الصومال والاتحاد الافريقي ومواجهة ارهاب حركة الشباب
الإثنين 29/مايو/2023 - 04:14 م
طباعة
حسام الحداد
استفادت الحركة من تموضعها منذ اكثر من عامين في الريف الصومالي في إعادة ترتيب صفوفها والبحث عن مصادر للتمويل ونشر أفكارها، إلى أن جاء الوقت المناسب عندما قرر الرئيس الأمريكي سحب القوة العسكرية الأمريكية المكونة من 700 جندي أمريكي من الصومال عام 2020، لتصبح الفرصة سانحة أمام الحركة الإرهابية التي استعادت نشاطها ونفذت عدة هجمات إرهابية؛ منها استهداف فندق الحياة في العاصمة مقديشو، واغتيال وزير العدل بولاية جنوب غربي الصومال، حسن إبراهيم لوغبور، في يوليو الماضي، بخلاف تنفيذ عمليات في إثيوبيا أيضاً؛ آخرها في يوليو 2022، عندما نفذت هجوماً راح ضحيته 17 من رجال الشرطة الإثيوبية. وعلى الرغم من عودة القوة الأمريكية بقرار من الرئيس بايدن في نفس العام؛ فإن الحركة استفادت من الغياب الذي استمر عامَين، ودخلت في تحدٍّ واضح أيضاً للرئيس الحالي حسن شيخ محمود، الذي أعلن رغبته في التصدي للحركة، ليس هذا فقط بل صعدت وتيرة عملياتها في قلب الصومال والمناطق الحدودية حتى أصبحت بمثابة اقوى فرع لتنظيم القاعدة في القارة الافريقية
العملية الأخيرة:
قال الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني، في وقت متأخر من مساء السبت 27 مايو 2023، إن هناك خسائر بشرية وقعت جراء هجوم شنته حركة الشباب الصومالية المتشددة على قاعدة عسكرية تضم قوات حفظ سلام أوغندية في الدولة الواقعة بمنطقة القرن الأفريقي، الجمعة.
ولم يذكر موسيفيني عدد الجنود الذين قتلوا أو أصيبوا، لكنه أول اعتراف رسمي بوقوع خسائر بشرية في الهجوم بين القوات الأوغندية المشاركة في بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال.
وقال موسيفيني في بيان "نعزي البلاد وعائلات القتلى" مضيفاً أن الجيش شكل لجنة للتحقيق في ما حدث.
وقال موسيفيني، إنه خلال الهجوم "لم يكن أداء بعض الجنود هناك كما هو متوقع، إذ أصيبوا بالذعر، ما أدى إلى إرباكهم واستغلت حركة الشباب ذلك لاقتحام القاعدة وتدمير بعض المعدات".
وأضاف أن عدد المهاجمين بلغ نحو 800 وأنه خلال الهجوم اضطرت القوات الأوغندية للانسحاب إلى قاعدة قريبة على بعد نحو تسعة كيلو مترات.
وهاجم مسلحو حركة الشباب القاعدة في بلدة بولومرير على بعد 130 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة مقديشو، الجمعة.
وذكرت حركة الشباب في بيان حينها أنها شنت هجمات انتحارية وقتلت 137 جندياً بالقاعدة وأسر آخرين وتدمير واغتنام كل ما احتوته قاعدتهم العسكرية من آليات وأسلحة وذخائر ومعدات عسكرية مختلفة في الحصيلة الأولية لهجوم مقاتلي الحركة على القاعدة العسكرية التابعة لقوات الاتحاد الإفريقي في الصومال “أتميس”، يوم الجمعة في مدينة بولومرير بولاية شبيلي السفلى جنوب الصومال، تباينت الردود الدولية وبين الشعب الأوغندي بين السخرية والحزن والتنديد والمطالبة بسحب القوات الأوغندية من الصومال، والمطالبة بحل سياسي على غرار أفغانستان.
وبحسب مقال نشرته صحيفة مونيتور تعليقا على مقتل الجنود الأوغنديين على يد مقاتلي حركة الشباب يوم الجمعة، “فقد تكبدت حركة أتميس (أميصوم سابقا) سلسلة من الخسائر الفادحة على أيدي حركة الشباب في حملتها التي استمرت 18 عاما لاستعادة الاستقرار في الدولة التي مزقتها الحرب في القرن الأفريقي. ويقول خبراء إن مثل هذه الهجمات تهدف إلى التعجيل برحيل البعثة التي تقاتل حركة الشباب منذ أكثر من عقد من الزمن”.
وفي سياق متصل أعلنت السلطات الصومالية، الأحد 28 مايو 2023، إصابة مدنيين اثنين على الأقل في انفجار لغم أرضي وقع في مديرية «كحدا» بالعاصمة مقديشو.
وأفادت وسائل إعلام محلية، نقلاً عن شاهد عيان، بأن اللغم الأرضي تم إخفاؤه بالقرب من نقطة تفتيش تابعة لقوات الشرطة، ولم ترد الأنباء عن وقوع إصابات بين الجنود الذين كانوا على مقربة من مكان الانفجار
ادانات دولية:
أكدت دولة الإمارات العربية المتحدة التزامها بدعم الصومال والاتحاد الإفريقي في مكافحة الإرهاب وتحقيق السلام والاستقرار، مدينةً في ذات الوقت الهجوم الذي شنته حركة «الشباب» الإرهابية على قوات حفظ السلام الأوغندية المنتشرة في الصومال.
وقالت البعثة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة في تغريدة نشرتها على حسابها الرسمي بموقع تويتر أمس: «الإمارات تدين بشدة هجوم حركة الشباب على قوات حفظ السلام الأوغندية المنتشرة في الصومال (أتميس)، نعرب عن تعازينا لأسر الضحايا وحكومة وشعب أوغندا ونتمنى الشفاء التام للمصابين».
وأضافت: «تظل دولة الإمارات العربية المتحدة ثابتة في دعمها للحكومة الصومالية والاتحاد الأفريقي في مكافحة الإرهاب وتحقيق السلام والاستقرار للشعب الصومالي».
وقدم الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني تعازيه لأسر الجنود الذين قضوا في الهجوم على قاعدة لقوة الاتحاد الأفريقي في الصومال.
ولم تكشف قوة الاتحاد الإفريقي في الصومال ولا السلطات الصومالية أي تفاصيل عن حصيلة محتملة لضحايا العملية.
وأشارت قوة الاتحاد الإفريقي، من جانبها، إلى أن «تعزيزات من وحدة طيران اتميس وحلفائها نجحت في تدمير الأسلحة التي كانت بحوزة مقاتلي حركة الشباب».
وأكدت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا في بيان أنها «شنت غارة جوية استهدفت حركة الشباب بالقرب من قاعدة العمليات المتقدمة لأتميس في بولو مارير ودمرت أسلحة ومعدات استولى عليها مقاتلو حركة الشباب بصورة غير مشروعة».
وحلت قوة الاتحاد الإفريقي في الصومال «أتميس» التي تضم حوالي 20 ألف جندي وشرطي ومدني من أوغندا وبوروندي وجيبوتي وإثيوبيا وكينيا، في أبريل 2022 مكان قوة الأمم المتحدة التي تم نشرها منذ 2007 لمكافحة تمرد «الشباب».
ضبطت شحنة أسلحة:
وفي اطار تضييق الخناق على حركة الشباب وقطع امدادها بالسلاح وبالتزامن مع دخول الحملة العسكرية التي تشنها السلطات الصومالية ضد حركة «الشباب» الإرهابية شهرها العاشر، تستعد الحكومة في مقديشو، لتكثيف جهودها، لمحاربة التجارة غير القانونية في الأسلحة، وذلك في مسعى للحيلولة دون وصولها، إلى يد الإرهابيين والمجرمين، على حد سواء. رصدت قوات الأمن أنشطة شبكة كبيرة في الخارج لها علاقة بمقديشو تعمل على شراء وتحميل وتفريغ تلك المعدات العسكرية في الميناء حتى يتم تسليمها إلى أيدي الإرهابيين.
وصادرت المخابرات الوطنية في 19 مايو 2023، ما يصل إلى أربع شاحنات كانت معدة لنقل هذه المعدات العسكرية إلى العدو الإرهابي.
وقال وزير الدولة بوزارة الأمن الداخلي محمد علي حغا، إن "المخابرات الصومالية تمكنت اليوم من ضبط شحنة عسكرية كانت مخبأة داخل حاويات تجارية وموجهة لعناصر الشباب في الميناء".
وأضاف "حغا" في تصريح للإعلام المحلي، أن "المخابرات الصومالية كانت تتابع ممرات الشحنة العسكرية قبل وصولها إلى الميناء".
وأشار وزير الدولة بوزارة الأمن الداخلي إلى أن "السلطات الأمنية اعتقلت أيضا خلية إرهابية مكونة من 10 أشخاص، بينهم تجار كانوا يعملون على تسهيل طرق إيصال تلك الشحنة العسكرية إلى عناصر الشباب".
وبحسب الوزير، فإن "الشحنة العسكرية التي ضبطت مكونة من مواد متفجرة وذخائر وأسلحة وزي عسكري يشبه زي الجيش الحكومي".
كما أفاد "حغا" بأن "التحقيقات ما زالت جارية حول مصدر الشحنة والشخصيات المتورطة بالموضوع حيث يتم إعلان النتيجة لاحقا".
كما لفت وزير الدولة بوزارة الأمن الداخلي إلى أن "السلطات الأمنية سبق وأن ضبطت في مطار مقديشو الدولي في الأيام الماضية مواد متفجرة كانت في طريقها إلى عناصر الشباب".
وأشاد الوزير بـ "جهود السلطات الأمنية بفشل جميع محاولات الإرهابيين وتفكيك الخلايا الإرهابية التي تعمل لصالحهم".
وتأتي عملية ضبط تلك الشحنة العسكرية، في وقت أعلنت الحكومة عزمها بدء المرحلة الثانية من الحرب على "الشباب" في أقاليم جنوب ووسط البلاد بمشاركة في قوات من دول الجوار.
وشدد مسؤولون صوماليون، على أن المتورطين في هذه الأنشطة، باتوا يشكلون الهدف المقبل للأجهزة الأمنية في البلاد، وذلك في إطار استراتيجية جديدة، ترمي في نهاية المطاف، إلى دفع الأمم المتحدة، لرفع الحظر المفروض على توريد السلاح للسلطات، منذ عقود.
وكان مجلس الأمن الدولي، قد جدد هذا الحظر في نوفمبر الماضي لمدة عام، وهو ما يلقى انتقادات من جانب حكومة مقديشو التي تؤكد ضرورة السماح لها بالحصول على الأسلحة، من أجل تحقيق النصر في حربها ضد حركة «الشباب»، التي تدين بالولاء لتنظيم «القاعدة» الإرهابي.
وفي تصريحات نشرها موقع «جارو أون لاين» الإلكتروني، قالت مكة محمود موسى، مستشارة الرئيس الصومالي لشؤون مكافحة الأسلحة غير المشروعة، إنه تم اتخاذ إجراءات لكبح جماح مهربي السلاح إلى داخل البلاد.
وأشارت في هذا الصدد، إلى مصادرة ضباط وكالة المخابرات والأمن الوطني، شحنتيْن من تلك الأسلحة، في ميناء مقديشو ومطارها في الآونة الأخيرة، معتبرة ذلك دليلاً على الصرامة، التي تتعامل بها السلطات في الوقت الحاضر، مع أي محاولة ترمي لمواصلة إغراق الصومال بالسلاح.
وحملت هاتان الشحنتان، اللتان شملتا أسلحة خفيفة وملابس ومعدات عسكرية بجانب مواد متفجرة، بيانات زائفة، تشير إلى أنهما، تحتويان على بضائع مخصصة للاستخدام التجاري، وواردات مُصرح بها.
ويُعتقد أن جانباً كبيراً من هذه المعدات، كان في طريقه إلى معاقل حركة «الشباب» في المناطق الجنوبية من الصومال.
وجاءت مصادرتها بعد أسابيع قليلة، من إحباط قوات الأمن الصومالية، عملية مماثلة لتهريب الأسلحة في وسط البلاد، وذلك إثر اشتباكات عنيفة، دارت بين الجيش وإرهابيي «الشباب».
ويقول مسؤولون أمنيون في مقديشو: «إن ضبط هذه الشحنات، التي شملت كذلك معدات اتصالات لاسلكية وأجهزة تصوير ليلي، قد يحبط خطط الإرهابيين، لشن هجمات على أهداف حيوية في العاصمة الصومالية، ومحاولاتهم التصدي للحملة العسكرية التي يواصلها الجيش والعشائر».