تراجع موقع النظام الإيراني في ظل ميزان القوى في المنطقة
الأربعاء 16/فبراير/2022 - 05:40 م
طباعة
علي رجب
ذات يوم، صرحت زعيمة المعارضة الايرانية في الخارج مريم رجوي، بصراحة: “إن الخطر المتزايد لتدخلات الملالي ومؤامراتهم وإرهابهم في العراق هو الآن أكبر بمئة مرة من التهديد النووي للنظام” .
هذا الكلام، وخاصة على لسان المعارضة الايرانية، التي كانت أول من فضح المشروع النووي للنظام قد فتح أنظار العالم على الخطر المروع المتمثل في حصول أخطر نظام إرهابي في العالم على أخطر سلاح في العالم، مما أظهر جدية هذا التحذير وكان يستحق أقصى قدر من الاهتمام من القوى العالمية؛ ولكن للأسف تجار الدم والنفط لم يسمعوا أو لم يرغبوا في سماع هذا التحذير. ونتيجة لذلك، شهد العالم، وخاصة شعوب المنطقة المظلومة، سلسلة من الكوارث الدموية والنار، وكلها نابعة من نفوذ نظام الملالي في العراق.
بيد أنه في العراق، وخاصة بعد اغتيال قائد فيلق القدس الارهابي قاسم سليماني، تسارعت وتيرة تدهور النظام. بطبيعة الحال، فإن الديناميكية الرئيسية لهذا التدهور هي انتفاضة الشعب العراقي. في السنوات الأخيرة، في كل حركة احتجاجية تقريبًا، كان الشعار المركزي للشعب هو طرد النظام الإيراني من العراق، إلى جانب حرق وسحق الصور الشائنة لخميني وخامنئي وقاسم سليماني.
ظهر هذا الجو الاجتماعي في الانتخابات العراقية الأخيرة. انتخابات كان فيها النظام هو الخاسر الرئيسي وسقطت شخصياته العميلة للنظام مثل نوري المالكي من السلطة. ولم تجد نفعا جهود قاآني خليفة قاسم سليماني وقائد فيلق القدس لإدراج هذه العناصر المكروهة في تكوين السلطة ، وحتى مقتدى الصدر رد بعد تلقيه رسالة خامنئي من يد قاآني برد قاس. وقال بوضوح غير مسبوق ما مضمونه: “أتمنى أن تنقل طلبنا وهو عدم التدخل في شؤون العراق وإعطاء العراقيين حرية انتخاب ممثليهم”.
في سوريا أيضًا، فقد النظام، تحت الضربات الإسرائيلية المتكررة، على ما يبدو في أعقاب الضوء الأخضر من روسيا، معظم سيطرته وبدأ انحسار سيطرته في سوريا بالكامل. على وجه الخصوص، أدرك بشار الأسد الآن، على الرغم من بقائه في السلطة بأموال النظام وسلاحه، أنه لم يعد قادرًا على الاعتماد على نظام الملالي، الذي يظهر علامات الهزيمة بجميع أشكالها.
إن المناخ الاجتماعي في لبنان، كما هو الحال في العراق، يعارض بشدة نظام الملالي وتدخلاته المدمرة. إن المعارضة الاجتماعية العميقة والغضب الذي يتجلى في انتفاضات الشعب اللبناني قد أضعف موقع حزب الله باعتباره أقرب قوة بالوكالة للنظام في لبنان، لدرجة أن الأمين العام لحزب اللله حسن نصر الله، قال مؤخرًا في مقابلة أنه إذا هاجمت إسرائيل النظام الإيراني “إيران هي ترد بنفسها!” فيما كان يقول هو والنظام مرارًا وتكرارًا أنه في حالة وقوع هجوم إسرائيلي، سيطلق حزب الله آلاف الصواريخ على إسرائيل من الحدود اللبنانية.إن المؤشرات الواضحة على تدهور موقف النظام في فلسطين وغزة واضحة هي الأخرى. إن حرق صور خميني وسليماني وحسن نصر الله في مدينة رفح قبل أسابيع من العام الجاري يؤكد هذه الحقيقة.
وأما في اليمن، فيتغير ميزان القوى العسكري ضد الحوثيين، والنظام، الذي أحبط في السنوات الأخيرة جميع جهود السلام والوساطة في اليمن، يدعو الآن بشدة إلى وقف إطلاق النار والسلام.
تتماشى هذه العوامل الإقليمية بشكل مشروع مع وضع النظام في الداخل وهشاشته في مواجهة موجات الشعب الهادرة والمتنامية. الاتجاه هو نفي نظام يشهد على نهايته كل حقائق الأرض.