تهنئة السيسي وزيارة شكري لأنقرة.. تطورات متسارعة لتطبيع العلاقات بين مصر وتركيا

السبت 03/يونيو/2023 - 01:54 م
طباعة تهنئة السيسي وزيارة أميرة الشريف
 
يبدو أن فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سيفتح باب استمرار تطبيع العلاقات المصرية – التركية بعد ما يقرب من 7 سنوات على قطع العلاقات بين البلدين بسبب الخلافات التي أعقبت الإطاحة بالرئيس الإخواني الأسبق محمد مرسي عام 2013 وفرار العديد من أنصار جماعة الإخوان إلي أنقرة، بالإضافة إلى انطلاق العديد من القنوات التلفزيونية  والمنصات الإعلامية المعادية للنظام المصري بشكل صريح من داخل الأراضي التركية، مما أحدث فجوة بين البلدين وتصاعدت الأزمة بعد رفض تركيا تسليم رموز الجماعة لمصر.
وبعد انتخاب أردوغان لفترة ولاية جديدة ، بادر الرئيس عبد الفتاح السيسي بتهنئة نظيره التركي خلال اتصال هاتفي، حيث قرر الرئيسان البدء الفوري في ترفيع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين وتبادل السفراء.
وأعرب السيسي عن أمله في أن تجلب نتائج الانتخابات الرئاسية الخير للشعب التركي، كما بحث الجانبان الخطوات التي من شأنها تعميق العلاقات التركية المصرية على كافة الأصعدة وفي مقدمتها الاقتصاد.
وشدد الاتصال الهاتفي بين الزعيمين أيضا على "مباحثات حول مسائل إقليمية ذات اهتمام مشترك"، وفق البيان ذاته.
في سياق استمرار مسار التطبيع التام للعلاقات بعد جهود بين البلدين لتحقيق التقارب وطي صفحة الخلافات، توجه سامح شكري وزير الخارجية إلى العاصمة التركية أنقرة بتكليف من الرئيس عبدالفتاح السيسي، لتمثيل مصر في مراسم حفل تنصيب الرئيس التركي.
 وصرح السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بأنَّ مشاركة وزير الخارجية تأتي في إطار التطور الذي يشهده مسار العلاقات المصرية التركية خلال الفترة الأخيرة، وحرص الدولتين على عودة العلاقات الثنائية إلى طبيعتها بشكل كامل بما يحقق طموحات الشعبين المصري والتركي.
و منذ آواخر عام 2022 ، بدأت تظهر بوادر انفراجة لعودة العلاقات بين مصر وتركيا ، عقب لقاء الرئيس السيسي ونظيره التركي على هامش افتتاح كأس العالم لكرة القدم بقطر، بشكل غير متوقع.
هذا وقد، فرضت أنقرة في الفترة الأخيرة بعض الضوابط على الإعلاميين المحسوبين على تنظيم الإخوان بشأن وقف التحريض ضد مصر، واعتقلت بعضهم بسبب مخالفة تلك الضوابط،  وهو ما اعتبره النظام المصري بادرة استجابة من النظام التركي نحو الجدية في تطبيع العلاقات بينهما.
ورغم من أن ملف إعادة تطبيع العلاقات التركية المصرية، يشهد تطورًا ملحوظًا ، إلا أن ذلك يتطلب تلبية المطالب المصرية التي كان من بينها توقف الممارسات التركية في الإقليم الذي تتوغل فيه عسكرياً، خاصة في سوريا والعراق وليبيا، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
وكان ملف الإخوان، وخاصة الذين فروا إلى تركيا هربا من أحكام قضائية أو من قبضة الأمن، كان الملف الأصعب في العلاقات التركية المصرية، إذ يعتبر الإخوان الرئيس التركي أردوغان مناصرا لهم، وقد وفرت لهم تركيا منصة كانت تنطلق منها قنوات تلفزيونية معارضة للنظام المصري، وهو ما زاد من التعقيدات السياسية بين البلدين.
وأفادت دراسة للمركز الديمقراطي العربي للدراسات الإستراتيجية، بأنه حال توصلت تركيا ومصر إلى التوافق الشامل على مائدة مفاوضات إعادة التطبيع عبر تطويع مسارات العودة التي تتقاطع وتتناقض في العديد من الملفات ضمن التفاعلات الإقليمية والدولية هذا يتطلب من تركيا أن تتوقف عن التدخل في شؤون  الدول العربية، وتراجع التمدد العسكري بالمنطقة والاستجابة لمطالب مصر فيما يخص الملف الليبي، فإن ذلك سينعكس على العديد من القضايا أهمها على الإطلاق  القضية الفلسطينية نتيجة التحسن في العلاقات بين تركيا ومصر، بسبب تفاعلات التطبيع بين مصر وتركيا وانعكاساتها على العلاقات بين تركيا وإسرائيل.
وأشارت الدراسة إلي أنه في الوقت الذي تسعى فيه  تركيا  بالتوازي مع رغبتها في عودة العلاقات مع مصر، إلى تطبيع علاقاتها مع اسرائيل، وحين تتحرك مصر بثقلها  الذي لا يختلف عليه أحد في السياسة الفلسطينية، فسيكون التقارب التركي المصري شديد الفعالية بالنسبة لقوتين إقليميتين متقاربتين في وجهات النظر، مما يساهم في مواجهة السياسات الصهيونية التي تمارسها إسرائيل ضدالفلسطينيين والقضية برمتها، مما يعني أنه يمكن فرض الشروط التي تتجاهلها اسرائيل، ومنها صيغة حل الدولتين التي تتبناها كلا مصر وتركيا ضمن قائمة توجهات الدولتين بالنسبة للقضية الفلسطينية.
وسيؤدي تطبيع العلاقات، إلي نتائج إيجابية أيضاً على الوضع  المتأزم في شرق المتوسط، فضلاً عن التوصل لحل عادل وسلمي للأزمة الليبية، الذي أثبت الوضع الراهن في ليبيا بأن الحل بات أكثر صعوبة من ذي قبل، كما يمكن تخفيف حالة عدم الاستقرار الناجمة عن المشاكل القائمة في سوريا ولبنان، وأن تطبيع العلاقات بصورة مرنة سيراعي حلحلة الموقف بشأن غاز شرق المتوسط, بالنسبة إلى تقاسم موارد الطاقة وإيصالها إلى الأسواق العالمية.
ومما لا شك فيه أن إعادة تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا خطوة في غاية الأهمية، فعلى الصعيد الداخلي أمام معارضي كلا النظامين السياسيين وعلى الصعيد الإقليمي والدولي، فالدولتان بحكم الموقع والتاريخ والثقافة تعتبران مركزا ثقل واستقرار شرق البحر الأبيض المتوسط.
ويرى مراقبون أن المنطقة تشهد إعادة تشكيل على أساس برغماتي بين دول المنطقة، وهو ما قد يسهم في ظهور تحالفات جديدة تبحث بها هذه الدول عن حل للأزمات العميقة التي تعاني منها، وخاصة الأزمات الاقتصادية والسياسية، وخصوصا تلك التي أعقبت الحرب في أوكرانيا.

شارك