تفجيرات بدخشان في أفغانستان والتأثير الأوسع لفشل طالبان في الحكم
الأحد 11/يونيو/2023 - 11:05 ص
طباعة
حسام الحداد
يستمر تنظيم الدولة "داعش" في مخواصلة زعزة حكم طالبان افغانستان بتصعيد عملياته على الأرض التي ترتفع وتيرتها وتتزايد من وقت لأخر، وفي استعراض مروع للعنف، قتل نزار أحمد أحمدي، القائم بأعمال حاكم ولاية بدخشان شمال شرق أفغانستان، في انفجار سيارة مفخخة في 6 يونيو 2023. هذا الحادث المروع، الذي تبناه تنظيم الدولة "داعش"، هو تذكير صارخ بالصراع المستمر الذي تواجهه حكومة طالبان الحاكمة في أفغانستان في الحفاظ على القانون والنظام وبسط سلطتها في البلاد.
وتشكل هذه الحوادث جزءا من سلسلة من الهجمات المميتة ضد كبار مسؤولي طالبان. وقد أعلن تنظيم الدولة ولاية خراسان، الفرع الأفغاني لتنظيم "داعش"، مسؤوليته عن العديد من هذه الهجمات. وتشن طالبان غارات ضد عناصر تنظيم الدولة في خراسان، ومع ذلك تستمر الهجمات، مما يشير إلى أن جهود الجماعة لمكافحة الإرهاب غير كافية. وقبل تفجير السيارة المفخخة الأخير، قتل قائد شرطة المحافظة أيضا في هجوم مماثل، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنه أيضا، في ديسمبر 2022. وعلاوة على ذلك، أودى انفجار داخل مسجد خلال جنازة أحمدي بحياة 19 شخصا على الأقل، بمن فيهم قائد أمن طالبان السابق في مدينة بغلان.
منذ أن استأنفت طالبان السلطة في أفغانستان في أغسطس 2021 ، برز داعش كتهديد كبير لحكم طالبان. واستهدفت الجماعة المتشددة مسؤولي إدارة طالبان، مما أسفر عن مقتل وإصابة مئات الأشخاص، بمن فيهم أجانب وأفراد من أقلية الهزارة، في محاولة لتقويض حكومة طالبان.
وتسلط هذه الحوادث الضوء على التحديات الأمنية الداخلية المتزايدة التي تواجه إدارة طالبان، التي تحاول فرض سلطتها وسيطرتها في بلد شهد سنوات من الحرب والصراع. وعلى الرغم من أن طالبان تشن غارات ضد أعضاء داعش، إلا أنها فشلت حتى الآن في إخماد العنف وتأمين سلامة مسؤوليها والسكان على نطاق أوسع.
إن سلسلة حوادث العنف الأخيرة تطرح السؤال التالي: هل فشلت طالبان في الحكم بفعالية؟ إن عجز طالبان عن ضمان سلامة مسؤوليها من هجمات تنظيم داعش والجماعات المتطرفة الأخرى يشير إلى انعدام السيطرة ويثير شكوكا جدية حول قدرتها على حكم بلد دمره الصراع وهو في حاجة ماسة إلى الاستقرار والأمن.
مثل هذا الوضع يمكن أن يكون له آثار وخيمة:
أولا: يثير شبح صراع طويل الأمد داخل البلاد، حيث تحاول جماعات مثل داعش خراسان زعزعة استقرار حكم طالبان.
ثانيا: إنه يعرض للخطر أي جهود ترمي إلى التعمير والتنمية في بلد مزقته بالفعل سنوات من الصراع.
وأخيرا: قد يؤدي استمرار عدم الاستقرار إلى أزمة إنسانية أكبر، حيث يتحمل المدنيون وطأة العنف المتصاعد.
وبينما يبدو أن طالبان قد اتخذت بعض الخطوات للحد من الأنشطة غير المشروعة مثل زراعة الأفيون، فإن تصاعد العنف والاغتيالات المستهدفة تشير إلى أن الإدارة تكافح من أجل الحفاظ على القانون والنظام. وهذا يثير القلق بشأن مستقبل أفغانستان تحت حكم طالبان واحتمال استمرار عدم الاستقرار والعنف.
يمتد تأثير صراعات طالبان إلى ما وراء حدود أفغانستان. تشترك مقاطعة بدخشان ، على وجه الخصوص ، في الحدود مع الصين وباكستان وطاجيكستان. إن استمرار العنف وإمكانية أن تصبح المنطقة مرتعا للأنشطة المتطرفة يمكن أن يشكل تحديات أمنية كبيرة لهذه البلدان المجاورة.
علاوة على ذلك، فإن صعود جماعات مثل داعش خراسان وعدم قدرة طالبان على كبح أنشطتها يمكن أن يؤدي إلى تداعيات جيوسياسية أوسع. ووفقا للجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، فإن تنظيم الدولة في خراسان يمكن أن يشن هجوما ضد المصالح الأمريكية أو الغربية من القواعد الأفغانية قبل نهاية العام.
إن تصاعد العنف في أفغانستان، الذي تجسد في تفجيرات السيارات المفخخة الأخيرة في مقاطعة بدخشان، يؤكد فشل طالبان في تأمين البلد والوفاء بوعودها بالاستقرار. وتتطلب العواقب المحتملة، من الصراع الداخلي المستمر إلى عدم الاستقرار الإقليمي، اهتماما عاجلا من المجتمع الدولي. ويبقى أن نرى ما إذا كان بإمكان طالبان تكييف استراتيجياتها لمكافحة هذه التحديات بفعالية أو ما إذا كانت أفغانستان ستظل مركزا للصراع وعدم الاستقرار.