، حيث سيتولاها مباشرة نائبه أبو عبدالله إلى أن يتسنى لمجلس الشورى الاجتماع بحسب الظروف واختيار "أمير" جديد.

"داعش" الآن

داعش الآن
والآن إذا كان خبر مقتل زعيم تنظيم "داعش" غير حقيقي، فإن التنظيم يقود حربًا إعلامية ويخطط بشكل ما، عبر وضع الخصم في التفكير حول مقتل "البغدادي" أو بقائه حيا، فيما يقوم باستكمال مخططاته وحروبه التي يشنها في عددٍ من المدن العراقية والسورية، في خطوة ربما تحسم للتنظيم أن يلتقط أنفاسه مع استمرار الغارات الجوية الأخرى.
الأمر الآخر إذا صدقت صحة الأنباء التي تداولت حول مقتل زعيم "داعش" فإن التنظيم يدرك أنه أمام تحدٍ خطير وهو ما قد يؤدي الي تصعيد الامور عبر حرب المفخخات والتفجيرات المختلفة، على مختلف الجهات، بل قد يستخدم الخلايا والجماعات التي بايعته في عدد من الدول العربية والإسلامية لإحداث مزيدٍ من الفوضى وإرباك المشهد السياسي.
ويبقي السؤال: هل تمثل أنباء مقتل "البغدادي" خطوةً تُضاف إلى ترتيبات قوات التحالف، أم أن تنظيم "داعش" نجح بالفعل في إدارة الحرب النفسية؟!

شارك