هل تنجح مساعي "القاعدة" لدمج «داعش» و«النصرة»؟
الخميس 13/نوفمبر/2014 - 03:33 م
طباعة

في ظل حرب التحالف الدولي علي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، كشف تقرير نشره موقع «ديلي بيست» الأمريكي، الأربعاء 13 نوفمبر 2014، بأن مجموعة «خراسان»- تنتمي لتظيم القاعدة، «تسعى إلى تحقيق اندماج خطير بين مسلحي الدولة الإسلامية وجبهة النصرة».
تنظيم "داعش"

تنظيم داعش
تعد "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) تنظيماً جهادياً يضمّ عناصر من جنسيات مختلفة يقاتل النظام السوري ومقاتلي المعارضة حلفاء الأمس الذين استاءوا من تجاوزاته. وقد استولى هذا التنظيم على مدينة الفلوجة غرب العراق.
تدرجت "داعش" في عدة مراحل قبل أن تصل إلى ما هي عليه اليوم، فبعد تشكيل جماعة التوحيد والجهاد بزعامة أبي مصعب الزرقاوي في عام 2004، تلى ذلك مبايعته لزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن ليصبح تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين. وكثف التنظيم من عملياته إلى أن أصبح واحدا من أقوى التنظيمات على الساحة العراقية، وبدأ يبسط نفوذه على مناطق واسعة من العراق إلى أن جاء في عام 2006 ليخرج الزرقاوي على الملأ في شريط مصور معلنا عن تشكيل مجلس شورى المجاهدين بزعامة عبد الله رشيد البغدادي.
وبعد مقتل الزرقاوي في الشهر عينه، جرى انتخاب أبي حمزة المهاجر زعيما للتنظيم. وفي نهاية السنة تم تشكيل دولة العراق الإسلامية، كما أن جبهة النصرة تمثل فرع تنظيم القاعدة في سوريا، أي أن التنظيمين من نبع فكر واحد وهو تنظيم القاعدة.
وفي أبريل 2013 أعلن البغدادي توحيد "دولة العراق" و"جبهة النصرة" لإنشاء "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، لكن "جبهة النصرة" رفضت الالتحاق بهذا الكيان الجديد، وينشط كل من التنظيمين بشكل منفصل في سوريا.
وأعلنت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية مؤخرا، أن عدد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق "يتراوح ما بين 20 ألفا إلى 31500 مقاتل"، في تقديرات جديدة تزيد بأضعاف عن تقديراتها السابقة البالغة 10 آلاف مقاتل.
وقال راين تراباني، المتحدث باسم السي آي إيه لوكالة فرانس برس: إنَّ "تقديرات السي آي إيه هي أن تنظيم الدولة الإسلامية يجمع ما بين 20 ألفا و31500 مقاتل في العراق وسوريا، وذلك استنادا إلى دراسة جديدة لتقارير كل مصادر الاستخبارات بين مايو وأغسطس".
ووفق الخبير في الشئون الإسلامية رومان كاييه من "المعهد الفرنسي للشرق الأوسط"، فإن عدداً من قادة التنظيم العسكريين عراقيون أو ليبيون في حين أن قادته الدينيين من السعودية أو تونس.
جبهة النصرة

جبهة النصرة
تشكلت جبهة النصرة، واسمها الكامل "جبهة النصرة لأهل الشام" أواخر سنة 2011، مع احتدام المعارك والعنف بين النظام السوري والثوار، ودعت الجبهة في بيانها الأول الذي أصدرته في 24 يناير 2012 السوريين "للجهاد" وحمل السلاح في وجه النظام السوري.
تبنت جبهة النصرة عددا من الهجمات كان أبرزها عمليات تفجير بمبنى قيادة الأركان في العاصمة دمشق في أوائل أكتوبر ٢٠١٢، وتفجير بمبنى المخابرات الجوية في حرستا بالإضافة إلى تفجير بمبنى نادي الضباط بحلب.
خلال يناير 2012 أيضا، اختار أيمن الظواهري- زعيم التنظيم الإرهابي القاعدة- الدعوة إلى الجهاد في سوريا. وهذه المصادفة في التوقيت جعلت بعض الجهات- وخصوصا السلطات الأمريكية- تؤكد أن جبهة النصرة خلية من خلايا القاعدة في سوريا.
رؤية أمريكية

أوباما
ولكن مسئولين أمريكيين سابقين وحاليين، أعربوا عن شكوكهم في إمكانية التوصل إلى اندماج أو اتفاق بعيد الأمد بين «داعش» و«النصرة».
ورأى أحد المسئولين أنّ هناك «صعوبة في أن تتمكن النصرة وداعش من القضاء على الاختلافات بينهما»، مضيفاً أن «الصدع بينهما عميق جداً». ومع ذلك، فقد أكّد أحد المسئولين في «المعارضة السورية المعتدلة» أن «الجهود من أجل تحقيق الدمج قائمة»، ملقياً اللوم في هذا الإطار على واشنطن؛ لأنها خلقت الظروف لجعل ذلك ممكناً.
فبحسب «ديلي بيست»، تلقي «المعارضة المعتدلة» باللوم على إدارة الرئيس باراك أوباما؛ «لأنها ساعدت في تعزيز التقارب بين الجهاديين، من خلال سوء التخطيط في شن هجماتها على جبهة النصرة، رافضة في الوقت ذاته استهداف القوات التابعة للرئيس السوري بشار الأسد».
هل ينجح الاندماج؟

إذا كانت الرؤية الأمريكية ترى أن هناك شكوك في اندماج بين "داعش" و"جبهة النصرة"، فهناك عدد من الحقائق تؤدي إلى العكس، وتضع نجاح الاتفاق ممكنا، في مقدمتها:
1- ضربات قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لـمعاقل "داعش"، ومع وجود خطة أمريكية لإدارج معاقل جبهة النصرة على أهداف الطائرات المقاتلة للتحالف.
2- يصدر الفريقان (الجبهة وداعش) من منهج واحد، وهو الفكر المتطرف وتنظيم القاعدة، ولعل أهم دوافع الإجرام الذي قامت به داعش هو الفكر المتطرف والمسارعة إلى التكفير واستحلال الدماء، فمادة الشر موجودة عند جبهة النصرة بقدر وجودها عند داعش.
3- اعترفت جبهة النصرة بقيادة الجولاني، أنها كانت تقاتل في العراق تحت راية القاعدة دولة العراق الإسلامية "داعش"، وهو مؤشر علي إمكانية نجاح الاندماج.
4- الأمر الآخر أن "أبو محمد الجولاني" و"أبو بكر البغدادي" شريكان في المنهج والعمل، فالجولاني خريج دولة العراق الإسلامية التي نشطت في سوريا وكانت- ولا زالت- شقا من تنظيم القاعدة الذي ينتمي إليه تنظيم "داعش".
5- كلا الفريقين (النصرة، وداعش) يعمل ضمن منهجية واحدة، ويعتمدان على العنصر الأجنبي (المهاجرين) وهذا هو مكمن الخطر، يقول الجولاني في بيانه الأخير: "فضرورة تواجد العنصر المهاجر في الساحة الجهادية ضرورة حتمية لإبراز حكمة الإسلام في مثل هكذا صراع تاريخي". والعنصر الجهادي الوافد يحمل من الشر أضعاف ما يحمل من الخير، وهذا معلوم عند من اطلع على تفاصيل التجارب الجهادية المعاصرة خاصة الجهاد العراقي.
6- العالمية، كلا التنظمين "داعش" و"جبهة النصر يسعي لنقل "الجهاد" من المحلية (وهو ما تقوم به الفصائل الأخرى بسوريا) إلى العالمية، فالجبهة الإسلامية في سوريا ينحصر مشروعها في النطاق القطري المحلي، أما القاعدة بذراعيها "داعش" و"جبهة النصرة" فمشروعها إقليميا أمميا.
7- رفض الجولاني أمير جبهة النصرة، قتل "داعس" واعتبر القتال بين تنظيم الدولة والفصائل "قتال فتنة" يجب وقفه، والوصول إلى اتفاق وتفاهم.
العوامل السابقة تعطي مؤشرا على نجاح المساعي التي تسعى إليها مجموعة «خراسان»، لتحقيق اندماج خطير بين مسلحي الدولة الإسلامية وجبهة النصرة.
تداعيات الاندماج

وإذا أردنا أن نعرف تداعيات نجاح الاندماج، فإن موقع «ديلي بيست» الأمريكي، أشار إلى أن الاتفاق، في حال حصوله، سيؤدي إلى تداعيات كبيرة على الغرب، موضحاً أنه «سيعيد تشكيل ساحة المعركة المعقدة أصلاً في سوريا، وتحويل قوى أخرى ضد المصالح الغربية، وسيؤدي إلى تفاقم احتمالات البقاء على قيد الحياة أمام مجموعات المعارضة المسلّحة التي تدعمها الولايات المتحدة وتسعى إلى تدريبها».
ونقل الموقع عن أحد «المعارضين المعتدلين» قوله: إنّ «خراسان ترى دورها الآن على أنه تأمين لنهاية الخلافات الداخلية بين الدولة الإسلامية والنصرة».
وبناءً على ذلك أشار الموقع إلى أنّ «النتائج الأولى لهذا المسعى، بدأت تظهر في شمال سوريا، حيث تم تنسيق هجوم على قوتين تابعتين للمعارضة المعتدلة التي تدعمهما واشنطن».
ويبقي السؤال هل ستندمج «داعش» و«النصرة»؟ وإذا تحقق الاندماج فما مدى خطورته على الفصائل المسلحة الأخرى، والقوات الحكومية في العراق وسوريا؟
مخاطر الاندماج ستكون إقليمية ودولية في ظل سيطرة هذه التنظيمات على آبار بترول تجعلها في غنى عن تمويل خارجي، وامتلاكها الآلاف المقاتلين واندماجهم يجلعهم قوة كبيرة، بل من الممكن أن يتحول إلى جيش نظامي قوي يحمل عقيدة قتالية تهدد الدول الأخرى والعالم بشكل عام، وأيضا سيحقق حلم دولة القاعدة.. فهل سينجح هذا الاندماج؟