كتبت جيهان السادات  تقول كلما بزغت على السطح تفاصيل حول مقترفي الهجمات، تجلى أكثر فأكثر إحساسي  بالصلة  بين ۱۱  سبتمبر ۲۰۰۱ و6أكتوبر ١٩٨١ لم ينحصر شعوري المثير للغثيان بالذكريات.

ارتكب كلا من الهجومين متطرفون مسلمون، اشخاص حلموا بإسقاط النظام الحالي واستبداله بدولة إسلامية «خالصة»، أشخاص حرفوا معتقدات إيماني وإيمان الملايين الآخرين لارتكاب الفظائع تحت راية الإسلام، انفطر قلبي حزنا على عائلات الضحايا، فقد شعرت أني على معرفة بخسارتهم المباغتة الصادمة، إنها خسارة خاصة كل الخصوصية وفي نفس الوقت عامة عموما مثقلا بالعذاب.

 كنت أعلم أنهم على عتبة كابوس لن يستيقظوا منه قريبا، وربما لن يستيقظوا منه بشكل كامل أبدا. فبعد زهاء ست وعشرين سنة من انتهاء حياة أنور هذه النهاية الوحشية، لا أزال أشعر بغيابه القاسي. كان زوجي لما يزيد على اثنين وثلاثين عاما، عزائي، صديقي، حب حياتي. 

وإلى جانب الحزن طغى علي الخوف، ليس فقط على نفسي، بل على الإسلام وعلى كل المسلمين الذين يلعنون الجرائم التي ارتكبت  في تلك الحرب التي لا يريدون ان تربطهم بها أية صلة. ظننت  أن هذا اليوم سوف يخلف  اثارا  على المسلمين في كل أرجاء العالم، ولا شك أن قلبي غاص في صدري حين اكتشفت وجود مصريين بين المتآمرين، لكنه أوشك على التوقف حين تنامي إلى اسم أيمن الظواهري، لم أصدق أذني .تورط هذا الرجل نفسه في المؤامرة ضد زوجي كان بحق قاتلا، وقد سعت بلدي لمحاكمته منذ عدة سنوات.

الظواهري طبيب؛ إنها لمفارقة أن تثبت أن رجلا ملزما أخلاقيا بصون الحياة .قاتل بالجملة، نشأ في حي من أحياء الطبقة الوسطى القاهرية، وانحدر من عائلة مصرية محترمة ليكذب الفكرة القائلة بأن التطرف ينجم دائما عن الفقر أو نقص الفرص. وعلى الرغم من أنه لم يكن واحدا ممن هاجموا زوجي بالفعل، تورط حتى أذنيه في منظمة الجهاد، التي دبرت مع عدة منظمات إرهابية أخرى للإطاحة بحكومة السادات. ألقي القبض على الظواهري بعد اغتيال السادات وحوكم ليدان بالمتاجرة في الأسلحة.

 قضى حكما بالسجن مدة ثلاثة أعوام ثم فر إلى المملكة العربية السعودية حيث انضم إلى أسامة بن لادن، إلا أن الظواهري عاد إلى الظهور في القاهرة قبل أمد طويل من أحداث 11 سبتمبر، ففي التسعينيات انخرط في سلسلة

من الهجمات الارهابية  داخل بلدي، مستخدما سلاحا لم تعهده انذاك حتى أشد الجماعات الإسلامية السنية تطرفا التفجيرات الانتحارية. يحرم الإسلام الانتحار تحريما باتا شأنه شأن القتل، بيد أن المتعصبين حرفوا معاني القرآن لتبرير اعمالهم  وتضيف جيهان في مقارنته المتفردة قائلة ففي الذكري الثامنة عشرة لرحلة زوجي التاريخية إلى القدس، والتي جسدت أولى الخطوات الجريئة لإقامة السلام بين إسرائيل ومصر، استغل الظواهري مفخخين انتحاريين لتدمير السفارة المصرية في إسلام آباد، راح ستة عشر شخصا بريئا وأصيب العديد والعديد من الأشخاص. سوف تصير التفجيرات الانتحارية علامة من علامات منظمة الجهاد وسمة مميزة للقاعدة كما سيعرف العالم لاحقا.

بلغت حملة الظواهري القاتلة في مصر ذروتها مع هجمات عام ١٩٩٧ على الاقصر المدينة الفرعونية العتيقة الواقعة على ضفاف نهر النيل. ..انضم الظواهري ومنظمة الجهاد إلى زمرة من الجماعة الإسلامية لتنفيذ هجوم في المعبد الجنائزي الرائع للملكة حتشبسوت بالأقصر. ذبح الإرهابيون بدم بارد اثنين وستين فردا، بينهم ستة وخمسون سائحًا. لقد كانت أسوأ حادثة إرهابية في التاريخ المصري. تمنى الإرهابيون أن يشلوا الأمة بالتهجم على السياحة، عماد الاقتصاد المصري، والحق أنهم سددوا ضربة موجعة للسياحة المصرية، إذ الغي الآلاف رحلاتهم رعبا من العنف الشنيع، غير أن تكتيكهم أسفر عن نتائج معاكسة تماما، إذ استشعر الشعب المصري حجم الخسائر الفادحة مما أثار عظيم السخط عليهم، بالإضافة إلى أن اشمئزازا طال الشعب المصري من العنف ليتبدد معه أي أثر لتعاطف ربما كان يكنه للمتطرفين. لقد اتضح تماما أن المواطنين المصريين لا يتفقون مع رؤية الإرهابيين الدموية للإسلام، المثير للانتباه أن الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية ربما اكتشف خطأ حساباتهم فحاول التبرو من الفعلة من داخل أحد سجون الولايات المتحدة. أضحى اسمه هو الآخر مألوفا لآذان القادة الأمريكيين: الشيخ عمر عبد الرحمن.

ومثل «أيمن الظواهري»، كان عمر عبد الرحمن اسما لم أتوقع أن يترامى إلي ثانية، وبالقطع ليس داخل الولايات المتحدة الأمريكية. يقضي عبد الرحمن الآن حكما بالسجن مدى الحياة لدوره في تفجير مبنى التجارة العالمي عام ١٩٩٣. كذلك تورط الشيخ الضرير ـ كما يطلق عليه ـ في وفاة زوجي. إذ أصدر عبد الرحمن فتوى تنص على أن للمؤمنين الحق في قتل أي زعيم كافر.

 وبما أن المتشددين المتطرفين ـ كأقلية صاخبة عنيفة  وصفوا السلام مع إسرائيل بالكفر، فقد كانت هذه الفتوى  دعوة بينة للاغتيال لم  يذكر عبد الرحمن السادات بالاسم إذا أمضى فترة قصيرة في السجن ثم طرد من البلد .المذهل  انه ورغم صلاته المعروفة بقتلة زوجي، بما يعني اندراجه على قائمة الإرهابيين المعروفين لدى وزارة الخارجية الأمريكية ، قد منحته الولايات المتحدة إذنا قانونيا بدخول اراضيها، ليستقر في مدينة جيرسي سيتي بولاية نيوجيرسي، على بعد أمتار من هدفه النهائي، وهناك وعظ برسالة تنضح بالعنف والكراهية في حصانة مطلقة، بل إنه جاب الولايات المتحدة وكندا جامعا للتبرعات لدعم مخططاته القاتلة، وتحت إشرافه دبر تابعوه هجمات واسعة على أهداف مدنية معروفة في منطقة نيويورك المتروبوليتانية. 

-وتطرح جيهان بقوة سؤال بلا اجابة فتقول- لا زلت حتى الآن لا أفهم السبب في عدم ترحيل عبد الرحمن إلى مصر ليمثل أمام المحكمة عقب هجمات مركز التجارة العالمي الأولى. فبدلا من ترحيله، يقيم مرتاحا في سجن أمريكي حيث لا ينفك يذيع من حين لآخر توجيهاته المشحونة بالكراهية.

وهكذا تبين الفقرات السابقة بقدر من الألم أن مصر ليست حديثة عهد بالصراع ضد الإرهاب. إننا نحاربه منذ عقود خلت.

انصرمت آلاف من السنوات كانت مصر فيها أمة متحضرة عالمية،لعن شعبها العنف ورحب بالسلام عاش اناس يؤمنون بالعديد من العقائد جنبا إلى جنب لمدة قرون، وتعارضت الأصولية العنيفة مع الشخصية المصرية المتسمة بالاعتدال، الواقع مع ذلك أن الجذور الحديثة للإسلام السياسي ترتبط ارتباطا وثيقا بتاريخ بلدي الحديث. ونظرا لأن حياتنا ترتبط هي الأخرى في السراء والضراء بهذا التاريخ، فثمة درس وجيز ينتظرنا.

واكدت جيهان علي ان جماعة الاخوان هي اصل الداء فقالت يتفق معظم الخبراء على حسن البنا هو من طور الفكرة الحديثة للإسلام السياسي، فهو الذي أسس جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام ١٩٢٨ بعد مرور أربع سنوات على إنهاء الخلافة العثمانية. اعتقد أن الإسلام ليس دينا فحسب بل نظام قابل للتطبيق يشمل كل جوانب الحياة، وعليه سعى هو وأتباعه إلى خلق دولة إسلامية تديرها بالكامل شريعة القرآن.