حصاد أحداث 2022.. وسيناريوهات ما بعد فشل تمديد الهدنة في اليمن

الثلاثاء 24/يناير/2023 - 12:23 م
طباعة حصاد أحداث 2022.. فاطمة عبدالغني- أميرة الشريف
 
شهد اليمن خلال عام 2022 أحداثا مهمة وتحولات معقدة، ضاعفت من تعقيدات المشهد السياسي والعسكري وزادت من قتامته، في ظل غياب أي مؤشرات على نهاية مرتقبة للحرب الدامية منذ 8 سنوات. ونرصد في هذا التقرير أبرز الأحداث والمحطات التي مر بها اليمن في عام 2022:
في 15 يناير ووسط حالة انهيار غير مسبوقة عاشتها ميليشيا الحوثي بعدما خسرت عدد كبير من مقاتليها بدء النظام الإيراني بالتحرك سياسياً لإنقاذ الحوثيين، فسارع إلى إرسال وفد دبلوماسي رفيع إلى سلطنة عمان ولقاء المسؤولين هناك ووفد الميليشيات الحوثية، أعقب هذه التحركات مباشرة إعلان إيران مبادرة لليمن بشأن إيقاف الحرب، وتضمنت المقترحات الإيرانية تشكيل حكومة توافقية جامعة من أجل إدارة الوضع العام، مع تقديم دعم اقتصادي إليها، وفقا لوسائل الإعلام الإيرانية، وفي رد سريع وعاجل على المبادرة الإيرانية أعلنت جماعة الحوثي رسميا، قبولها بالمبادرة.
ولكن سرعان ما نقضت ميليشيا الإرهاب عهدها وأعلنت في 17 يناير، عن استهداف مطاري دبي وأبوظبي، ومنشآت "حساسة" في الإمارات بخمسة صواريخ باليستية، وعدد "كبير" من المسيرات. فيما اعترفت إمارة أبوظبي، بانفجار ثلاثة صهاريج نقل محروقات بترولية، ووقوع حريق في منطقة الإنشاءات الجديدة قرب مطار أبوظبي، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ستة آخرين.
وفي 10 فبراير أعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن، أن الدفاعات السعودية دمرت مسيّرة حوثية أطلقت تجاه مطار أبها الدولي جنوب غرب المملكة، وتسببت في إصابة 12 مدنياً من جنسيات مختلفة بشظايا الطائرات بدون طيار
وفي 22 فبراير اعتقلت الميليشيات، الإعلامي عبد الرحمن سيف الشرعبي، مساعد رئيس الملحقية الإعلامية بالسفارة الأمريكية بصنعاء ضمن حملات الاختطاف والاعتقالات الأمنية للتنكيل بموظفي السفارة الأمريكية في اليمن وتحويلهم لرهائن للمقايضة السياسية مع الولايات المتحدة.
وفي 28 فبراير ومع تراجع حظوظ التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة اليمنية، بفعل الممارسات الإرهابية والتدميرية لمليشيات الحوثي بحق المدنيين والأبرياء أصدر مجلس الأمن الدولي، قراراً صنف فيه ميليشيا الحوثي المدعومة إيرانيًا كجماعة إرهابية، ووسع الحظر على إيصال الأسلحة إلى اليمن، ليشمل جميع المتمردين الحوثيين بعد أن كان مقتصراً في السابق على أفراد وشركات محددة.
ومنتصف الشهر ذاته، أعلن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، نايف الحجرف، عن استضافة مشاورات للأطراف اليمنية في 29 مارس، في العاصمة الرياض، بهدف إنهاء الحرب في البلاد.
وفي 20 مارس شنت ميليشيا الحوثي أربع هجمات بصواريخ وطائرات مسيرة، على محطة لتحلية المياه بمدينة الشقيق (تابعة لمنطقة جازان) ومنشأة تابعة لشركة أرامكو في جازان بجنوب المملكة العربية السعودية ومحطة الغاز بخميس مشيط ومحطة كهرباء ظهران الجنوب، ومحطة للغاز الطبيعي المسال تابعة لأرامكو أيضا في ينبع، ما أسفر عن أضرار مادية بسيارات ومنازل مدنية دون أن تخلف خسائر في الأرواح.
وفي الأول من إبريل، أعلن المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، عن توافق أطراف النزاع في اليمن على هدنة لمدة شهرين، فيما رحبت الحكومة المعترف بها، وميليشيا الحوثي بذلك، ودخلت الهدنة حيِّز التنفيذ في اليوم التالي.
وفي 7 إبريل، أعلن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي عن تشكيل مجلس رئاسي بقيادة رشاد العليمي وعضوية 7 آخرين، مفوضا بكامل صلاحيات رئيس الجمهورية، ونائبه علي محسن الأحمر بعد مرسوم بإعفائه من منصبه.
في 15 مايو اعيد افتتاح مطار صنعاء وسمح بالسفر إلى وجهة واحدة هي الأردن كما سمح لسفن المشتقات النفطية بدخول ميناء الحديدة 
25 مايو شهد الأردن وتحت رعاية المبعوث الأممي إلى اليمن انطلاق جولة مفاوضات أولى بين الحوثيين والحكومة اليمنية بشأن فتح طرق تعز، لكن الخلافات حالت دون التوصل إلى اتفاق.
وفي 30 مايو، أقر المجلس الرئاسي اليمني، بتشكيل لجنة عسكرية وأمنية مشتركة لإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن، مكونة من 59 عضوا. كما وافق المجلس على تشكيل لجنه لتقييم وإعادة هيكله الأجهزة الاستخبارية.
وفي 2  يونيو، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، عن موافقة أطراف الصراع على تجديد الهدنة لمدة شهرين إضافيين.
وفي 23 يونيو وقعت ميليشيا الحوثي مذكرة تفاهم مع السلطات في إيران لإنشاء ما أسمته "سوق الأوراق المالية في صنعاء" (بورصة).
وفي 28 يوليو، أجرى رئيس المجلس الرئاسي اليمني، أول تعديل وزاري في الحكومة التي يرأسها، معين عبدالملك، شملت أربع وزارات، من بينها وزارة الدفاع.
وفي 2 أغسطس أعلنت الأمم المتحدة أن الأطراف المتحاربة في اليمن وافقت على تمديد الهدنة شهرين إضافيين من 2 أغسطس 2022 وحتى 2 أكتوبر 2022 وفقاً للشروط نفسها.
وفي الأول من سبتمبر، أعربت الأمم المتحدة، عن قلقها الشديد إزاء استعراض عسكري نظمه الحوثيون في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، وتعده خرقا لاتفاق ستوكهولم الموقع في ديسمبر 2018. حيث عرضت ميليشيا الحوثي في العرض العسكري لقواتها صاروخاً جديداً "بر- بحر" من طراز "فالق 1"، وصواريخ بر - بحر من طراز "المندب 2" و"روبيج".
وفي 2 أكتوبر، انتهت "الهدنة الأممية" في اليمن، وسط رفض ميليشيا الحوثي الموافقة على مقترح أممي حول تمديد الهدنة، ورفعت من سقف تهديداتها ومواقفها.
وفي 21 أكتوبر، استهدفت الميليشيات بطائرات مسيرة ناقلة نفط كورية جنوبية كانت راسية قرب ميناء الضبة النفطي في حضرموت.
وفي اليوم التالي من الهجوم على ميناء الضبة النفطي، أعلن مجلس الدفاع الوطني اليمني (أعلى سلطة دفاعية) تصنيف جماعة الحوثي "منظمة إرهابية"، وأبلغت الحكومة اليمنية، الأمم المتحدة، بالتزامها بتأمين كافة السبل للحد من الآثار الجانبية لهذا القرار.
وفي 9 نوفمبر استهدفت ميليشيا الحوثي ميناء قنا النفطي في مديرية رضوم بواسطة طائرة مسيرة انتحارية، وتم إسقاط المسيرة الحوثية وإحباط الهجوم، وتزامنت محاولة ميليشيا الحوثي استهداف الميناء مع دخول باخرة وقود لإفراغ آلاف الأطنان من مادة الديزل، وأفرغت السفينة شحنة الوقود بعد إحباط الهجوم. 
وفي 21 نوفمبر، تمكنت الدفاعات الجوية للقوات المسلحة من اعتراض واسقاط عدد من الطائرات المعادية التابعة لميليشيا الحوثي استهدفت ميناء الضبة النفطي بمحافظة حضرموت، فيما اصابت احداها منصة تصدير النفط في الميناء والحقت اضرارا مادية فيها.
وفي 8 ديسمبر، وقع وزير الدفاع اليمني، الفريق الركن محسن الداعري، اتفاقية تعاون عسكري وأمني ومكافحة الإرهاب، مع وزير العدل الإماراتي عبدالله النعيمي، وذلك ضمن الجهود الرامية لتعزيز التنسيق العسكري والأمني بين البلدين الشقيقين.
وفي 21 ديسمبر وصل وفد عماني للعاصمة صنعاء ضمن المساعي الدولية لتجديد تمديد الهدنة الإنسانية وتوسيعها والتوصل إلى سلام دائم.
وفي 23 ديسمبر جددت مليشيات الحوثي على لسان القيادي البارز جلال الرويشان اشتراطاتها لإحلال السلام في اليمن وعلى رأس هذه الشروط “الاعتراف بسلطة المليشيات الانقلابية كسلطة تمثل مناطق الشمال وصرف مرتبات مقاتليها من ميزانية الحكومة الشرعية".
كما تتضمن اشتراطات المليشيات فتح مطار صنعاء وموانئ الحديدة دون أي رقابة والسماح بتدفق السلاح والدعم العسكري لها من طهران وحلفائها في المنطقة وعلى رأسهم حزب الله اللبناني، ومثلت شروط المليشيات إعلانا صريحا برفض الوساطة العمانية لإحلال السلام في البلاد.
ويرى المراقبون أن انتهاكات ميليشيا الحوثي المتصاعدة واشتراطاتها التعجيزية لإحلال السلام في البلاد تعكس إصرارها على تدشين مرحلة أكثر إجراما من الحرب وأشد وقعا على الأزمة الإنسانية باليمن كما تعكس طبيعتها الإرهابية واستخفافها بكل المبادرات والعروض المقدمة لإحلال السلام، خدمة لأجندات النظام الإيراني في المنطقة، وتقديمها لمصالحه على مصلحة الشعب اليمني.
ويتوقع محللون أن يؤشر رفض ميليشيا الحوثي لتجديد تمديد الهدنة الأممية الى عودة التصعيد العسكري الذي انخفض إلى حد كبير خلال أشهر الهدنة، وارتفاع وتيرة الهجمات الحوثية على المنشآت النفطية وشركات الإنتاج والتصدير وشركات الشحن النفطي في البحرين الأحمر والعربي. وتهديد طرق الملاحة والتجارة الدولية في البحر الأحمر، وذلك ضمن مسلسل محاولات الابتزاز الفجة للمجتمع الدولي، لإحداث إرباك ومضاعفة المخاطر الأمنية المتعلقة بإمدادات النفط، وذلك بهدف الوصول إلى المزيد من التنازلات لصالح الحوثيين.
فالحوثيين يريدون من المجتمع الدولي والتحالف العربي والشرعية شراء الهدنة منهم مقابل منحهم وضعاً طبيعياً متكاملاً واقتسام عائدات النفط ولهذا كانت تهديداتهم للشركات النفطية إشارة واضحة إلى مغزاهم فالهدنة لدى الحوثيين صفقة مغرية للاتجار مثلما تاجروا بكل ما طاولته أيديهم.
وأحد السيناريوهات المحتملة خلال المرحلة المقبلة أن يواصل الحوثيون الابتزاز والتهديد وربما يهاجمون في جبهات ثانوية لتصعيد نهجهم الابتزازي، ومن شأن هذا أن ينتج هدنة هشة ستقود إما إلى عودة الحرب أو الاتفاق على هدنة جديدة تميل شروطها لمصلحتهم، كما لن يهاجموا في الجبهات الرئيسة إلا إذا يئسوا من أنهم لن يقبضوا ثمن الهدنة وسيكون لطبيعة تفاعل الإقليم والشرعية ورد فعلهما حيال مطالبهم الابتزازية دور في تحديد سلوكهم المقبل.
ولكن لا يستبعد في المقابل إمكانية استمرار جهود الأمم المتحدة لإقناع الطرفين المتحاربين بالقبول بالجلوس على طاولة المفاوضات لإحلال السلام في البلاد.

شارك