مصراتة الليبية تتوسط بين ابنيها لنزع فتيل الانقسام/تنظيم «داعش» يؤكد مقتل قائده وتعيين أبو الحسن الهاشمي خلفاً له/الرئيس التونسي يشن «حرباً» على محتكري المواد الغذائية

الخليج: ليبيا.. الدبيبة في مواجهة الشرعية
لا تزال شكوك قوية تحيط بإمكانية انتقال السلطة سلمياً إلى الحكومة الليبية الجديدة برئاسة فتحي الباشاغا، بسبب تشبث رئيس الحكومة المقالة عبد الحميد الدبيبة بالاستمرار في الحكم، وإصراره على اللجوء إلى شتى الأساليب غير المشروعة في محاولة لفرض موقفه، فبعد فشل الدبيبة في منع اكتمال النصاب اللازم لاجتماع البرلمان لمنح الثقة لحكومة الباشاغا، سواء بالترهيب أو بالرشوة، لجأ لاتهام رئاسة البرلمان بالتزوير في إجراءات التصويت.
تم إغلاق المجال الجوي الليبي لمنع الوزراء المكلفين من الطيران إلى طبرق لحضور جلسة أداء اليمين، ووجه أمر للميليشيات التابعة للدبيبة باحتجاز وزيرين بالقوة، لمنعهما من السفر براً إلى طبرق.
وترافق مع ذلك كله حشد واسع للميليشيات الموالية للدبيبة ولجماعة «الإخوان» في طرابلس، وحول المقرات الحكومية. وأشارت تقارير إعلامية متواترة إلى صرف حكومة الدبيبة (250 مليون دينار) لرواتب الميليشيات والمرتزقة، لضمان تأييدهم، والقيام بمنع الحكومة الجديدة من الاقتراب من هذه المقرات، في تأكيد جديد للجوء إلى العنف لمنع تسليم السلطة. علماً بأن مرتبات ضباط وجنود الجيش الليبي إلى جانب موظفي العديد من أجهزة الدولة متأخرة لأشهر عدة.
قوة القانون.. وقانون القوة
وفي المقابل يبدي رئيس الحكومة الجديدة فتحي الباشاغا قدراً كبيراً من ضبط النفس، ويصرّح بأن الدبيبة «شخص مدني محترم» وبأنه سيسلم السلطة طوعاً، وأن الأمر لن يصل إلى حد الصدام المسلح من أجل استلام السلطة. كما صرّح الباشاغا في كلمة متلفزة له مساء الثلاثاء 8 مارس/ آذار أنه يتعهد بدخول الحكومة طرابلس، واستلام السلطة «خلال يومين.. وبقوة القانون، وليس بقانون القوة».. مع أن الشواهد تشير إلى إصرار الدبيبة على الاستمرار في حشد الميليشيات المسلحة في طرابلس، وزيارته لمعسكرات الميليشيات واستعراضه لقواتها برفقة عبد الغني الككلي (غنيوة) قائد هذه التشكيلات المسلحة.
ومعروف أنه قد فشلت جهود مكثفة قام بها وجهاء مدينة مصراتة التي ينتمي إليها الباشاغا والدبيبة في الوساطة بين الرجلين، ودعوتهما للاجتماع بالرئيس التركي أردوغان في أنقرة، وجوهر هذه المبادرة هو تسليم الدبيبة للسلطة والمقرات الحكومية، مقابل تعهد الباشاغا بعدم ملاحقته في أية ملفات قانونية أو غير قانونية - وهي كثيرة - إلا أن الدبيبة رفض المبادرة، بينما قبلها الباشاغا.
لكن خلاصة هذا كله أن اطمئنان الباشاغا إلى أن حكومته ستستلم السلطة خلال يومين ب«قوة القانون.. وليس بقانون القوة» يبدو أنه نوع من المبالغة في التفاؤل، أو ربما هو من قبيل الحرص على ضبط النفس، وترك الدبيبة يمعن في أخطائه، لكشفه بصورة أكبر أمام الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي؛ بحيث يصبح استخدام القوة ضده مبرراً في حالة استمراره في التشبث بموقفه حتى النهاية، علماً بأن الباشاغا وجه تهديداً مبطناً إلى الدبيبة بقوله: إن اللجوء إلى العنف «وبدء الحرب.. أمر سهل دائماً، لكن الصعوبة تكمن في إنهائها». ومعروف أن الباشاغا لديه قوة ميليشيات منظمة وحسنة التدريب والتسليح، كما أنه يستند الآن إلى قوة الجيش الوطني الليبي، وهي القوة العسكرية الأكبر في البلاد، لكن اللجوء إلى استخدام القوة، وخاصة في طرابلس، يبدو اختياراً تحيط به محاذير كثيرة، أهمها الرفض الدولي.
لهذا رأينا الباشاغا يقوم بزيارة إلى سرت، ومعه عدد من وزرائه، فيما يبدو إشارة للاستعداد لبدء عمل الحكومة من سرت، وعدم التعجيل في الاتجاه نحو الحل العسكري المحفوف بمخاطر كثيرة، مع مواصلة الضغط على الدبيبة بوسائل أخرى في الوقت الراهن على الأقل.
مبادرات ستيفاني ويليامز
هنا لا بد أن نلاحظ أن جهود البعثة الأممية برئاسة الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني ويليامز «مستشارة أمين عام الأمم المتحدة» لا تخفي إطلاقاً ميلها الواضح لاستمرار حكومة الدبيبة، وقد عبّرت علناً عن انتقادها لجلسة البرلمان للتصويت بالثقة في حكومة الباشاغا، بقولها: إن الجلسة: «لم تتوافر في إدارتها معايير الشفافية المطلوبة» في انحياز مكشوف لاتهامات الدبيبة للبرلمان، وهو الموقف الذي تبناه كل من ستيفاني روجاريك مساعد الأمين العام؛ بل والأمين العام جوتيريس نفسه، مع الدعوة للتركيز على إجراء الانتخابات بأسرع ما يمكن، فيما يبدو دعماً لخطة الدبيبة لرفض «خريطة الطريق» البرلمانية، وإجراء الانتخابات في يونيو/ حزيران المقبل، بغض النظر عن اكتمال شروطها.
ويبدو كل هذا مثيراً للتساؤل خصوصاً الحديث عن «الشفافية» من دون كلمة واحدة من جانب ستيفاني عن فضيحة محاولة الدبيبة لرشوة النواب «بسيارات ليكزيس» وإرهابهم والاعتداء عليهم، لمنعهم من حضور جلسة البرلمان، وأيضاً من دون ذكر كلمة واحدة عن محاولات الدبيبة لرشوة أعضاء «ملتقى الحوار» - «لجنة ال75» لانتخابه رئيساً للحكومة المثبتة بالصوت والصورة والتي وعدت ويليامز وقتها بالتحقيق فيها، ثم تجاهلت القضية برمتها.
وقد تقدمت ستيفاني، مؤخراً، بمبادرة لرئيس البرلمان عقيلة صالح بتشكيل لجنة مشتركة من البرلمان و«مجلس الدولة» بقيادة المشري تتكون من (12 عضواً – 6 من كل من المجلسين) لوضع قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات مع تجاهل «خريطة الطريق» البرلمانية، وهو ما رفضه عقيلة صالح معلناً أن «الحل يجب أن يكون ليبياً».. وضرورة الاعتراف بالحكومة الشرعية «حكومة الباشاغا» وهو ما ترفضه ستيفاني. ويوضح كل هذا أن ما تسعى إليه ستيفاني هو تنفيذ سياسة أمريكية، وليس أممية.. وأن أكثر ما يهمها هو الاستقرار - بغض النظر عن الشرعية - واستمرار تدفق النفط والغاز الليبيين إلى الأسواق الأوروبية لتقليل اعتمادها على الغاز والنفط الروسيين في ظل المواجهة الجارية الآن في أوكرانيا.. وهو موقف مواتٍ تماماً للدبيبة.. ويشجعه على التشبث بالسلطة.
وهكذا تظل كل السيناريوهات مفتوحة في الأزمة الليبية التي تتجه إلى مزيد من التعقيد.
مفوضة أممية تدعو إلى إجراء الانتخابات الليبية في يونيو
دعت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليه إلى ضرورة إقامة الانتخابات الليبية في يونيو المقبل على أساس الاحترام الكامل للحقوق السياسية لجميع المترشحين والناخبين، بما في ذلك الحق في رفع أصواتهم من دون خوف، فيما بحث رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الأربعاء، مع المستشارة الأممية لدى ليبيا، ستيفاني وليامز، المبادرة الأممية لوضع قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات في أقرب الآجال، «بما يسهم في إيجاد مقترحات توافقية لحل الأزمة الليبية»، في حين طلب رئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا، من رؤساء المصالح والهيئات والمؤسسات والأجهزة والشركات العامة، التقيد بعدم ترتيب أي التزامات مالية أو تعاقدية على الدولة، وعدم تغيير أو إنشاء أية مراكز قانونية إلا بعد إذن مسبق منه.
وأعربت باشيليه في تقريرها أمام الدورة ال 49 لمجلس حقوق الإنسان، المنعقدة بجنيف، عن انزعاجها من تأجيل الانتخابات، وسط تصاعد التوترات السياسية والاعتداءات على الأشخاص بناء على الآراء المتصورة، أو الانتماء السياسي، فضلاً عن الاعتداءات على القضاء.
وانتقدت باشيليه، الجماعات المسلحة التي ترتكب الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، مع إفلات شبه كامل من العقاب.
من جهة أخرى، قال المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي، في بيان: إن المبعوثة الأممية أشادت بجهود المنفي في «دعم الاستقرار في ليبيا ووقوفه على مسافة واحدة من الجميع»، مؤكدة بأن البعثة تهدف من خلال المبادرة التي أطلقتها لإرساء الاستقرار وإجراء الاستحقاقات الانتخابية.
«برلمانيون ضد التمديد»
وأعلن 50 نائباً،عن تأسيس كتلة «برلمانيون ضد التمديد» معارضة لإجراءات البرلمان، الداعية لتولي حكومة باشاغا مقاليد السلطة وتنظيم انتخابات خلال 14 شهراً، مطالبين بإخراج البلاد من المراحل الانتقالية،معلنين دعمهم للمبادرة الأممية.
إلى ذلك، أصدر رئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا تنبيهاً إلى الهيئات والمؤسسات والشركات العامة، بعدم ترتيب أي التزامات مالية أو تعاقدية على الدولة وبضرورة الحصول على إذن مسبق منه وإلى تحمل المسؤولية القانونية بشقيها المدني والجنائي على كل من يخالف مقتضى هذه التعليمات.
ترتيبات لعمل الحكومة من طرابلس
بدوره، أعلن وزير الداخلية بالحكومة الجديدة، اللواء عصام أبوزريبة، أن حكومته باشرت وضع ترتيبات أمنية لممارسة مهامها من طرابلس. ودعا الوزير، في كلمة، كل مديريات الأمن والإدارات والأجهزة والقطاعات الأمنية إلى عدم التعامل مع حكومة الوحدة الوطنية التي وصفها بأنها «منتهية الولاية».
وحذر أبوزريبة، من «قتال دموي لا تحمد عقباه»، داعياً إلى «وأد الفتنة، ومنع المهووسين بالسلطة من استخدام الأبرياء وتوريطهم في القتال».
البيان: مصراتة الليبية تتوسط بين ابنيها لنزع فتيل الانقسام
يتزعم عدد من أعيان مدينة مصراتة جهود وساطة بين رئيسي الحكومتين المتصارعتين حول الشرعية في ليبيا عبدالحميد الدبيبة وفتحي باشاغا، وأكدت مصادر مطلعة لـ«البيان» أن مساعي تجري حالياً للبحث عن آفاق للتوافق بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي قبل عام، ورئيس الحكومة الجديدة الحاصلة على ثقة مجلس النواب فبراير الماضي، مشيرة إلى أن الخلاف الحاد بين الدبيبة وباشاغا المتحدرين من المدينة ذاتها ينذر بالدفع نحو مواجهات ميدانية بين الجماعات المسلحة سواء بمصراتة أو بعموم غرب ليبيا، والتي تواجه انقساماً في ما بينهما نتيجة اختلاف الولاءات بين طرفي النزاع.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن الوسطاء اقترحوا على الطرفين عقد اجتماع بالمدينة بحضور القيادات الاجتماعية الفاعلة من أجل الوصول إلى توافق حول ضمانات متبادلة للانطلاق في اتجاه إدارة المرحلة المقبلة.
وأوضح رئيس الحزب الجمهوري الليبي عزالدين عقيل أن جهوداً تبذل في مصراتة للحؤول دون حصول أي صدام مباشر بين الميليشيات المسلحة، وأضاف أن أعيان ووجهاء مصراتة يعملون على منع وصول الاصطفاف في المدينة إلى صراع دموي قد يؤثر على موقعها وموقفها الحالي، مرجحاً أن يتم التوصل إلى حل سياسي دون اللجوء إلى الحرب أو العودة بالبلاد إلى مربع الفوضى.
في الأثناء، بدأت مظاهر تململ تطفو على المشهد السياسي العام في البلاد، إذ أعلن كل من عبدالفتاح خوجة وزير الخدمة المدنية، والجديد معتوق وزير الدولة لشؤون الهجرة في حكومة الوحدة الوطنية استعدادهما لتسليم مهامهما للحكومة المكلفة من مجلس النواب تجنباً للانقسام، وقال كل منهما في بيان مصور منفصل: «أعلن احترامي لقرار مجلس النواب بشأن تكليف باشاغا برئاسة الحكومة وقرار منح الثقة للحكومة الجديدة، والتزامي بعهدي وقسمي أمام مجلس النواب بالالتزام بالإعلان الدستوري وسلامة ليبيا ووحدة أراضيها، وأؤكد جاهزيتي لتسليم السلطة فيما يتعلق بمهامي، وأعاهد الشعب الليبي أن لا أكون معولاً أو أشارك في عودة الانقسام السياسي».
وفسّرت أوساط ليبية مثل هذه المواقف بـ«الخلافات القائمة» داخل السلطة نتيجة سياسة المحاصصة المعتمدة في تشكيل الحكومة، والتي تعكس حجم التناقضات السياسية في البلاد.
باشاغا والدبيبة.. حكومتان تتجاذبان القرارات في ليبيا
دعت الولايات المتحدة رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة إلى عدم التصعيد، بينما وجه رئيس الحكومة الجديدة المنبثقة عن مجلس النواب فتحي باشاغا جميع المؤسسات المالية بعدم ترتيب أية التزامات على الدولة إلا بعد الحصول على موافقة حكومته.
وطلب السفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، من الدبيبة، الهدوء ووقف عمليات التصعيد مع جميع الأطراف، وقال في تغريدة له على تويتر: «كانت تلك رسالتي إلى الدبيبة في الاجتماع الذي استضافه مع دبلوماسيين أجانب»، مبرزاً أن مسؤولين من وزارة الخارجية الأمريكية أجروا بدورهم محادثة مع الدبيبة.
والتقى الدبيبة، أول من أمس، في ديوان رئاسة الوزراء بالعاصمة، سفراء ورؤساء بعثات دبلوماسية المعتمدين لدى ليبيا. وقال المكتب الإعلامي للدبيبة، إن الاجتماع المفاجئ جاء «لمتابعة التطورات السياسية في البلاد».
بالإضافة للتعرف على موقف الحكومة «كسلطة تنفيذية منتخبة بشأن هذه التطورات»، وأكد الدبيبة «احترام رغبة الشعب الليبي في إجراء الانتخابات في أقرب الآجال»، كما استعرض خطة حكومته لإعادة الأمانة للشعب، وفق تعبيره، والتي قال إنها تناغمت مع خطة الأمم المتحدة.
مكتسبات المرحلة
ونقل مكتب الدبيبة عن رؤساء البعثات الدبلوماسية إعرابهم عن ضرورة «الحفاظ على مكتسبات المرحلة والهدوء والعمل لإجراء الانتخابات وإنجاحها»، مؤكدين دعمهم لمبادرة مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز، بشأن تشكيل لجنة لوضع قاعدة دستورية توافقية تصل بالليبيين للانتخابات.
في الأثناء، وجه باشاغا خطاباً إلى رؤساء المصالح والهيئات والمؤسسات والأجهزة الشركات العامة، يطلب فيه التقيد بعدم ترتيب أي التزامات مالية أو تعاقدية على الدولة إلا بإذن مسبق من رئيس مجلس الوزراء.
وشدد الخطاب الموجه لرؤساء المصالح والهيئات والمؤسسات والأجهزة الشركات العامة على ضرورة الالتزام بعدم تغيير أو إنشاء أية مراكز قانونية إلا بإذن مسبق من رئيس مجلس الوزراء، محذراً من عدم الالتزام بذلك القرار، وأن مخالفه يتحمل المسؤولية القانونية بشقيها المدني والجنائي.
إلى ذلك، أكد المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب فتحي المريمي أن «الدبيبة في طريقه لتسليم الحكم، وباشاغا لن يدخل طرابلس بقوة السلاح».